المسجد يتميز بطابع خاص بين الآثار الإسلامية في مصر، مما جعله مزارا سياحيا مهما، ولذلك حرص العديد من الرؤساء الوافدين على زيارته. “لا يعرف في بلاد الإسلام معبد من معابد المسلمين يحاكي هذا الجامع وقبته التي لم يبنَ بديار مصر والشام والعراق والمغرب واليمن مثلها” هكذا وصف المقريزي مسجد السلطان حسن الذي يعد درة العمارة الإسلامية بالشرق أجمعه، ويمثل مرحلة نضوج العمارة المملوكية وخير أبنية عصر المماليك.
مسجد السلطان حسن
يعتبر مسجد ومدرسة السلطان حسن من أضخم وأكبر مساجد مصر عمارة وأعلاها بنياناً، حيث أنشأه السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون ما بين عامي (757هـ/1356م) و(765هـ/1363م), وتقع هذه المدرسة في نهاية شارع محمد علي أمام جامع الرفاعي بميدان القلعة (ميدان صلاح الدين) .
تاريخ مسجد السلطان حسن
يذكر المؤرخ المقريزى فى كتاباته عن بناء المسجد الذى يرجع إلى القرن الخامس عشر الميلادى مشيراً إلى أن الأوبئة التي أثرت على السكان في ذلك الوقت حالت دون إستكمال بناء المسجد , تجاوز إجمالى تكلفة المشروع المليون دينار . نظرًا لأن المشروع تم تنفيذه على هذا النطاق الهائل مما جذب العديد من الصناع والحرفيين من مختلف أقاليم الدولة المملوكية.
وقد إستخدم مسجد السلطان حسن كحصن نظرا لقربة من القلعة إذ كانت تطلق من فوق سطحه المجانق على القلعة عندما تثور الفتن بين أمراء المماليك البرجية مما دفع بعض سلاطين المماليك إلى التفكيرفى هدمه بصورة جدية .
يتكون المسجد من صحن (ساحة مفتوحة) أوسط مكشوف، ويحيط بالصحن أربعة إيوانات “مساحة مربعة أو مستطيلة مغلقة من ثلاثة أضلاع ومفتوح ضلعها الرابع بالكامل”, وفي زوايا الصحن الأربعة يوجد أربعة أبواب توصل إلى المدارس الأربعة خصصت لتدريس المذاهب الأربعة.
تعرض المسجد للعديد من عمليات الترميم وإعادة البناء على مر العصور حتى القرن العشرين كمعظم المعالم الإسلامية في القاهرة, وأهم ما يميز المسجد القباب الداخلية والخارجية ذو الزخارف الرائعة تصميمها المعمارى المميز والذى ربما أستوحى من الفنون والعمارة الأرمينية.
ويعتمد تصميم المسجد الذي تبلغ مساحته نحو 8 آلاف متر مربع على التخطيط المتعامد، ويتوسطه صحن مفتوح محاط بأربعة إيوانات، وتوجد في وسط الصحن نافورة تعلوها قبة بنيت على ثمانية أعمدة، ويضم الصحن أربعة أبواب تفتح على أربع مدارس، وتعد كل مدرسة مسجداً صغيراً، ويبلغ ارتفاع مئذنته 81 متراً.
اغتيال السلطان حسن
ورغم اغتيال السلطان حسن سنة 762 هـ (1360 م) أكمل تلميذه الأمير بشير الجمدار بناء المسجد لينتهي بعد أربع سنوات، ويعد المسجد من أبرز آثار القاهرة التاريخية، وأحد أهم وجهات السائحين وكبار الزائرين، فقد حرص الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون على زيارة المسجد خلال عام 2009. كما قال عنه المؤرخ الفرنسي آدم فرنسوا جومار في كتاب «وصف مصر»: «إنه من أجمل مباني القاهرة والإسلام، ويستحق أن يكون في المرتبة الأولى للعمارة العربية بفضل قبته العالية، وارتفاع مئذنته، وعظم اتساعه وفخامة وكثرة زخارفه»، ووصفه الرحالة المغربي الورتلاني، بأنه «مسجد لا ثاني له في مصر ولا غيرها من البلاد في فخامة البناء ونباهته».
كما وصفه المستشرق الفرنسي جاستون فييت بقوله: «قد يكون هذا الجامع هو الوحيد بين جوامع القاهرة الذي جمع بين قوة البناء وعظمته، ورقة الزخرفة وجمالها».
