أكد فضيلة الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم: “أن مصرنا العزيزة بخير ما دام فيها الأزهر الشريف والجيش المصرى الأبى”.
الأزهر منبع العلم الأصيل
وتابع: “الأزهر منارة الوعى الصحيح، ومنبع العلم الأصيل، ورسالته رسالة الحق والخير، ولن تضيع أمة فيها منارة الأزهر الشريف، ولن ينتصر التطرف والإرهاب وعلماءُ وأساتذةُ الأزهر الشريف يقومون بواجب وقتهم فى تصحيح المفاهيم وإيقاظ الوعى”.
وقال مفتى الجمهورية فى كلمته التى ألقاها اليوم الأربعاء، فى الاحتفال الذى أقامته كلية الصيدلة بجامعة الأزهر بالمولد النبوى الشريف، “إننا نحتفل مع أمتنا الإسلامية بذكرى المولد النبوى الشريف، وقد هلَّت علينا هذا العام مع ذكرى وطنيةٍ عظيمةٍ هى ذكرى السادس من أكتوبر المجيدة؛ فحُقَّ لأبنائنا ذكر نعمتين: نعمةِ بعثٍ ونعمةِ نصر، إنهما مناسَبَتان تمثلان معًا دافعًا لكى نستمد الأمل والعزيمة اللذين ترشدنا إليهما سيرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم العطرة التى ترجمت أرقى معانى الإنسانية والسماحة والرحمة فى مواقف نبوية بقيت نبراسًا لنا فى أمور حياتنا كلها”.
وأضاف فضيلته أنه من أبرز هذه المعانى التى ينبغى التوجيه إليها فى هذا العام محبته صلى الله عليه وسلم لوطنه وولائه له وعمله لنهضته ورُقيِّه، وقد رأينا انعكاس اتِّبَاعه صلى الله عليه وسلم فى ذلك فى نصر جنودنا البواسل فى حرب أكتوبر المجيدة.
السيرة النبوية
وأكد مفتى الجمهورية، أننا فى أشد الحاجة إلى الرجوع إلى سيرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم وما ظهر فيها من ولائه لوطنه؛ لنقرأها قراءة عصرية وحضارية، فنتعلم منها معانى الوطنية وعمارة الأرض بالعمل والاجتهاد، لكى نحقق الغاية العظمى من استخلاف الله لنا فى الأرض على مراد الله منا.
وأضاف أن ذكرى نصر السادس من أكتوبر ستبقى وضاءةً مشرقةً فى جبين الدهر وفى عرين العسكرية المصرية المجيدة تتوارثها الأجيال بعد الأجيال، وسيظل هذا النصر العملاق علامةَ مجدٍ وفخرٍ لا فى تاريخ الوطن الحبيب مصر فحسب، ولكن فى تاريخ الأمتين العربية والإسلامية، مضيفا : أن ما يجدر بنا أن نتذكره بهذه المناسبة هو أن المصريين أظهروا بكل طوائفهم وأطيافهم وانتماءاتهم قدرًا كبيرًا من التكاتف والوحدة والتلاحم والتقارب والتكامل، وهو الأمر الذى يجب أن نستحضره فى هذه الفترة الحرجة من تاريخ وطننا الحبيب.
وتابع مفتى الجمهورية،: “إننا انتصرنا فى السادس من أكتوبر بتوفيقٍ من الله، ثم بحسن التخطيط، وجدية الإعداد، وهذا ما تعلمناه من رسولنا الكريم، وما يجب أن نستعيده فى ذكرى مولده، ونتذكر عَمَلَنا به فى السادس من أكتوبر. وهكذا ينبغى أن يكون الدرس الماثل أمامنا إذا ما أردنا الانتصار فى القضايا والتحديات التى تواجهنا فى مجالات التنمية والبناء والتكنولوجيا والتعليم والإدارة والبيئة وغيرها من المجالات. فالشعوب لا تضمن الانتصار فى معاركها بالنيات الحسنة فقط، ولكن تنتصر حين تمتلك أسباب الانتصار بمعناه الصحيح والشامل؛ بإعلاء قيم الانضباط والكفاءة، والتجرد والعمل الدءوب”.
ترسيخ الإنتماء الوطني
وأكد مفتى الجمهورية، أن قضية الوطنية وما يتعلق بها من أمورٍ؛ كقضية المواطنة وقضية ترسيخ الانتماء الوطنى، وقضية تنمية وبناء الشخصية الوطنية، تأتى فى سياقها المناسب هذا العام بتأكيدنا عليها فى احتفالنا بالمولد النبوى الشريف وبنصر أكتوبر المجيد، حيث تواجه منظومة الدولة الوطنية تحدياتٍ جمَّةً فى ظل عصرٍ مليء بالاتجاهات الفكرية والتغيُّرات المستمرة على سائر المستويات السياسية والاقتصادية وغيرها، هذه الاتجاهات والتغيرات التى أدت إلى تفشى الانحرافات على المستوى الفكرى والاجتماعى من فسادٍ وتطرُّف أضعف عزيمة الشباب على بناء أوطانهم، ونشأ عنه إرهاب استهدف البِنَى البشرية والمادية التى تقوم عليها الدول، ومخاطر خارجية تؤثر على الأمن الداخلى، وإشكالات عالمية وجوائح تمثل عقبةً فى سبيل الوصول للأهداف القومية، ومثل هذه التحديات تتطلب المواجهة بكافة الوسائل وتسخير الإمكانات وشحذ العزائم لتوصيفها ووضع الاستراتيجيات للتعامل معها.
وأوضح مفتى الجمهورية، أنه لمواجهة هذه التحديات يجب أن تنتفض الأمة الإسلامية عن بكرة أبيها بعلمائها ومفكريها ومنظِّريها لكى تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح بعدما تلاعبت جماعات التطرف والإرهاب بالمفاهيم والعقول والمصطلحات والمسلمات، وعلى رأسها قضية الانتماء للأوطان وقضية بناء الوعى التى تُعد محور النهضة والتنمية المستدامة.
بناء الوعي
وقال مفتى الجمهورية: “إن بناء الوعى يكون أيضًا بالاهتمام بتربية النشء وتأهيله، وتشكيل العقلية النقدية المنهجية، وترسيخ مبدأ الثقة بالنفس والثقة بالقيادة، وعدم الانجرار خلف كل ناعقٍ. وذلك يحتاج منا إلى تعاون وتكاتف بين جميع المؤسسات الدينية والتعليمية والاجتماعية وغيرها لبناء الشخصية المصرية الواعية”.
وأكد مفتى الجمهورية، أن مؤسسة الأزهر الشريف تأتى فى مقدمة المؤسسات التى يُلقى عليها عبء بناء الوعى كمنارةٍ لنشر مناهج الوسطية والاعتدال والوطنية والتعايش المشترك وقبول الآخر، ذلك لأن الفكر الأزهرى له الدور الأكبر فى إمساكه بزمامِ تجديد الخطاب الدينى فى ظل الثوابت الإسلامية، وذلك للحفاظ على الهوية المصرية التى تضع الدين والوطن فى محور اهتمامها، ولا يرتاب أحدٌ فى أن الفكر الأزهرى لم يتوانَ عن القيام بهذا الدور رغم كثرة التحديات وضخامة الأعباء، ولسنا بصدد تعداد وحصر ما قام به الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف قديمًا وما يقومون به الآن؛ فهذا أمرٌ يطول.