هالني ما تابعته من برامج المطبخ والطبخ والطباخين وهذا الكم الهائل من الأكلات والوصفات والتجارب والافتكاسات والاختراعات ، أسماء لامعة في عالم الطبيخ ذاع صيتها وصارت أشهر من النار على العلم ، الأسرة المصرية تتابع على مدار الساعة هذه النوعية من البرامج وتحاول أن تقلد تلك الابداعات المثيرة في عالم الأكلات، والسؤال هل الشعب المصري الذي يعاني ثلثه من الفقر وربعه من الأمية غير الملايين الذين يعانون من السمنة والتقزم والأنيميا وأمراض السكر والضغط والجهاز الهضمي يناسبه هذا النوع من البرامج اليومية وعلى مدار الساعة ؟
وعلى صعيد آخر بحثت وطال بحثي عن البرامج العلمية والفكرية والثقافية والتنويرية فلم أجد على شاشاتنا الا النذر اليسير المتواضع والذي يظهر على استحياء بين البرامج الجماهيرية ، برامجنا تخاطب عواطف الناس وليس عقولهم وتنتصر للأمعاء الممتلئة على حساب العقول الفارغة ، والناس في بلادي يهجرون ما يخاطب العقل ويبتعدون عن مسالك العلم وينحازون الى الروايات الاسطورية والخيال غير العلمي ، فهل البرامج تأتي استجابة للمزاج الجمعي للناس أم أن هده البرامج هي التي خلقت هذا الاهتمام ؟
في تقديري أننا بحاجة ماسة الى تدخل تنظيمي يلزم الوسائل الاعلامية بتضمين خرائطها البرامجية الحدود الدنيا من البرامج العلمية والثقافية والتوعوية وبرامج الطفل والاسرة والقضايا الاجتماعية والاقتصادية مع ضرورة وضع حدود قصوى لبرامج الطبخ والكورة والتجميل والبرامج الدينية حتى لا يكون هناك خرائط مشوهة تساهم في تشويه أولوياتنا الوطنية.