تحل اليوم الذكرى المأساوية التي شهدها رجال لقمة العيش في عرض البحر ، لـ غرق الباخرة السلام 98 ، والتي لازالت حادث مروعًا يسكن أذهان كل المصريين على فقدان أحبتهم اثناء رحلتهم بين مصر والسعودية بحثًا عن قوت اليوم ولقمة العيش وأمن وأمان المستقبل.
وكان أخر ما نطقه راكبي العبارة «المركب بغرق يا قبطان»، «أي لايف جاكت -سترة ناجة-» وتم رصد هذه التسجيلات الأخيرة التي احتفظ بها الصندوق الأسود للعبارة السلام 98 ، قبل غرقها مباشرةً ، موثقاً صوت مساعد قبطان السفينة ، في حالة من الفزع من هول ما يرى محاولاً النجاة بالعبارة التي ابتلعتها المياه وغمرتها حتى عمق البحر.
ويعد اليوم الاربعاء الموافق 3 فبراير هو الذكرى الخامسة عشر لغرق العبارة السلام 98 ، التي غمرتها المياه في عام 2006 عندما كانت في طريقها من ميناء ضبا بالسعودية إلى ميناء سفاجا بجمهورية مصر العربية ، وذلك على بعد 57 ميلًا من مدينة الغردقة وكانت تحمل 1312 مسافرا و28 من طاقم السفينة ، لكن العبارة فقدت توازنها نتيجة حريق داخل غرفة محرك السفينة ، استمر أربع ساعات باءت محاولات السيطرة عليه بالفشل، وانتشرت النيران بسرعة فائقة في جميع نواحي العبارة ، الامر الذي قاد لغرق السفينة ومعه 1033 راكب غريقاً فيما أصيب 377 آخرون من راكبيها.
شهود العيان وأدلى شهود العيان إن طاقم السفينة الغارقة حال بين الركاب وبين سترات النجاة ، وطمأنوهم أن الأمر لا يستدعي القلق ، وأفاد آخرون أن قبطان العبارة فر من السفينة المحترقة في قارب إنقاذ وترك الركاب يواجهون مصيرهم ، لكن قبطان السفينة «صلاح عمر» يعد في عداد الموتى رسمياً بعد الحادث الأليم.
الصندوق الأسود
بالبحث في الصندوق الأسود للعبارة الغارقة ، رصدت السلطات المصرية عدة تسجيلات للقطات من اللحظات الأخيرة قبل غرق السفينة ، متمثلةً في صوت القبطان اثناء سعيه وسط محاولة لإرسال رسائل الاستغاثة للميناء الأقرب له سفاجا أو ضبا السعودية ، وطالب القبطان أحد مساعديه من الطاقم طمأنة الركاب لهدوء الوضع.
واصناء محاولات قبطان السفينة الغارقة العبارة السلام 98 ، للوصول إلى الاستغاثة ، سمع مساعدة هو يؤكد أن العبارة ستغرق لا محالة ، وهو يهرع قائلاً: «المركب بتغرق يا قبطان» وظل يرددها المركب بتغرق يا قبطان وسجل ذلك الصوت الصندوق الاسود للعبارة.
غرق العبارة
وعقب تواتر الأنباء عن غرق العبارة “السلام 98” ، اقتحم مئات من أهالي ركاب العبارة صباح السبت مبنى ميناء سفاجا البحري بعدما اخترقوا الطوق الأمني المفروض حوله للاحتجاج على عدم حصولهم على معلومات حول مصير ذويهم القادمين من السعودية .
العثور على حطام السفينة
وترك حادث عبارة السلام 98 المصرية ، جرحًا لم يضمد بعد ، وفي العام الماضي بعد 14 عام من الحادث أطلق عدد من العاملين في قطاع الغوص والأنشطة البحرية بالبحر الأحمر حملة للعثور على حطام السفينة الغارقة أو أي من متعلقاتها على أمل وجود خيط أخر يستدل به عن غرقها.
