كشفت محكمة جنايات المنصورة ، عن حيثيات الحكم بالإعدام على قاتل الطالبة الجامعية ، بالقضية المعروفة إعلاميًا بمقتل الطالبة نيرة أشرف .
ووفقًا لما جاء بحيثيات الحكم، فقد تضمنت رسائل نصية ، بين المتهم والضحية ، عدة أمور من بينها التهديدات التي شملت القتل العمد مع الإصرار .
وكشفت المحكمة في حيثيات الحكم ، «واستمرت بينهما الخلافات وتنامَت بداخله رغبة الانتقام منها ثأرًا لكرامته، فسَولت له نفسه الأمارة بالسوء ارتكاب أبشع الجرائم عند الله – قتلُ النفس التي حَــرَّم الله إلا بالحق – واستمرَّ في تهديدها بالقتل إن لم تستسلم له وتَـقبله شريكا في الحياة، فأرسل إليها في شهر رمضان من العام الجاري – 6/4/2022 – رسائل تهديد أخرى بالذبح عَــبر تطبيقات وسائل التراسل الاجتماعي منها نصًا:
“والله نهايتك على إيدي يا نيرة، تاني مفيش فايدة ودِيني لاقتلك وعرش ربنا ما سايبك تتهني لحظة، هدبحك، وديني لادبحك، دانا أدبحك أسهلي إنت حسابك معايا تقيل أوي، بلاش تزوديها عشان وعهد الله ما هسيب فيك حتة سليمة ويبقا حد غيري يلمس منك شَعرة، صحيح الفترة الجاية اتعلمي ضرب النار، أو شُـوفي محمد رمضان أو السقا يدربوكي بوكس علشان نهايتك على إيدي يا نيرة، أهو طالما الدنيا مجمعتناش تجمعنا الآخرة”.
وشغلت القضية المعروفة إعلاميًا بمقتل طالبة جامعة المنصورة الرأي العام، ولازالت حتى الآن ، يبحث الجميع عن المعلومات التي قد تفيد بخصوص الحكم على المتهم بالإعدام شنقًا وفقًا لما صدر جاء بالحكم الصادر عن جنايات المنصورة ، وأخذ الرأي الشرعي في إعدامه ، بعد اطلاع مفتي الجمهورية على أوراق المتهم بقتل المجني عليها نيرة أشرف.
وكانت الفتاة التي لقيت مصرعها غدرًا على يد القاتل محمد عادل، كانت قد اتجهت إلى دراستها ، ولم تكن تعلم بأن ذلك اليوم الموعود ، هو يوم نهاية حياتها بأكملها ، إذ ترك في جريمته بقتلها ، حسرة ولوعة لكل من سمع بالواقعة أو علم بها ، ليس الألم الذي تسببه في مقتل الطالبة نيرة أشرف، هو ألم الأسرة التي فقدتها ، وإنما ألم تسبب فيه لأمة بأكملها .
وباغتها الجاني أمام إحدى أسوار جامعة المنصورة ، حتى انهال عليها مسددًا لها عدة طعنات في الصدر، كانت قد افقدتها التنفس لتبقى على قيد الحياة ، ما أدى إلى تهتك برئة المجني عليها ، ولفظ أنفاسها الأخيرة ، بعد ان قام المتهم بدم بارد ، بلا شفقة ولا رحمة ، بسحب سلاحه الأبيض على رقبتها ، ممزقًا أوتار عنقها ، حتى غرقت في دمائها على جانب إحدى الطرق .
في مشهدًا لازال الجميع يتصوره بخوف وارتياب شديد ، وفي واقعة كانت ولازالت تفزع وتروع ، من بشاعة ارتكاب الجريمة على النحو المشار إليه، والذي عقد العزم وبيت النية على قتلها ، مؤكدًا في اعترافاته ، إنه خطط للانتقام منها مسبقًا ، ولم يستيقظ ضميره الغائب ، ولا إنسانيته التي ماتت وتجرد منها ، حتى أفرغ ما لديه من عدوان آثم ، ببشاعة وفظاعة ، منهيًا حياة الفتاة ، التي ادعى حبها دون أن يعرف للحب سبيلًا .
