كتبت-سارة لطفي
علي الرغم من الوفورات السلبية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا و انعكاس هذه الوفورات علي جميع القطاعات و الأنشطة الأقتصادية في مختلف دول العالم ،الا أن الاقتصاد المصري و خطط الاصلاح الاقتصادي التي تم اتباعها منذ عام 2016 علي صعيد مختلف المجالات خلال السنوات الأخيرة ، ساعدت في تعزيز و دعم قدرة الاقتصاد و السوق المصري علي مواجهه و التصدي للتحديات القائمة مقارنة بالأسواق الناشئة و المحيطة.
و كان من أبرز الأدلة علي سلامة و فعالية خطط الاصلاح المتبعة هي تقارير مؤسسات التصنيف الدولية و هي متمثلة في تقرير مؤسسة فيتش الأخير بالابقاء علي التصنيف مع بي بلس لمصر بالعملتين المحلية و الأجنبية ، و هذا يوضح النظرة الايجابية المستقبلية المستقرة و قدرتها علي تجاوز هذه الأزمة الراهنة .
و تللك المؤشرات الإيجابية يستفاد منها في تعزيز الاقتصاد المصري و زيادة جاذبية الصوق المصري لدي المستثمرين و تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة و زيادة النقد الأجنبي و التي ستؤثر بشكل فعال علي قيمة العملة المحلية، و أيضاً بجانب النظرة الايجابية للمؤسسات الدولية ، تتمتع السوق المصرية بالعديد من المقومات التي تساهم في استقطاب مزيد من الاستثمارات المباشرة مثل تنامي الفرص الاستثمارية في أغلب القطاعات الاستراتيجية بالاخص قطاع الطاقة ، اللوجيستيات ، تكنولوجيا المعلومات و الخدمات الالكترونية و أيضاً القطاع الصناعي و هو الركيزة الاساسية للاقتصاد المصري.
و أشاد الخبراء بسياسة البنك المركزي المصري في التةجه نحو تخفيض سعر الفائدة، فهو بذلك يشجع الاستثمار و يستعيد السيولة في البنوك مع ضرورة تقديم حزمة من الاعفاءات الصريببة و تسهيل الحصول علي تراخيص.
مصر والاستثمارات الأجنبية المباشرة
و بحسب التقرير السنوي لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة و التنمية (الأنكتاد) حول الاستثمار العالمي ، اختفظت مصر بموقع الصدارة من حيث أكبر الدول المتلقية للاسثمارات الأجنبية المباشرة في إفريقيا عام 2019 . حيث تراجعت تدفقات الاستثمار الأجنبي في كافة الدول الأفريقية باستثناء مصر ، حيث وصلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الي 9 مليار دولار .
و شهدت السوق المصرية علي مدار ال6 سنوات الأخيرة زيادة في حجم الاستثمارت المباشرة بنسبة تزيد عن 250% .و ذلك جاء بالتزامن مع جهود الدولة المبذولة لتوفير مناخ صحي للاستثمار خلال الفترة من 2014 حتي الآن.
مصر إحدي نقاط جذب الاستثمار الاجنبي
قال محمد حسن، العضو المنتدب لميداف لإدارة الأصول أن مصر تعد إحدى نقاط جذب الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة الراهنة وذلك بشهادة مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية وعلى رأسها موديز وفيتش وستاندرد آند، و خاصة أن الدولة سعت في الأعوام الماضية إلي تدعيم الاستقرار الأمني و السياسي و العمل علي توفير بيئة مناسبة للاستثمار و البدء في تنفيذ اصلاحات اقتصادية في عام 2016 نتيجة لاطلاق برنامج الاصلاح الاقتصادي ، لجذب الاستثمارات الاجنبية و الاصلاحات التشريعية.
تابع : ” وعلى الصعيد العالمى انخفض الاستثمار الأجنبى المباشر العالمى فى عام 2019، بنسبة 13% بنحو فى 1.3 تريليون دولار، والانخفاض للسنة الرابعة على التوالى فى الاستثمار الأجنبى المباشر بشكل رئيسى بسبب عمليات إعادة العائدات الأجنبية المتراكمة من قبل الولايات المتحدة”
أضاف أن خطط الإصلاح نجحت في تعزيز مقومات السوق المصرية لتصبح الوجهة الاستثمارية الأكثر جذبًا في المنطقة، خاصة عقب نجاح برنامج الإصلاح في أن تكون الاستثمارات وصافى الصادرات هما المحركان الأساسيان للنمو بدلًا من الاستهلاك، الذي كان المحرك الأساسي للنمو فى سنوات ما قبل الإصلاح الاقتصادى، في حين أصبح القطاع الخاص هو المحرك الرئيسى للاستثمار فى مصر لأول مرة منذ 10 سنوات ، ليساهم فى الاستثمارات الكلية بنمو الناتج بمعدل 2.4%، وهذا من إجمالى النمو البالغ
5.3%. و من المتوقع أن تستعيد السوق المصرية جزء من تعافيها الكامل خلال العام بنسبة نمو تتراوح ما بين 2 : 4% بالتزامن مع المباشرة والغير مباشرة بمختلف القطاعات والتى من المقرر عودتها فور الإعلان عن إكتشاف لقاح او مصل لفيروس كورونا”.