أهالي الضحايا والناجين
لم يستطع أهالي الناجين والمصابين أو الغارقين بالحادث ، نسيان هذا الموقف الأليم ، ومن كل عام يتذكرون تلك المأساة التي تعرض لها ذويهم في عمق البحر ، من غرق وهلاك.
وجاء بعد تلك الواقعة الأليمة ، العديد من القصص الإنسانية التي لا تنسى حول يأس الضحايا من الإنقاذ ، بعد أن قضي بعضهم أكثر من 12 ساعة في البحر يحارب البرد وأسماك القرش المفترسة ليلقى مصيره بالموت، فيما المقابل كتبت حادثة العبارة النهاية لحياة ما يزيد عن 1000 ضحية في عمق البحر.
براءة المتهمين بغرق العبارة
بعد غرق العبارة وهلاك من عليها ، رفع ذوي الضحايا والناجين دعوة قضائية أمام محكمة جنح سفاجا ، على عشر أشخاص، لاتهامهم في التسبب بغرق السفينة ، من بينهم رجل الأعمال الشهير ممدوح إسماعيل ، رئيس مجلس إدارة الشركة المالكة للعبارة السلام 98.
ففي 27 يونيو لعام 2008 ، حكمت محكمة جنح سفاجا ، ببراءة جميع المتهمين في قضية العبارة السلام 98، باستثناء «صلاح جمعة» قبطان العبارة سانت كاترين ، حيث قضت بحبسه ستة أشهر وكفالة 10 آلاف جنيه اثر الحادث.
و يذكر أن قبطان العبارة سانت كاترين أول من اكتشفت كارثة غرق «السلام»، وأبلغ الشركة المالكة والسلطات الملاحية رسالة الاستغاثة الأولى التي تلقاها، وأفادت بغرق العبارة بالكامل.
وكان قد اشار منذ عدة سنوات القبطان في تصريحات صحفية له عقب الحادث أنه لم يذهب لموقع الغرق لأنه كان على بعد ساعتين ونصف الساعة على الأقل أو ثلاث ساعات ، بينما كان على بعد ساعة واحدة من «السعودية» ومعه 1800 راكب.
لكن أسر الضحايا استأنفوا على الحكم، لتقضي محكمة جنح سفاجا مستأنف بحبس ممدوح إسماعيل، رئيس مجلس إدارة الشركة المالكة للعبارة الغارقة «السلام»، 7 سنوات مع الشغل والنفاذ، وكل من ممدوح العرابى ونبيل سيد شلبى مدير الأسطول 3 سنوات مع الشغل والنفاذ.
كما قضت برد استئناف صلاح جمعة ومحمد عماد الدين أبوطالب وعمرو ممدوح إسماعيل، وتم الحكم غيابيا على المتهمين الثلاثة ماعدا صلاح جمعة الذي قبل استئنافه شكلا ورفض موضوعا، وتقدر العقوبة السابقة في حكم أول درجة بالحبس 6 شهور.
عقدت الجلسة للنطق بالحكم في القضية المتهم فيها 10 أشخاص وانقضت الدعوى الجنائية لـ4 منهم بالوفاة، وأشهرهم سيد عمر قبطان العبارة.
ورغم إدانه إسماعيل إلا أنه لم يقض يوماً واحداً في السجن حيث هرب هو ونجله إلى بريطانيا، في أبريل 2012 أرسلت وزارة الداخلية «نشرة حمراء» للمتهمين المطلوبين بالخارج، لتسليم «إسماعيل»، لكن بريطانيا غير موقعة على اتفاقية تسليم المتهمين المطلوبين.
وفي 2014، وافق النائب العام على طلب محامي صاحب العبارة السلام، بانقضاء الدعوى الجنائية في القضية، تلا ذلك في 2015 برفع اسم ممدوح إسماعيل من قوائم منع وترقب الوصول بجميع المطارات والموانئ، ليسدل بذلك الستار على كارثة عبارة الموت في المحاكم.