تعتبر شركة الحديد والصلب الوحيدة في مصر من أصل 32 شركة تمثل إجمالي عدد شركات الحديد في مصر التي تستخدم خام الحديد المتوفر في الطبيعة، بينما بقية الشركات تعتمد على استيراد أو شراء بعض منتجات الحديد والصلب.
في 11 يناير الجاري 2021، قررت الجمعية العامة غير العادية لشركة الحديد والصلب تصفية الشركة بعد 67 عامًا من إنشائها، في اجتماع لم يستغرق أكثر من من ربع ساعة، وسوف يتم تأسيس شركة منبثقة عنها خاصة بالمناجم والمحاجر التي تمتلكها الشركة.
متى تأسست شركة الحديد والصلب؟
أنشئت الشركة في 14 يونيو 1954، حينما أصدر الرئيس جمال عبد الناصر مرسومًا بتأسيس شركة الحديد والصلب في منطقة التبين بحلوان.
وقبل ذلك بسنوات، يعود التفكير في إنشاء مصنع الحديد والصلب إلى عام 1932 بعد توليد الكهرباء من خزان أسوان، وفي الأربعينات، اقتصرت الصناعة على شركات استغلال الخردة من مخلفات الحرب العالمية الثانية.
متى بدأت الشركة العمل رسمياً؟
بدأت الشركة العمل رسميًا عام 1961 وقُيدت في البورصة المصرية في نفس التوقيت، وكان رأس مال الشركة في بداية التأسيس 21 مليون جنيه، وتم الاكتتاب الشعبي وكانت قيمة السهم 2 جنيه، وبلغت مساحة المشروع في البداية 2500 فدان، شاملة المصانع والمدينة السكنية التابعة لها، والمسجد الملحق بها، وتم توقيع عقد مع شركة ديماج ديسبرج الألمانية (ألمانيا الشرقية آنذاك)، لنقل الخبرات الألمانية وبذلك كان أول مصنع لإنتاج الحديد والصلب في العالم العربي.
عام 1972 تم إنشاء مجمع الصلب بنفس التكنولوجيا وبمعدات روسية، حيث بلغت الطاقة الإنتاجية مليون طن للصلب.
في 1991 تبعت شركة الحديد والصلب للشركة للقابضة للصناعات المعدنية وتخضع لأحكام القانون 203 لسنة 1991، وتمتلك الشركة القابضة للصناعات المعدنية وهي مملوكة للحكومة المصرية نحو 83% من خلال أسهم شركة الحديد والصلب المصرية.
كيف وصلت الشركة إلى محطة التصفية؟
بحسب خبراء، فإن هذا حدث بسبب “تدني المؤشرات المالية والإنتاجية والاقتصادية للشركة وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الغير ومنها توفير أجور العاملين وتوفير مستلزمات الإنتاج، خاصة بعد قرار تعويم الجنيه”، إذ ارتفعت تكاليف الإنتاج بنسبة 40 % للكهرباء والمياه، وقفزت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 80%، فضلاً عن الخلل في الهيكل المالي.
أدى ذلك لتزايد الديون التي بلغت 8 مليار جنيه في 30 يونيو 2020، والتي تمثل نسبة 547% من حقوق المساهمين.
ووفقا لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن القوائم المالية المنتهية في يونيو 2020، فإن هناك شك جوهري ظهر في استمرار الشركة نتيجة للأسباب السابقة، مشيرا إلى أن الشركة تواجه خسائر متراكمة قيمتها 8.5 مليار جنيه، وديوناً متراكمة للموردين بقيمة 6.3 مليار جنيه، منها 4.069 مليار جنيه لشركة الغاز، و1.591 لشركة الكهرباء، و304 مليون جنيه لشركة الكوك، و 116 مليون جنيه لشركة حديد مصر، و 175 مليون جنيه لشركة مياه القاهرة. هذا بالإضافة إلى ديون تبلغ نحو 128.5 مليون جنيه لمصلحة الضرائب، فضلاً عن تقادم الآت والمعدات وتدهورها، ولم تقوم الدولة بتخصيص جزء من ميزانيتها لتطوير الشركة وخطوط الإنتاج، وبالتالي زادت نسبة الأعطال وبلغت 92% خلال العام 2019، و 82% العام 2018.
