كتبت – سماح عثمان
تزايدت الجلسات العرفية خصوصاً في الأرياف و القري الأكثر فقراً و جهلاً، وانقسمت الأراء حولها هل الجلسات العرفية أقوي من القانون أم مكملة له و هل هي حل أم وصمة عار في جبين الوطن و سبب رجوعنا للخلف.
بداية قال المستشار ممدوح نخلة المحامي بالنقض والإدارية العليا، أن بعض القبائل تطالب بتقنين ما يسمى ” بالجلسات العرفية ” ، والتي يعقدها العمد والمشايخ فى القرى او ذوى النفوذ فى المناطق الحضرية بغرض حل النزاعات بين الأفراد، وعادة ما تصدر عقوبات بالطرد والتغريب او بدفع غرامات كبيرة لصالح احد اطراف النزاع وما يؤسف له أن هذه الدعاوى تجد اذاناً صاغية من المسئولين وقيادات أمنية وتنفيذية فاعله فى الدولة .
تقنين أوضاع المحاكم العرفية خطر ويفتت الأسر المصرية
وينبه نخله المسئولين لخطورة إنشاء مثل هذه المحاكم العرفية أو تقنين أوضاعها ، لأن ذلك مقدمة لتفتيت الدولة المصرية وتقسيمها إلي دويلات متناحرة ، لأن المجالس العرفية لا تستند لدستور أو قانون مكتوب أو سوابق قضائية بما يهدر من قيمتها القانونية علاوة على عدم توحيد مبادئها وأحكامها في الوقت الذى تسعى فيه الدول المتحضرة إلى إدخال التكنولوجيا الحديثة وتطوير محاكمها، فدائماً نجد من يريدون بمصر العودة إلي الوراء مئات السنين.
المحاكم العادية تنظر 100 ألف قضية يوميا
بينما قال شهاب مصطفى، مستشار التحكيم الدولي و العلاقات الدبلوماسية، أننا نعلم مدى التأخر والتباطؤ الشديد الذي يعاني منه المتقاضون والمحامون، وما كان هناك سبيل للتخفيف عن التقاضي في المحاكم وتقليل القضايا التي تصل إلي 10000 قضية على الأقل في اليوم منظورة عن محكمة واحدة بالإسكندرية وعن محافظة كاملة لا يقل عن 100000 قضية في اليوم ، وبالتالي القضاء العرفي يساعد في التخفيف من العبء الإداري والمالي عن القضاء التابع للدولة.
ويقول مصطفى، تساعد الجلسات العرفية في استقرار الأوضاع وحل المشكلات أياً كانت طبقاً للقانون من عدمه لأن هدف القانون هو استقرار الأوضاع والمعاملات و هذا هو هدف القضاء العرفي أيضاً.
و اختتم قائلاً : جعل من حق أي شخص أن يكون محكم بموجب اتفاق تحكيم بين اي اتنين ، بتعيينه محكم بينهما في النزاع ، وقراره نافذ بقوة القانون ومثل الاحكام القضائية في القوة بل اشد لأنه لا استئناف فيه .
من يحضر الجلسات العرفية ؟
يحضر الجلسات العرفية كبير المحكمين العرفيين ورجل دين ورجل شرطة و شيوخ القبائل الكبيرة، وكبار العائلات المتناحرة وعمدة وشيخ البلد ومجموعة من الوسطاء المشهود لهم بالنزاهة وكلمة الحق.
اختيار المحكمين والمُرجح يستند إلى مجموعة شروط مُتعارف عليها على رأسها؛ الرزانة والصلاحية والكفاءة والدين، فضلًا عن كونه نظيف اليد والقلب، كما لا بد أن يكون أهل أمانة، لأنه يؤتمن على أعراض الناس وأموالهم وأماناتهم، وأيضًا أن يكون «مَدرسة وفاهم» فى أحكام العرض والدم والجروح والمال.
أحكام الجلسات العرفية
التهجير
دفع الدية
تقديم الكفن
دفع تعويضات مالية كبيرة
التوقيع على شرط جزائي حال التعرض
أغرب قصص الأحكام العرفية
ومن أغرب وأقسى الأحكام تم تداولها بجلسة عرفية بسيناء وكانت لرجلا تم اتهامه بوجود علاقة مع امراة، وبعد الاستماع إلى تلك المرأة والرجل المتهم وكذلك الشهود وبعد البحث الدقيق، وجد القاضي أن الأدلة غير كافية للإدانة كي يصدر فيها احكام قاطعة، ولكن صدر حكم بترك منزله والانتقال للإقامة في مكان أخر لمدة 3 سنوات علي الأقل، والسبب في تحديد المدة بثلاث سنوات باعتبار ان للمرأة ابنا عمره 15 عاما وبعد مدة العقوبة سيصل عمره 18 عاما وقتها يكون قادرا علي حماية المنزل في ظل عدم وجود والده، وتضمن الحكم تغريم الرجل مليون جنيه اذا تعرض للمرأة مرة اخري هذه القضية كان لا بد من التعامل معها ببعد نظر لأن الحكم فيها سيهدم أسرتين”.
البشعة .. جهاز كشف الكذب بحرق اللسان
أصعب الطرق التى يلجأ إليها المحكمون في قبائل سيناء ومطروح هي “البِشعة” وهي موروث ثقافي قديم، يتم الأخذ به، عندما يحيل القاضي “العرفي”، قضية الخلاف إلى قاضي “المبشع”، عندما يتنصل أحد الأشخاص من اتهام موجه إليه، دون وجود شهود، مما يدفع القاضي العرفي لإحالة القضيه إلى القاضي المبشع؛ للفصل في الخلاف القائم بين طرفي النزاع.
و البشعة إجراء عنيف، فهي عبارة عن “سكين” أو قطعة من الحديد أشبه بـ”الطاسة”، تحول لونها للأحمر – من طول الفترة التي مكثتها على النيران توضع على ألسنة المتخاصمين لبيان من الكاذب ومن الصادق في قضايا الخلاف، ويقال أن يصاب الكاذب في لسانه، بما يعد تأكيدًا أمام الحضور، أنه من ارتكب الفعل أو الجريمة، وأن الصادق لا يصاب بمكروه.
فقيه دستوري: ليس لها تأصيل في الدستور المصري
وعن قانونية الجلسات العرفية قال الفقية الدستوري صلاح فوزي الجلسات العرفية ليس لها تأصيلًا فى القانون المصري، موضحًا أنها مُجرد وسيلة لإرساء ثقافة التصالح والتسوية الودية داخل المجتمع، وأنه فى حالة إن صدر عنها أحكام تصل حد التهجير لأُسر من مقر إقامتهم فإنها بذلك تتعارض مع الدستور والقانون.
ويُتابع فوزي، بعض أحكام المجالس العرفية، كالتغريم والتغريب، يكون المسئول عنها هيئة المجلس العرفى، وفى حالة إصدار مثل تلك الأحكام لابد أن يتم رفضها من قِبل طرفى النزاع وعدم الاعتداد بها نهائًيا كونها انتهاكًا لدولة القانون، حيث إن الجلسات العرفية لا بد ألا تتخطى دورها كوسيلة لإرساء ثقافة التصالح والتسامح بين المتخاصمين.