قضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار سعيد مرعى عمرو، رئيس المحكمة، برفض الدعوى رقم 203 لسنة 36 قضائية “دستورية”، التى حددت نطاقها فى الطعن على دستورية صدر الفقرة الأولى، والفقرة الرابعة من المادة (375 مكررًا ” أ “) من قانون العقوبات، المضافة بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة2011، فيما تضمنته من مضاعفة الحدين الأدنى والأقصى لعقوبة جنحتى الضرب والإتلاف العمدى، المؤثمتين بالفقرات الثلاث الأول من المادة (242)، والفقرتان الأولى والثانية من المادة (361) من قانون العقوبات، التى تقع بناءً على ارتكاب جريمة البلطجة، والحكم بوضع المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه، بحيث لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنين.
وصرح المستشار محمود محمد غنيم، نائب رئيس المحكمة، ورئيس المكتب الفنى بأن الحكم تأسس على أن تشديد العقوبة المرصودة لجنحتى الضرب والإتلاف العمدى التى تقع بناء على ارتكاب جريمة البلطجة، قصد به مواجهة الخطورة الإجرامية للجانى، الذى قرن أعمال البلطجة، بجريمة أخرى، مستغلاً فى ذلك عجز المجنى عليه، الذى روعته أعمال البلطجة، عن الدفاع عن نفسه وماله، مما يستأهل معه تشديد العقوبة، لردع الجانى ومنع غيره من مجاراته فى الإثم ذاته. وقد التزم المشرع فى ذلك بضوابط التفريد التشريعى والتفريد العقابى، تاركًا للقاضى سلطة واسعة فى إنزال العقوبة المناسبة لكل حالة على حده، والأمر ذاته فى شأن تقديره لعقوبة وضع المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية تحت مراقبة الشرطة. للمدة التى يقدرها وفقًـــا للضوابط الواردة بالنص بعد تنفيذ المحكوم عليه للعقوبة الأصلية، بما يضمن عدم عودته لارتكاب الجريمة، توكيدَا لاستقامة سلوكه على السوية.
ثانيًا: حكمت المحكمة برفض الدعوى رقم 99 لسنة 40 قضائية “دستورية”، المحالة من محكمة جنايات الجيزة، بطلب الفصل فى دستوريــــة نص المادة (210) من قانــــون العقوبات، فيما نصت عليه من إعفــــاء الجنــــاة من عقوبــــة جنايــــة تقليد أو تزوير علامات إحدى المصالح أو الجهات الحكومية، أو استعمال هذه الأشياء مع العلم بتقليدها، أو تزويرها، المؤثمة بالمادة (206) من القانون ذاته، إذا أخبروا الحكومة بالجريمة قبل تمامها أو قبل الشروع فى البحث عن الجناة، وعرفوها بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع فى البحث عنهم.
وقد تأسس الحكم على أن المشرع استهدف من هذا الإعفاء تحقيق مصلحة عامة جوهرية، للكشف عن الجنايات المشار إليها، والوقوف على مرتكبيها والقبض عليهم، وضبط المحررات محل الجريمة، لخطورتها ونيلها من الثقة الواجب توافرها فى المحررات الرسمية، خاصة أن تلك الجريمة يكون الخفاء والخداع عنصرًا رئيسيًّا من مكوناتها، وهى بطبيعتها عصية على الكشف، وتصعب معها مهمة سلطات الدولة فى اكتشافها والقبض على مرتكبيها، وهو مبرر كاف ومقبول لإعفاء الجانى من العقوبة، نظير الخدمة التى يقدمها للعدالة وللمصلحة العامة. وتتولى المحكمة تقدير توافر شروط إعمال هذا الإعفاء، دون أن تتخذ من اعتراف أحد المتهمين دليلاً على غيره من المتهمين، وتحكم فى الدعوى بحسب العقيدة التى تكونت لديها، فى ضوء ما تقدمه النيابة العامة من أدلة، وما يطرحه المتهمين الآخرين من دفاع ودفوع.
ثالثًا : الحكم فى الدعوى رقم 66 لسنة 31 قضائية “دستورية”، بعدم دستورية المادة (5 مكررًا) من القانون رقم 35 لسنة 1978 فى شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، المعدلة بالقانــــــون رقــــــم 8 لسنة 2003، فيما نصــــــت عليه مــــــن عقوبة الحبس فى مجال سريانها على نص الفقرة الثانية والشطر الأخير من الفقرة الرابعة من المادة (5) من القانون ذاته، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.
وقد تأسس الحكم على أن ما ورد بنص المادة (5) من القانون المشار إليه من حظر التعاقد أو التشغيل لغير الأعضاء العاملين بالنقابة أو غير الحاصلين على تصاريح عمل مؤقتة، وكذا عقوبة الغرامة الواردة بنص المادة (5 مكررًا) من ذلك القانون، لكل من يخالف ذلك، يتوافق مع أحكام الدستور. أما بخصوص عقوبة الحبس المرصودة لمن يزاول العمل الفنى دون أن يكون مرخصًا له بذلك من النقابة المختصة، فيتعارض مع حرية الإبداع الفنى، بوصفها فرعًا من حرية التعبير، ومظهرًا من مظاهرها.
رابعًا : حكمت المحكمة فى الدعوى رقم 11 لسنة 42 قضائية “تنازع”، بالاعتداد بالحكم الصادر من محاكم القضاء العادى، دون الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى، على سند من أن العقد المبرم بين الجهة الإدارية، وأحد المواطنين، لا يتضمن شروط استثنائية غير مألوفة فى مجال عقود القانون الخاص، أو يفصح عن تمتع جهة الإدارة بامتياز قبل المتعاقد معها يندرج ضمن خصائص السلطة العامة، أو يكشف عن لجوئها لأشكال من وسائل القانون العام. ومن ثم فإن هذا العقد يعتبر من عقود القانون الخاص، الذى تختص بنظر المنازعــــــــات التى تثور بشأنها جهة القضاء العادى. ولا يغير من ذلك صدور قرار من الجهة الإدارية بإنهاء العلاقة الإيجارية وإخلاء العين المؤجرة، لكونه لا يخلع عليه فى كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإدارى، وإنما يلزم حتى يتحقق له هذا الوصف أن يكون كذلك فعلاً من حيث موضوعه وفحواه، فإذا ما تعلق القرار بمسألة من مسائل القانون الخاص، كما هو الشأن فى الحالة المعروضة، خرج عن عداد القرارات الإدارية بالمعنى الدقيق، أيًّا كان مصدره، ومهما كان موقعه من مدارج السلم الإدارى.