تكفل القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها بمواجهة هذه الظاهرة ، وفي البداية نشير إلي أن القانون سكت عن معاقبة من يدفعون بأموالهم في حجر مستريحي تلقي الأموال مستسلمين لأطماعهم ، بالرغم من علمهم بإن المستريحين ليس لديهم تصريح بتلقي هذه الأموال ؛ ولعل المشرع اكتفي بما يلاقونه من خسائر من جراء تصرفهم الأهوج .
ونشير أيضاً إلي أن القانون لم يجّرم تلقي الأموال فيما بين الزملاء والمعارف فيما يسمي “بالجمعيات” التي تتم بين الأسر في إطار أشخاص محددين ، ويقوم بجمعها أحدهم ليخصصها لفرد من أعضاء الجمعية كل شهر .
وكذلك لم يجرم القانون ما يسمى بشركات المحاصة التي تتم بالإتفاقيات الخاصة المحددة بين فرد أو أكثر وبعض الأفراد الذين تربطهم علاقات خاصة تدعو للطمأنينة بين بعضهم البعض ، ودون عرض الأمر على عموم الجمهور.
أما الجريمة محل بحثنا فتتمثل في تلقى أموالاً من الجمهور بأية عملة أو بأية وسيلة وتحت أي مسمى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستتراً ، وذلك بغير ترخيص بمزاولة نشاط تلقى الأموال لتوظيفها واستثمارها ، بحسبان أن هذا النشاط مقصور علي الشركات المساهمة المقيدة بالسجل المعد لذلك بالهيئة العامة لسوق المال .
وحيث تنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقى الأموال لاستثمارها قد حظرت على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المال أن تتلقى أموالاً من الجمهور بأية عملة أو بأية وسيلة وتحت أي مسمى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستتراً .
كما نصت الفقرة الأولى من المادة 21 من ذات القانون على أن ” كل من تلقى أموالاً على خلاف أحكام هذا القانون ، أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها، يعاقب بالسجن ( من 3-15 سنة ) وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مثلى ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق ، ويحكم على الجاني برد الأموال المستحقة إلى أصحابها ، وتنقضي الدعوى الجنائية إذا بادر المتهم برد المبالغ المستحقة لأصحابها أثناء التحقيق، وللمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الرد قبل صدور حكم نهائي في الدعوى … ” .
ولما كان نص المادة الأولى المشار إليه يحظر على غير الشركات المحددة فيه تلقى أموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها ، فإن الشرط المفترض في الركن المادي لتقلي الأموال المؤثم أن يكون التلقي من الجمهور أي من أشخاص بغير تمييز بينهم وبغير رابطة خاصة تربطهم بمتلقي الأموال ، وهو ما يعنى أن تلقى الأموال لم يكن مقصوراً على أشخاص معينين بذواتهم أو محددين بأعينهم وإنما كان مفتوحاً لكافة الناس دون تمييز أو تحديد .
وبذلك فيشترط في هذه الجريمة عدة شروط أهمها أن توجه الدعوى للجمهور بغير تمييز، أي أن تلقي المال لا يكون – كما هو الحال في جريمة النصب – على الاعتبار الشخصي بين الضحية و الجاني أو بناء على أي رابطة شخصية تربط بين الجاني والضحية وتبعث على اطمئنان الأخير للجاني فيسلمه المال بناء على تلك الرابطة ، وإنما يشترط أن تكون الدعوة في جريمة تلقي الأموال لاستثمارها ، موجه للجمهور الغالب دون تميز أو رابط بين موجه الدعوة و متلقيها .
ونري أن الحل لمنع هذه الظاهرة يتمثل في خلق الفرص لأصحاب الأموال لاستثمارها بدون خوف ، والتشجيع علي إقامة مشاريع خاصة بهم يقومون بإدارتها بأنفسهم وتشغيل الشباب فيها .
كما يجب علي الإعلام القيام بدوره في معركة الوعي خاصة لفئة الفلاحين والعمال وحمايتهم من أطماع النصابين الذين يدفعونهم دفعاً للتفريط بما يملكونه من أموال أو مشغولات ذهبية ، بل إن البعض يقوم ببيع مواشيه ، أو جزء من أرضه الزراعية لتحقيق الثراء السريع الذي يحلمون به .
ومن هنا يلزم استخدام كل الوسائل المتاحة لمحاربة هذه الظاهرة أمنياً وتشريعياً واجتماعياً ودينياً لتحذير الأفراد من الوقوع في هذا الفخ .
ثم يأتي دور الردع عن طريق تغليظ العقوبات التي تطبق على المجرمين وإصدار التشريعات اللازمة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة ، وبدون أن يستخدم المشرع أي تسامح مع من يرتكب هذا الفعل المستهجن .