وأكدت محكمة جنايات المنصورة ، في القضة المعروفة إعلاميًا بطالبة جامعة المنصورة نيرة أشرف، وبخصوص ادعاء المتهم الجنون ، وطلب الدفاع بعرضه على الطب النفسي، لتقييم مدى وسلامة قواه العقلية ، مؤكدةً ، ان المتهم كان متزنًا ، ويُجيب بـ دقة شديدة على استجوابه أمام القضاء، ومسبقًا أمام النيابة العامة.
وقالت المحكمة، حيث إنه عن طلب الدفاع عَـرض المتهم على الطب الشرعي لبيان مدى سلامة حالته العقلية واتزانه النفسي ساعة ارتكابه الجريمة، فلما كان النص في المادة 62 من قانون العقوبات المُستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، قد نص على أنه: “لا يُسأل جنائيًا الشخص الذي يُعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي لفقده الإدراك أو الاختيار، أو الذي يُعاني من غَيبوبة ناشئة عن عقاقير مُخدرة أيًا كان نوعها إذا أخذها قَهـرًا عنه أو عن غير علم منه، ويَظل مَسئولاً جنائيًا الشخص الذي يُعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدى العقوبة” وهو نَص مُستحدث تَمَثل في إضافة الاضطراب النفسي للمتهم.
وأضافت المحكمة ، إذا ما أفـقده الإدراك أو الاختيار وقت ارتكاب الجريمة، واعتبره سببًا للإعفاء من المسئولية الجنائية، أما إذا اقتصر أثره على الإنقاص من إدراك المتهم أو اختياره فيظل المتهم مسئولا عن ارتكاب الجريمة، وإن جاز اعتبار هذا الإنقاص ظرفًا مُخففًا يَصح للمحكمة الاعتداد به عند تقدير العقوبة التي تُوقَع عليه. لما كان ذلك ولئن كان من المُقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية أو النفسية من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه لسلامة الحكم يتعين إذا ما أثاره المتهم أن تُجري تحقيقًا من شأنه بلوغ كفاية الأمر فيه، ويجب عليها تَعيين خبير للبَت في هذه الحالة إثباتًا ونفيًا، فإن لم تَفعل كان عليها أن تُورد في القليل أسبابًا سائغة تَبني عليها قضاءها برفض هذا الطلب، إذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم مَسئوليته عن الجُـرم الذي وقع منه. لما كان ذلك فإنَّ المحكمة بمُطالعتها للتحقيقات، واستجوابها للمتهم بمُوافقة مُحاميه الأصيل؛ قد استبان لها سلامة حالته العقلية والنفسية وسلامة إدراكه واختياره، قبل ووقت ارتكابه جريمة قتل المجني عليها وفي أعقابها، وذلك من إدراكه لِمَا خَطَط له، واختياره الاختيار الأمثل – من وجهة نظره – بين البدائل التي قد تَتعارَض أمامه فـي تنفيذه لمُخططه، وما يَحتاجه ذلك الاختيار بين البدائل من قَدر من التفكير والتقييم والخبرة والكفاءة لاختيار البديل الأمثل؛ حتى وصل لتنفيذ مُخططه الإجرامي على النحو الحاصل يُستدَل على ذلك، مما اعترفَ به المتهم في الصحيفتين السابعة عشرة والثامنة عشرة من التحقيقات من أنه خَططَ لجريمته منذ رمضان الماضي.
