تظهر كل فترة و اخرى فتاوى تثير غضب المجتمعات ، سواء المصرية او العربية بشكل عام ، كان اخرها فتوى للدكتورة آمنة نصير والتي أثارت ضجة من ليلة أمس حتى الأن بين أوساط الجهات الدينية أو في الشارع المصري عامة.
الفتوى التي اطلقتها الدكتورة آمنة نصير لاقت رفضا كبيرا بين الأوساط ، خاصة و أن الفتوى لا تعتمد على صحيح القران او السنة او ترتبط بفتاوى قديمة لعلماء أو جهات معتمدة دينية سواء داخل مصر أو خارجها.
وطلت الدكتورة آمنة نصير بفتوى جديدة تجيز زواج المرأة المسلمة من شخص يتبع ديانات اخرى سواء مسيحية أو الديانة اليهودية أو حتى البوزية.
وأكدت الدكتورة امنة نصير ان المرأة المسلمة في فتواها من حقها الزواج بشخص من غير دينها سواء كان مسيحي او يهودي او اي ديانة اخرى.
واوضحت نصير ان ذلك لابد من توافر شروط ومنها عدم اكراهها على ترك دينها، مشيرة في الوقت نفسه إنه لا يوجد نص يحرم زواج المسلمة من غير المسلم، مشيرة إلى أن غير المسلم هو “المسيحي واليهودي” وهم من أهل الكتاب “القرءان اللي سماهم كدا ومش منكرين لله سبحانه وتعالى”.
وأضافت نصير، أن غير المسلم إذا طبق مع زوجته المسلمة، ما يطبقه مع زوجته المسيحية أو اليهودية، بأن لا يكرهها على تغيير دينها ولا يمنعها من مسجدها ولا يحرمها من قرآنها ولا يحرمها من أداء صلاتها فلا يوجد مانع والأولاد يتبعون الأب”.
دار الإفتاء ترد
واصطدمت الدكتور نصير مع رأي دار الإفتاء المصرية والتي بدورها اوضحت في فتاوى سابقة حيث أجاب على هذا التساؤل فضيلة الشيخ بكري الصدفي وهو ثالث مفتي للديار المصرية، وأكد أن زواج المسلمة بشخص من غير دينها يعد نكاح باطل ويلزم التفريق بينهما، ولا يترتب عليه شيء من أحكام النكاح الصحيحة.
و لا يحل للمسلم أن ينكح غير المسلمات إلا إذا كانت كتابية؛ نصرانية أو يهودية، فلا يحل له أن ينكح من تدين بغير هاتين الديانتين، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾ [المائدة: 5].
يقول الإمام الطبري في “تفسيره” (9/ 581، ط. مؤسسة الرسالة): [﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ يعني: والحرائر من الذين أُعطُوا الكتاب وهم اليهود والنصارى الذين دانوا بما في التوراة والإنجيل من قبلكم، أيها المؤمنون بمحمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم من العرب وسائر الناس أن تنكحوهن أيضًا، ﴿إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ يعني: إذا أعطيتم من نكحتم من محصناتكم ومحصناتهم، ﴿أُجُورَهُنَّ﴾ وهي مهورهن] اهـ.
ولا يحل للمسلم أن ينكح المجوسية أو الوثنية أو ما يشبههم؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾ [البقرة: 221].
أما المسلمة فلا يحل لها أن تتزوج بغير المسلم مطلقًا؛ لا من اليهود والنصارى، ولا من غيرهم من غير المسلمين؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة: 221].
فالإسلام أجاز للمسلم أن يتزوج من أهل الكتاب، ولكنه لم يجز لغير المسلم أن يتزوج مسلمة؛ حيث إن المسلم مؤمن بجميع الأنبياء والمرسلين، ودينه يأمره باحترامهم وتقديسهم، فإذا تزوج الكتابية غير المسلمة أحست معه بالاحترام وأدت شعائر دينها في أمان وسلام؛ لأنه يقرّ بدينها ويؤمن بجميع الأنبياء والرسل مع إيمانه وإقراره بأن دين الإسلام هو المهيمن على سائر الأديان ورسالة الله الأخيرة إلى العالمين، وأن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وربما دعاها هذا الخلق الحسن وهذه الأريحية في التعامل إلى حب الإسلام والدخول فيه، أما غير المسلم فليس مؤمنًا بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيًّا ورسولًا، فإذا تزوج من المسلمة فلن تستطيع أداء دينها في أمان وسلام، ولن تشعر بالاحترام الكافي لدينها ونبيها صلى الله عليه وآله وسلم، مما يجعل الحياة الزوجية قلقة ومزعزعة، أما الإسلام فهو نسق مفتوح يؤمن بكل الأنبياء وتتسع صدور أتباعه لكل الخلق.
