ابتسامته على وجهه والعرق على جبينه يتساقط كقطرات المطر، والشمس على رأسه متوهجه كالبركان، واقفاً وبيده مكنسة كأنه جندياً بالشارع، أجل إنه الجندى المسئول عن النظافة بالشوارع، وحارس المظهر الجمالى له، دؤوب فى عمله ولا يخجل من نظرات المجتمع بل على العكس يفتخر بأنه مسئول عن تجميل ونظافة الشارع، مؤمناً بمقولة “النظافة من الإيمان وأن الله جميلُ يحب الجمال”.
وعلى الرغم من إعاقته بيده اليمنى المولود بها غير مكتملة و رأسه التى أشتعلت شيباً، إلا أنه مستمر بعمله كعامل نظافة منذ أكثر من 13 عاماً حتى الأن، لم يكل ولا يمل من العمل والكسب الحلال و مراعاة أسرته و تعليم بناته، بالإضافة إلى نفقات أمراضه المزمنة.
والتقت عدسة “أوان مصر” مع عم ناصر صاحب الوجه البشوش وأشهر عامل نظافة بمدينة إيتاى البارود بمحافظة البحيرة، ليروى قصتة الملفتة لأنظار الجميع وكفاحة لتحدى إعاقتة ومحاربة مرضة بالضغط المرتفع بالإضافة لتوسعة شرايين قلبة مع عمله بتنظيف الشوارع يومياً لأكثر من 8 ساعات تحت حرارة الصيف وبرودة الشتاء.
” الشغلانة دى جاتلى من عند ربنا والحمد لله بكسب بالحلال بإيد واحدة” هكذا بدأ ناصر جمعة محمد عبدالمعطى صاحب الـ 49 عاماً حديثة مع “أوان مصر” قائلاً: اتولدت إيدى اليمين بصوابع وكف غير مكتملين ولكن لم استسلم واشتغلت حتى أربى بناتى وأعلمهم، قدمت من 13 سنة حتى أعمل بنظافة الشوارع والحمد لله ربنا كرمنى واتقبلت ومن يومها وأنا أعمل بها وراضى بقسمتى ونصيبى.
وأكمل “عم ناصر” الشغل مش عيب طالما بالحلال ومش بعصى ربنا، ومسئول يومياً بتنظيف شارع المدارس بمدينة إيتاى البارود، محافظة البحيرة، يبدأ عملى من الساعة 1 ظهراً وحتى الـ 7 أو 8 مساءاً على حسب ضغط الشغل، وأحب عملى واجتهدت فيه واشتهرت بعامل النظافة المجد وكرمنى محافظ البحيرة أكثر من مرة لعملى الدؤوب بما يرضى الله.
وقال “عامل النظافة” ربنا بيعوض وبيكرم أنا بكافح ولا أنظر لإعاقتى، واتحدى مرضى الغير مناسب لعملى بالنظافة ولكن دا رزقى ولازم أكمل، مضيفاً ” أنا مريض ضغط مرتفع وحرارة الشمس بتتعبنى بالإضافة أنى قمت بإجراء توسعة لشرايين قلبى ورائحة الزبالة والأتربة والمجهود يزيدوا من تعبى وضيق نفسي.
وأكمل “عم ناصر” أمنيتى أنى أتثبت فى شغلى بقالى 13 سنة بشتغل ولم اثبت وبيتخصم من مرتبى تأمينات، ومفيش حاجة نقف تحتها في الشارع لو فى شمس أو مطر ولا مكان مخصص لينا، طول اليوم واقفين على رجلينا أو لما نرتاح بنقعد على رصيف الشارع، ونفسى الناس فى الشارع ترمة الزبالة فى الصندوق مش على الأرض ويراعوا أننا كعمال نظافة كبار بالسن وبنتعب، وبالذات الزجاج والحقن لأننا بنتأذى منها.
وأضاف عندى 3 بنات ولم أرزق بأولاد فأحسنت تربيتهم حتى أرزق بالجنة، وأكبرهم زفافها فى شهر 10 الجارى والصغرى برياض الأطفال، وأتمنى من محافظ البحيرة اللواء هشام آمنه أن يساعدنى فى تجهيز ابنتى العروس.
وقال عمرعرفات أحد مواطنى ايتاى البارود والمارة يومياً على عم ناصر وهو يعمل بنظافة الشارع، كل يوم أرى عم ناصر يعمل بجد ولا يقصر فى عمله وعلى الرغم من المشقة والمجهود إلا أنه دائما مبتسماً ويعمل بصمت، أراه مثالاً للعزيمة والإرادة والكفاح وتعلمت منه الصبر والرضا بكل شئ.