كما زار المسجد رشاد حسين، مبعوث الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخاص إلى منظمة التعاون الإسلامي، في إطار جولته للاجتماع بأعضاء الحكومة المصرية والقيادات السياسية والدينية والمجتمع المدني في أغسطس 2012، وفي مارس 2016 قام سفير دولة الكويت لدى مصر بزيارة المسجد لدعم السياحة العربية إلى مصر وإبراز الكنوز الأثرية.
ويقول الباحث المصري عبدالعظيم فهمي إن مجموعة السلطان حسن أو مسجد ومدرسة وقبة السلطان الناصر حسن هي أحد أهم المساجد الأثرية الشهيرة بالقاهرة، فهو بمثابة الهرم الرابع، بدأ إنشاؤه السلطان الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون عام 757هـ/1356م واكتمل بعدها بسبع سنوات عام 764هـ/1363م خلال حقبة حكم المماليك البحرية لمصر؛ حيث قتل السلطان حسن قبل انتهاء البناء، ولكنه لم يدفن في الضريح الذي بناه خصيصاً لعدم العثور على جثمانه بل دفن فيه ولداه فيما بعد.
ويضيف فهمي أنه بداخل هذا الجامع عجائب من البنيان، فهو يتميز بالزخارف البديعة والدقيقة جداً، وقال السلطان عن تحفته المعمارية: “لولا أن يُقال ملك مصر عجز عن إتمام بناء بناه لتركت بناء هذا الجامع من كثرة ما صُرف عليه”، إذ استمر العمل 3 سنوات بدون توقف، وقيل إنه تكلف 750 ألف دينار من الذهب.
بني المسجد على مساحة 7906 أمتار مربعة، على قطعة من الأرض كانت تسمى “سوق الخيل” في ميدان “الرميلة” ميدان صلاح الدين حالياً بحي الخليفة، وكان به قصر أمر ببنائه الناصر محمد بن قلاوون لسكنى الأمير يلبغا اليحياوي، ثم قام السلطان حسن بهدم هذا القصر وبنى محله مجموعته.
ويقول فهمي إن المسجد يأخذ في بنائه طراز المساجد الفارسية، فقد صمم على طريقة التعامد التي تشتمل على أربعة إيوانات متواجهة أكبرها الشرقي “القبلة” ويضم محراباً من الرخام محلى بزخارف دقيقة والمنبر، ويتوسطها صحن مكشوف، به فسقية للوضوء تعلوها قبة خشبية تقوم على ثمانية أعمدة، أتم بناءها تلميذه الأمير بشير الجمدار عام 1364م وكتب بدائرها آية الكرسي وتاريخ الفراغ منها، كما أتم بناء القبة الكبيرة من الخشب وغطاها بألواح من الرصاص لتكون بذلك رابع قبة كبيرة في مصر بعد قبة الإمام الشافعي، وقبة مسجد الظاهر، وقبة مسجد الناصر قلاوون.
يحيط بالصحن 4 مدارس لتعليم المذاهب الأربعة، تعد مساجد صغيرة محدقة بالجامع الكبير، وتتكون كل مدرسة من إيوان وصحن تتوسطه فسقية، وتحتوي كل مدرسة على ثلاثة طوابق تشتمل على غرف الطلبة والدرس، ويطل بعضها على صحن المدرسة وبعضها الآخر يطل على الواجهات الخارجية، وتعد المدرسة الحنفية أكبر المدارس، إذ تبلغ مساحتها 898 متراً.
ويضيف، كان من المقرر في المشروع بناء أربع منارات “مئذنة”، فرغ من بناء ثلاث، منها اثنتان تكتنفان القبة بالوجهة الشرقية، والثالثة كانت على الكتف الأيمن للباب العمومي، ففي عام 762هـ/1361م سقطت المئذنة الثالثة على ثلاثمائة شخص من الأيتام ومن العامة، فأبطل السلطان حسن بناء المنارة الرابعة، واكتفى بالمنارتين، حتى ظن بأنه منذر بزوال الدولة، كما ورد في كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار “الخطط المقريزية”.
أما باب المسجد فهو ليس بابه الأصلي؛ حيث كان مغطى بالمعدن والنحاس، وسرقه السلطان المؤيد شيخ ووضعه على باب مسجده فى منطقة باب زويلة وما زال موجوداً حتى الآن يحمل اسم السلطان حسن، كما أنه توجد بعض آثار لضربات المدفع على الجدار، وذلك بسبب صعود المماليك أعلى المسجد واستخدامهم المنجنيق لضرب قلعة صلاح الدين.
ولعظمة المسجد لا تزال الحكومة المصرية تضع صورة المسجد على العملة المصرية فئة الـ100 جنيه حتى الآن.