دليل قرأني
ومن التساؤلات التي طرحها الكثير من عامة الناس هي “هل يوجد دليل في القرآن على تحريم زواج المسلمة من كتابي؟
الكتابي هو الذي يعتنق الديانة المسيحية أو اليهودية، والإجابة نعم حيث ورد في القرآن الكريم آيات تدل على تحريم زواج المسلمة بشخص من غير دينها، ورد ذلك في قول الله تعالى:﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾ [المائدة: 5]، وإنما قال: ﴿وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾ أي يحل لكم أن تطعموهم من طعامكم؛ للتنبيه على أن الحكم في الذبائح مختلف عن المناكحة؛ فإن إباحة الذبائح حاصلة في الجانبين، بخلاف إباحة المناكحات فإنها في جانب واحد؛ هو حِلُّ زواج المسلم من الكتابية، بخلاف العكس؛ فلا يحل للكتابي أن يتزوج بمسلمة.
وبدوره قال الشيخ محمد حسانين أحد مشايخ وزارة الاوقاف أن العلة الأساس في هذه المسألة تعبدية؛ بمعنى عدم معقولية المعنى -وذلك في كافة الشرائع السماوية-، فإن تجلّى بعد ذلك شيءٌ من أسباب هذا التحريم فهي حِكَمٌ لا عِلَل. فالأصل في الزواج أنه أمرٌ لاهوتيٌّ وسرٌّ مقدس، وصفه ربنا تبارك وتعالى بالميثاق الغليظ؛ فقال تعالى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: 21].
الإفتاء ترد على آمنة نصير بشأن زواج المسلمة من مسيحي أو يهودي: باطل ولا يجوز
واعتبر الدكتور محمد عبدالغفار احد اساتذة الفقة والمعار لاحدى الدول العربية حاليا ان هذه الفتوى هي افلاس في الفتاوى ، مطالبا في الوقت نفسه بضرورة التصدي لمثل تلك الفتاوى بحيث لا تخرج الا من دار الافتاء وهي الجهة الوحيدة المنوط بها اصدار الفتاوى وهي المعتمدة من قبل الحكومات والجهات الرسمية بجانب فتاوى مشيخة الازهر والمعتمدة عالميا.
وقد تحدث الفقهاء في الحكمة من هذا التحريم فقالوا: إنه لو جاز ذلك لكان للزوج غير المسلم ولاية شرعية على الزوجة المسلمة، والله تعالى لم يجعل لغير المسلمين على المؤمنين سبيلًا شرعيًّا، بخلاف إباحة الطعام من الجانبين فإنها لا تستلزم محظورًا.
احترام العقيدة
وقالوا: إن المسلم إذا تزوج من مسيحية أو يهودية فإنه مأمور باحترام عقيدتها، ولا يجوز له -من وجهة النظر الإسلامية- أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها والذهاب من أجل ذلك إلى الكنيسة أو المعبد، وهكذا يحرص الإسلام على توفير عنصر الاحترام من جانب الزوج لعقيدة زوجته وعبادتها، وفي ذلك ضمان وحماية للأسرة من الانهيار.
أما إذا تزوج غير مسلم من مسلمة فإن عنصر الاحترام لعقيدة الزوجة يكون مفقودًا؛ فالمسلم يؤمن بالأديان السابقة، وبأنبياء الله السابقين، ويحترمهم ويوقرهم، ولكن غير المسلم لا يؤمن بنبي الإسلام ولا يعترف به؛ لأن الإيمان به والاعتراف بصحة ما جاء به يعني ضرورة اتباعه، وحينئذٍ لا مناص له من أن يكون مسلمًا، بل إنه بعدم اتباعه للإسلام يعتبره نبيًّا زائفًا وَيُصَدِّق -في العادة- كل ما يشاع ضد الإسلام وضد نبي الإسلام من افتراءات وأكاذيب، وما أكثر ما يشاع.