و أكد أن علي الرغم من الجهود المستمرة لتسحين المناخ الاستثمار ، مازال يوجد هناك عوائق أمام جذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية المباشرة و التي يتمثل من أهمها ارتفاع أسعار الفائدة مقارنة بباقي الدول و هذا يؤدي الي عزوف كثير من المستثمرين عن ضخ استثمارات جديدة فضلا عن البيروقراطية التي يعاني منها الاقتصاد المصري
و أكد أيضاً أنه علي الرغم من المقومات الايجابية التي يتمتع بها السوق المصرية مازال هناك العديد من المتطلبات اللازمة لزيادة التدفقات الخارجية . و هذا الامر يتطلب التركيز علي عدة محاور منها زيادة الاجراءات المحفزة للاستثمار مثل الاعفاءات الضريببة و أيضاً العمليات التسويقية ، و التأكيد علي أهمية بورصة النيل و أثرها علي الاقتصاد المصري من دعم الصناعات المتوسطة و الاهتمام بالبنية التحتية و و تسهيل حركة النقل .
و السوق المصرية بحاجة الي إصلاح المنظومة الضريبية و هي أكبر معضلة و تحديداً الجهاز الضريبي و أن سرعة اصلاحها مطلب عاجل ، و بالتالي فان السوق المصرية تتطلب الفترة الحالية تقليل الضرائب لجذب الاستثمار و زيادة جاذبية مناخ الاستثمار التنافسي و زيادة رفع الدولة ,اضباً فكرة الرسوم التي يجب أن تتناسب مع حجم الخدمات المقدمة .
و يجب أيضاً مراجعة كافة القوانين و الاجراءات و التمويل البنكي و إيجاد منظومة حديثة للتسجيل العقاري.
أما بالنسبة للقطاعات المتوقع نشاطها ، أوضح أن القطاع الصحي يمكن أن يجذب المزيد من الاستثمارات خلال الفترة المقبلة و يعتبر بيئة خصبة و مجال حيوي لصفقات اندماج كافة الخدمات الطبية و التي تتمتع حالياً بفرص استثمارية و جذابة.
بالاضافة الى قطاعات أخرى ممثلة في قطاع التكنولوجيا والتجارة الالكترونية بجانب قطاع التعليم وأخيرًا القطاع الصناعي والزراعي والذي أثبتت الأزمة الأخيرة أهميته في مواجهة التحديات الحالية، وهو ما تحتاج المنظومة الاقتصادية في مصر الى تطوير القطاع الصناعي وتعميقها.
سياسات سعر الفائدة و زيادة الاستثمارات الاجنبية
وأكد محمود سليم، الخبير الاقتصادي، أن استعادة نشاط الاستثمار المباشر بالسوق المصرية، مرتبط باستقرار الوضع الاقتصادي إقليمًا ودوليًا، موضحًا أن استمرار سيطرة حالة التخوف من فيروس كورونا وعدم القدرة على التنبؤ بوقت انتهاء و انحسار الوباء ، بلاشك سيدفع المؤسسات المالية والمستثمرين لإرجاء أغلب استثماراتهم بكافة الأسواق الناشئة، وهو بالتبعية ما سيؤدي لتقليص و تقليل حجم رؤوس الأموال الأجنبية التي يتم ضخها خلال العام المالي الجاري
أضاف أن فيروس كورونا أثرت سلبياً علي معدل الاستثمارات المباشرة منذ بداية العام الجاري و لكمها لم تفقد السوق المصرية المقومات التي تؤهلها لتصدر القائمة الاستثمارية لأغلب المؤسسات المالية بعد انتهاء هذه الازمة و خاصة مع الاستقرار السياسي و قوة القطاع المصرفي و تنامي الاستثمارات في القطاعات الاستراتيجية، و تساعد تلك العوامل في زيادة الطلب الاستثماري.
وعلى صعيد أبرز المتطلبات اللازمة لسرعة تعافي معدلات الاستثمار المباشر من التباطؤ الذي شهدته خلال العام المالي الماضي 2019/2020، أشار لتوجه البنك المركزي لتخفيض أسعار الفائدة وإلغاء شهادات الاستثمار مرتفعة العائد، ذلك التوجه الذي بلا شك سيعزز نشاط الاستثمارات المباشرة خلال الفترة المقبلة، من خلال تقليص حجم السيولة التي سحبتها الأوعية الإدخارية مرتفعة العائد خلال الشهور الأخيرة، مؤكدًا على ضرورة تعزيز حجم التسهيلات المقدمة للمستثمرين في الحصول على الأراضي الصناعية وسهولة الحصول على التراخيص، كمحور رئيسي لتنشيط حجم الاستثمارات المباشرة بالقطاع الصناعي خلال الفترة الراهنة، باعتباره النواة الرئيسية لدعم الاقتصاد المحلي وتعزيز تنافسيتها إقليميًا.
اقرأ أيضاً: