عندما يتعمق الإنسان في القراءة سيجدها قادرة علي ترميمه و تكوينه من جديد، وحدها قادرة علي جعلك تفكر و تحلل و تقارن و تعرف ماذا تنتقد و كيف، فإن القارئ ذا رؤى تحليلية و تأملات عميقة تجعله يتمرد علي كل ما يعيق حياته للأفضل ولا يخضع لكل ما يخضع له الآخرون، وتساعده في المضي قدمًا في طريقه علي هدىً و بصيرة لا يأبه إلا لكل ما يُرضي عقله.
إن القراءة تخرجك من عالمك الضيق البسيط، و تنقلك من حالة الجمود و الثبات إلي مرحلة الابداع ، ستدخلك في العوالم الأخرى و ستجد نفسك مع كل كتاب تقرأه و تنسجم بين ثنايا سطوره أشخاص يشبهونك و قصص تشبه حياتك يختلج لها قلبك، ستجد نفسك عاشق، و ستجد نفسك تتعاطف مع القاتل، ستسافر عبر الزمان، ستجد نفسك تعشق بلدة كأنك قضيت فيها أجمل سنين عمرك، ففي الكتب ستجد نفسك تحلق في السماء الواسعة.
ستجعل منك القراءة إنسان مختلف ستغيرك في ظاهرك و باطنك ستجعلك تتحرر من الخرافات، وستكون ملجأك من واقعك البائس، ستحرك فيك الانجذاب لكل ما هر مميز و مختلف.
و على الإنسان أن يقرأ و يقرأ حتي يشق دروبه المظلمة و يخرج من عوالم الجهل و التفاهه و يقرأ حتي يستقيم له الفهم و تنفك امامه الطلاسم و كل ما هو غامض و مغمور، فيدرك و يصل إلي غاياته و يجب أن يقرأ الإنسان ليعرف إلي أقصي حدود المعرفة، فوحدها المعرفة تجعله يعرف مواضع الظلم و يحاسب بذلك من يظلمه و يستأثر بثمرة جهده و يرده لمواضع العدل و رد حقوق الضعفاء و المكلومين.
وإذا قرأ الانسان علي نحو جيد و مفيد لن يسمح لقوة مهما بلغ طغيانها أن تظلم و تقتل و تنهب و أن تعيث في الارض فسادًا، فالجهل وحده الجهل هادم محطم لكل شيء و من عجز عن بلوغ هذا و لم يأخد بهذه الأسباب سيظل يتخبط في طريقه كالأعمي يتوكأ علي عصا الجهل هائماً علي وجهه بلا بوصله ولا خارطة طريق.