قالت وكالة أنباء (كيودو) اليابانية إنه مع إعلان الولايات المتحدة عن خططها لإعادة فرض عقوبات على ميانمار بسبب الانقلاب العسكري الذي وقع في وقت سابق من الشهر الجاري، لا تزال اليابان حذرة بشأن اللجوء إلى فرض إجراءات عقابية ضد هذا البلد.
وأشارت (كيودو) -في سياق تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني اليوم الخميس- إلى أن اليابان تتخوف من أن تؤثر العقوبات على الشركات اليابانية العاملة في ميانمار وتقرب جيش ميانمار من الصين.
الأمن القومي في كوريا الجنوبية يتعهدون بتحسين العلاقات مع اليابان
وفي الوقت الذي يفكر فيه الاتحاد الأوروبي أيضا في فرض عقوبات على ميانمار، تبذل اليابان جهودها لإقناع جيش ميانمار – الذي تولى السلطة في البلاد يوم 1 فبراير – إطلاق سراح المعتقلين المدنيين وعلى رأسهم الزعيمة أونج سان سو كي، والعودة إلى العملية الديمقراطية.
ولطالما حافظت اليابان على علاقاتها مع ميانمار، مما يجعلها الدولة الوحيدة من بين ما يسمى بالدول الغربية التي لها صلات مع كل من الجيش وكذلك حزب سو كي (الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية)، وما يؤكد علاقات اليابان الوثيقة مع الطرفين هو لقاء وزير الخارجية توشيميتسو موتيجي مع كل من سو كي والقائد العسكري الذي قاد الانقلاب مين أونج هلاينج، وذلك عندما زار ميانمار في أغسطس الماضي.
مظاهرات حاشدة في ميانمار للمطالبة بالإفراج عن أونج سان سوتشي
وأكد الخبراء أنه في ظل تزايد الاحتجاجات المناهضة للجيش والانقلاب في ميانمار وإذا أقدمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على فرض العقوبات وحثا اليابان على فرض عقوبات هي الأخرى، فإن ذلك سيضع طوكيو في موقف صعب باعتبارها حليف رئيسي لواشنطن.
وقال رئيس مؤسسة نيبون في طوكيو يوهي ساساكاوا “إذا فرضت الولايات المتحدة ودول أخرى عقوبات على ميانمار فإنها لن تزيد فقط من نفوذ الصين جارة ميانمار، ولكن يمكن أن تؤدي أيضا إلى فقدان قاعدة أمنية رئيسية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”، مضيفا “وإذا قررت الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية، فإن اليابان كحليف لها ستكون في وضع صعب”.
كان ساساكاوا قد ترأس مجموعة مراقبة يابانية لانتخابات ميانمار في نوفمبر، والتي منحت الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية أغلبية ساحقة إذ حصلت الرابطة على 396 مقعدا من أصل 476 مقعدا في البرلمان، وهو عامل رئيسي يُعتقد أنه دفع الجيش للإطاحة بحكومة سو كي المنتخبة.
“فاينانشيال تايمز”: بايدن يبدأ أولى خطواته في مواجهة الصين بتشكيل فريق عمل جديد في البنتاجون
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم أمس /الأربعاء/ إن الولايات المتحدة ستعاقب القادة العسكريين في ميانمار وتفرض ضوابط تصدير قوية لإجبار الجيش على عكس مساره.
بدوره، قال خبير الشئون الإقليمية في بانكوك كافي تشونجكيتافورن إنه ينبغي على اليابان إرسال “رسالة قوية” إلى ميانمار للإفراج عن سو كي، وعلى طوكيو أن تحث واشنطن على مواصلة “المشاركة البناءة” مع جيش ميانمار دون إعادة فرض عقوبات كبيرة عليها.
كما حذر خبراء آخرون من التسرع في اتخاذ قرار بشأن فرض عقوبات على ميانمار.
وقال رئيس معهد سنغافورة للشؤون الدولية سيمون تاي “يمكن للعقوبات المطبقة بالفعل أن تستمر ضد الجنرالات، وتتوسع لتشمل الآخرين المشاركين في حالة الطوارئ”.
وأضاف تاي “في المقابل إذا أظهروا إشارات على التراجع، فيجب تعزيز الحوار، لكن العقوبات الواسعة كما استخدمها الغرب في السابق يجب تجنبها، إنهم يؤذون المواطنين العاديين كما أنهم سيدفعون الجيش إلى الاعتماد بشكل أكبر على الصين”.
وكان مين أونج هلاينج والعديد من الجنرالات الآخرين قد تعرضوا بالفعل لعقوبات أمريكية لتورطهم في حملات قمع ضد أقلية الروهينجا المسلمة.
وتعمل الصين على تعزيز العلاقات مع ميانمار من خلال المساعدة في مشاريع البناء مثل خطوط الأنابيب والموانئ في إطار مبادرة الحزام والطريق، وهي خطة بنية تحتية ضخمة عابرة للحدود يقول منتقدون، إنها تهدف إلى جذب الدول إلى عمق أكبر في فلك بكين الاقتصادي.
ورفضت بكين إدانة الجنرالات وأصرت على أن الدول الأخرى يجب ألا تتدخل في الشؤون الداخلية لميانمار، وأشارت وكالة أنباء شينخوا الرسمية الصينية إلى الانقلاب بأنه “تعديل وزاري كبير”.
وفقا لبيانات وزارة الخارجية اليابانية، قدمت اليابان مساعدات إنمائية رسمية ضخمة بلغ مجموعها حوالي 190 مليار ين (8ر1 مليار دولار) في السنة المالية 2019، وهي أكبر نسبة من بين 30 عضوا في لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ونظرا لأن اليابان ليس لديها قانون يطالب الحكومة بفرض عقوبات على الأفراد على أساس انتهاكات حقوق الإنسان، فإن الخيار الوحيد الممكن أمام اليابان هو وقف أو تقليص مساعدتها الاقتصادية لميانمار.