ظاهرة التسول ظاهرة إجتماعية تنشط في مواسم معينة بشكل يهدد أمن المجتمع ويقلق راحته ، ويشوه مظهره ، فينزل المتسولون فيحتلون الساحات والشوارع والطرقات ، ويمارسون نشاطهم فيجرحون الشعور العام ، ويضايقون بتصرفاتهم من يقع تحت يدهم من الافراد .
وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد حذرت من ظاهرة التسول ، وقبحت من هذا الجُرم فقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ ) صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم .
فإن القانون الجنائي واجه هذه الظاهرة أيضاً بقواعد حازمة في القانون رقم 49 لسنة 1933 بشأن مواجهة التسول، فعاقب الشخص الذي يمارس التسول في الطريق العام أو في المحال أو الأماكن العمومية ، ولو أدعى أو تظاهر بأداء خدمة للغير أو عرض ألعاب أو بيع أي شيء ، وهو صحيح البنية وبلغ خمسة عشر سنة أو أكثر بعقوبة الحبس مدة لا تتجاوز شهرين .
أما الشخص غير صحيح البنية ومارس التسول في مدينة أو قرية نظم القانون له فيها ، ملاجئ وكان التحاقه بها ممكناً ، فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهراً .
أما المتسول الذي يتصنع الإصابة بجروح أو عاهات أو يستعمل أية وسيلة أخرى من وسائل الغش لاكتساب عطف الجمهور واستغلال مشاعرهم ، كاصطحاب أطفال يعانون من أمراض ، أو إظهار شهادات أو وثائق طبية ، فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور .
كما يعاقب كل شخص يدخل بدون إذن في منزل ، أو محل ملحق به بغرض التسول ، بعقوبة الحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور .
كما يعاقب بنفس العقوبة السابقة كل من أغرى الأحداث الذين تقل سنهم عن خمس عشرة سنة على التسول، وكذلك كل من استخدم صغيراً في هذه السن أو سلمه لآخر بغرض التسول، وإذا كان المتسول والياً أو وصياً على الصغير أو مكلفاً بملاحظته تكون العقوبة الحبس من ثلاثة إلى ستة شهور.
وفي جميع الأحوال التي يحكم فيها على المتسول غير صحيح البنية في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون يأمر القاضي بإدخاله في الملجأ بعد تنفيذ العقوبة.
يجوز للبوليس وللنيابة الأمر بالقبض على المتهم كما يجوز للنيابة أن تصدر أمراً بحبسه احتياطياً ولا يكون هذا الأمر نافذ المفعول إلا لمدة الأربعة الأيام التالية للقبض على المتهم أو تسليمه للنيابة إذا كان مقبوضاً عليه من قبل ما لم تحصل النيابة في أثناء هذه المدة على إذن بالكتابة من القاضي الجزئي بامتدادها طبقاً لنص المادة 37 من قانون تحقيق الجنايات، وكل حكم يصدر طبقاً لنصوص هذا القانون يكون واجب التنفيذ ولو مع حصول الاستئناف.
وترتبط جريمة التسول عادة بجريمة التشرد المنصوص عليها في المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم ٩٨ لسنة ١٩٤٥ بشأن التشرد فى صورتها القائمة على التسول ، إلا أن جريمة التشرد لا تقوم بمجرد قيام المتهم بفعل الاستجداء بل يلزم ، بالإضافة إلى شرطى السن والجنس – أن يحترف المتهم مهنة التسول .
ولما كان التسول يعد فى ذاته وسيلة غير مشروعة للتعيش فضلا عن أنه يُعد جريمة يعاقب عليها القانون ، فإن ممارسة هذه الوسيلة المحرمة واتخاذها موردا للرزق تثبت به حالة التشرد التي تمثل جريمة جنائية آخري وعقوبتها الوضع تحت مراقبة الشرطة .
وبالرغم من توافر العقوبات التي تواجه ظاهرة التسول إلا إنها في زيادة وانتشار ، مما يستدعي تدخل الدولة لوضع الخطط غير التقليدية اللازمة لمواجهة هذه الظاهرة المتفاقمة ، ففي الحقيقة فإن القانون الجنائي وحده لا يكفي لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التي تُعد مصدر للكثير من الجرائم .
وإذا كان المشرع الجنائي ما زال مدعو للتدخل لتشديد العقوبات الخاصة بتسريح الصبية ممن هم دون الخامسة عشرة علي من يغرى هؤلاء الأحداث علي ممارسة التسول باعتبار أن هؤلاء المسرحين هم المجرمون الحقيقيون ، فإن المشرع غير الجنائي أيضاً مدعو بجدية للتدخل بسن التشريعات الإجتماعية لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة .
وفي هذا المجال فإن الأمر يحتاج تكاتف مختلف الجهود ؛ حتي يمكن التغلب علي مضار التسول والتشرد والقضاء علي مشكلاتهما من أساسهما .