هل هناك أسباب خارجة عن إدراة الشركة أدت إلى الخسائر؟
كشفت بيانات البنك المركزي المصري عن تراجع إنتاج الحديد والصلب في مصر بسبب فرض بعض القيود على الواردات مما أجبر بعض المصانع على تقليل إنتاجها، حيث تراجع الإنتاج بنحو 10% خلال عام 2019، مع خروج الآلاف من الخبرات المتميزة متوسطة الأعمار من الشركة بسبب سياسة المعاش المبكر الذي وضع دون ضوابط في عام 2001، وتوقف الشركة عن تعيين العمالة بالكامل منذ عام 2010، وبالتالي تراجع نسبة الشباب بين العمال.
كما أن حجم المبيعات للشركة تراجع بشكل كبير بسبب إلى عدم إنتاج الشركة ما يحتاجه السوق أو يطلبه العالم، بحسب الخبير الاقتصادي وائل النحاس الذي ذكر في تصريحات لـ أوان مصر، أن قطاع الحديد بأكمله في مصر يسجل خسارة بشكل كبير.
يضاف إلى ذلك احتكار شركة حديد عز ما يقرب من 50 % من حجم الإنتاج الكلي للحديد في مصر تقريباً، ثم زيادة عمليات إغراق السوق بالحديد المستورد، وبخاصة من تركيا وأوكرانيا والصين بأسعار تقل عن تكلفة إنتاجه.
كام يبلغ حجم خسائر الشركة؟
تكبدت الشركة خسائر بلغت 490 مليون جنيه في السنة المالية 2019-2020 مقابل 1.526 مليار في 2018/ 2019.
ووصل بند أجور العاملين إلى 827 مليون جنيه في السنة المالية الماضية 2019-2020، ولجأت الشركة في نوفمبر 2019 وحتى أغسطس 2020 إلى الشركة القابضة للصناعات المعدنية لسداد رواتب الموظفين ومنحة العاملين بنحو 417 مليون جنيه.
هل ثمّة إجراء لمحاولة وقف التصفية؟
رفع المحامي سمير صبري دعوى أمام محكمة القضاء الإداري ضد رئيس مجلس الوزراء ووزير قطاع الأعمال ورئيس مجلس إدارة شركة الحديد والصلب المصرية، والممثل القانوني للشركة القابضة للصناعات المعدنية، لوقف تنفيذ قرار تصفية الشركة.
وقال صبري إن الشركة لديها أصول ضخمة غير مستغلة مثل امتلاكها لأراضي تصل إلى 790 فدان وضع يد بمنطقة التبين وهي
654 فدان وضع يد بالواحات البحرية، و54 فدان مشتراه من الشركة القومية للأسمنت منذ عام، وقطعة أرض بمساحة 45 ألف متر مربع بأسوان.
وتقدم مصطفي بكري عضو بمجلس النواب باستجواب أمام البرلمان هاجم فيه وزير قطاع الأعمال وقال أنه يتعمد إفشال خطط تطوير الشركة ورفضه إلزام شركة النصر لإنتاج الكوك بتقديم الفحم اللازم لإنقاذ الشركة وذلك تسبب في تراجع الإنتاج، متهماً الوزير بأنه يخالف تعليمات الرئيس السيسي بتشجيع الصناعة الوطنية، وأن ذلك القرار جاء لصالح شركات أخرى استثمارية.
بخلاف ذلك، حدثت احتجاجات للعمال أمام الشركة لوقف تنفيذ القرار، كما اجتمع مجلس إدارة الإتحاد العام لنقابات العمال للعمل على وقف القرار والتمسك بالحقوق والواجبات المشروعة لدعم وتطوير إنتاج الشركة بدلاً من تصفيتها.
ما مصير المساهمين في الشركة والعاملين؟
بلغ عدد العاملين 7114 عاملا، عدد أسهم الشركة الحالى 488,436,139 بقيمة اسمية جنيهان للسهم الواحد.
وتبلغ القيمة السوقية 6,630 مليار جنيه مصري، رأس المال المصدر 976,872,278 جنيه مصري، ولن يتم إعلان تصفية المصانع إلا بعد الاستقرار وتعويض العاملين.