وتابعت المحكمة ، ومن هذا التخطيط، أنْ كان اختياره لأداة الجريمة سكينًا جديدًا حادًا وليس سلاحًا آخر، ومن تفكيره في هذا السلاح بالذات وتَرجيحه على ما عَداه أدوات القتل (تَستخلص المحكمة من ذلك أنَّ المتهم اختار هُنا بين البدائل بصَدد أداة ارتكاب الجريمة عن وعي وإدراك لأسُس هذا الاختيار) يُؤخذ ذلك من تعليله لهذا الاختيار بالذات، بكونه يَعمل طباخًا ويُتقن استخدام السكاكين، ومن اختياره مكان وزمان التنفيذ، وهو أيام امتحانات الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي الجاري بجامعة المنصورة (تَـستخلص المحكمة من ذلك أنه هُنا اختار بين بدائل مكان وزمان ارتكابه للجريمة عن وعي وإدراك لأسُس الاختيار) ومن تبريره لهذا الاختيار من أنه كان على يقين أنَّ المجني عليها ستحضر لأداء هذه الامتحانات، وعلمه السابق بأنها لم تكن تحضر في أيام الدراسة نظرًا لسفرها إلى القاهرة وشرم الشيخ، كما أنه اختار عدم تنفيذ جريمته في الحافلة التي وَجَد فيها المجني عليها في اليوم الذي حَسَم فيه أمره وقرَّر قتلها، بعد أن رَاودته هذه الفكرة، (تَستخلص المحكمة من ذلك، أنه اختار هنا بين البدائل لمكان ارتكابه الجريمة، وإنه وقد فكَّرَ في تَغيير المكان من الحافلة إلى الجامعة – على هذا النحو – فإنه يكون عاقلاً واعيًا سليم النفس مُدركًا لأسُس الاختيار) فاطمأنت المحكمة – إذن – إلى أنه كان مُدركًا أنَّ الحافلة ليست المكان المناسب؛ لا سيما وأنه قد علَّل ذلك، باحتمال عدم تحقق هدفه وهو قتل المجني عليها، إذا ما تَدخل الركاب وحالوا دون ذلك، فاختار المكان الأنسَب وهو خارج الحافلة، عندما نزلت منها المجني عليها وتَرجلت تجاه باب الجامعة، مما يقطع بإدراكه للبدائل المَطروحة أمامه، واختياره الأفضل منها، يُضاف إلى ذلك، ما اعترفَ به بالصحيفة الثالثة عشرة من أنه عندما حاول البعض إقصائه عن المجني عليها وهو يُسدد لها الطعنات في جسمها،.
وأضافت جنايات المنصورة ، هَددهم بالسكين حتى لا يُخلِّصوها منه ثم عاد إليها بعد تَهويشهم وذبَحها من عُنقها (تَستخلصُ المحكمة من ذلك، أنه هُنا قد اختار التهديد والتلويح فقط، دون إيذاء الآخرين، لِعِلمِه بمَقصده ومُبتغاه منه سَلفًا وهو إزهاق روح المجني عليها فقط) مما يَدُل على سلامة حالته العقلية والنفسية، وأنه اختار ألاَّ يُورد نفسه مَهالك أكثر بتعديه على غير المجني عليها المقصودة، فهو مُدرك أنه ليس لديه الدافع للتعدي على هؤلاء، فلو كان مُعتلاً عقليًا أو نَفسيًا لاعتـدَى على أي منهم ولـو بأقـل قـدر من الاعتـداء، وذلك يَدل في يقين المحكمة على وعيه وإدراكه لأسُس الاختيار وسلامة حالته العقلية والنفسية وكذلك ما اعـترفَ به المتهـم من قيامـه بإرجاء تنفيـذ جريمته إلى ما بعـد الامتحان الأول والثاني؛ لكي تَظُن المجني عليها انصراف نيته عن النَيل منها – أو تَتوهَم ذلك – ليتمكن من تدبير أمره على نحو أفضل يُحقق هدفه وهو قتلها، يُستفاد ذلك من إجابته في الصحيفة التاسعة عشرة على سؤال وجَّهتهُ إليه النيابة العامة: “لماذا استقرَّ اختيارك على ثالث أيام الامتحانات إذَن دون اليَومَين الأولَين؟” فقال: “لأنْ أنا كُنت خايف إنْ يكون مِعاها حَد من أصحابها أو أهليتها، ولأنْ هي كانت عارفة إني مِش هَسكت، فقلت لازم أطمِنها لحَد ما أتمكن من تنفيذ اللي أنا عايزه” (تَستخلص المحكمة من ذلك أنَّ المتهم قد اختار هُنا بين بدائل تَواردت على ذهنه بصَدد الوقت الأكثر مُناسبة لارتكاب جَريمته، وماهية الظرف المناسب ليُؤتي سلوكه المادي ثماره وهو إزهاق روحها، حتى لا يكون ثمة مانع يحول بينه وبين إتمامه.
وجاء في حيثيات الحكم ، مما يَدلُ في يقين المحكمة على وعي المتهم وإدراكه لأسُس الاختيار بين بدائل مُتعددة كانت مَطروحة أمامه فاختار أنسبَها من وجهة نظره، وهو ما يقطع بسلامة حالته العقلية والنفسية. كما يُضاف إلى ذلك ويُعضِّده، ما ثَبَت في الدعوى مُـنذ فَجر التحقيقات وحتى انتهائها، أنَّ المتهم كان يُجيب على أسئلة النيابة العامة بدقةٍ بالغة وعبارات واضحة، وبكلام مُتناسق مُترابط لا هَذَيانَ فيه ولا تَهاتُر، وجاء اعترافه مُطابقًا تمامًا لِمَا قام به من تمثيلٍ لكيفية ارتكابه الوقعة، ولم يَترك في اعترافه ولا في المُعاينة التصويرية أدق الأمُور، فذكَرَ صغيرها قبل عظيمها، مثل تبريره لاختياره السكين كأداة للقتل، بكَونه يعمل طباخًا ويُـتقن استخدام السكاكين، وبأنه يَعرف كيف يَضرب بها وأين يَضرب، وتعليله لاختياره مَكان الطعنات من جسم المجني عليها، بقوله إنه يعلم المَقاتل من جسد الإنسان، وحَددها – هو – بأنها الصدر من جهة اليسار والفَخذ والعُنُق، كما حدَّدَ (في اعترافه بجلسة المحاكمة) المسافةَ بين المحلة الكبرى والمنصورة بالحافلة وهي نصف الساعة، ومن وتهديده للمجني عليها برسائل تَقطع بأنَّ كاتبها يَتمتع بحالة عقلية ونَـفسية سليمة، وبعبارة تدل على ما عَقد العزم عليه وقام بتنفيذه بالفعل وهو “القتل ذَبحًا” بدافع الانتقام، ومن روايته تَفاصيلَ علاقته بالمجني عليها خلال ثلاثة أعوام مَضَت، ومن خُطته الإجرامية التي بدأ التفكير فيها – منذ عام ونصف – والتي اختمرت تمامًا في رمضان الماضي، ومن إرجائه التنفيذ في بداية الامتحانات، حين فكَّـرَ وخَشِي أن يكون معها مرافقًـا من أهلها، وإدراكه أن هذا الإرجاء من شأنه أن تَشعُرَ معه المجني عليها بالأمان مُؤقتًا من تهديداته، ومن روايتـه الدقيقـة الواعيـة لجِماع ما تَقـدم في تحقيقات النيابة العامة وتمثيله الجريمة حُرًا مُختارًا في مُعاينة تصويرية حضرها محاميه.
ومن اعترافه بالتفكير في اختياره حِيلة تطمئن معها ضحيته إلى الأمان ليتمكن منها جيدا، وهي حُضوره جلسة عُرفية قضَت بمَنعه من مُلاحقتها ومُضايقتها عَبر وسائل التراسل الاجتماعي، ثم تَظاهُره بالاستجابة إلى ما ألزمته به هذه الجلسة العرفية، في الوقت الذي كان يُضمِرُ فيه قتلها، وهي أحداثٌ لا يُخَطط لها، ويَختار بين البَدائل منها، ويُنفذها، وبَعد ذلك يَتذكرها ويَرويها بدقة، إلاَّ عاقل مُدرك غير مُعتَل العقل ولا مُضطرب النفس، الأمر الذي يكون معه قد وقَرَ في يقين المحكمة أنَّ المتهم مَسئولٌ عن جُرمه، وقد اقترفهُ وهو حافظٌ لشُعُوره واختياره، وفي حالة عقلية ونفسية مُنزَهة عن أي مَرض أو اضطراب ، مما لازمه رَفض المَحكمة طلب الدفاع في هذا الصدد.
اقرأ ايضًا..
«وديني لادبحك» رسالة من قاتل نيرة أشرف على هاتفه.. حيثيات الحكم على محمد عادل بالإعدام