يشهد العالم كل بضعة أجيال، صدمات اقتصادية وكوارث صحية عالمية تحدث على فترات بعيدة المدى، ولكن يظل تأثيرها لفترة زمنية طويلة، وتعمل على تحول اقتصاديات الدول وتدفع الحكومات إلى تبني سياسات جديدة.
وكانت من ضمن هذة التغييرات التي طرأت على العالم، فيروس كورونا المستجد “كوفيد- 19”.
وعلى الرغم من وجود الكثير من التفاؤل من أن الاقتصاد العالمي سيتعافى قريباً من الركود الحاصل، وأيضاً مع وجود اللقاحات التي ستعمل على تسريع وتيرة الانتعاش في 2021، ولكن ستؤثر تبعات أخرى للجائحة على النمو العالمي.
ورصدت وكالة “بلومبرج” العالمية عدة مناحي غيرت بها الجائحة الاقتصاد العالمي للأبد.
تأثير الجائحة في دور الحكومات
تسبب الوباء في تعزيز دور الحكومات في حياة الأفراد، وأصبح من الشائع أن تتبع السلطات الأماكن التي يذهب إليها الأفراد وتحديد أعداد التجمعات المسموح بها، كما عملت الحكومات على تدعيم أصحاب العمل من خلال دفع رواتب العاملين في حالة عدم تمكن أحاب العمل من سدادها، وقد توقعت “ماكينزي أند كو” وصول عجز الميزانيات الحكومية حول العالم إلى ما يتراوح بين 9 تريليونات إلى 11 تريليون دولار في 2020، وأن يبلغ إجماليها التراكمي 30 تريليون دولار بحلول 2023.
سياسة البنوك التوسعية:
اتجهت البنوك لتخفيض أسعار الفائدة مرات عديده للتخلص من الركود الحادث، وعملت أيضاً على طباعة الأموال لتعويض الأفراد عن الخاسئر الحادثة لهم، ووسعت مشترياتها من ديون الشركات والحكومات، وكنتيجة لجميع هذة التدخلات المالية، خلق بعض من الظروف المالية الأكثر تيسيرًا في التاريخ، وقد أشارت “بلومبرج” إلى ورقة بحثية صدرت العام الماضي، تشير إلى أن التاريخ يظهر أن الأوبئة تخفض أسعار الفائدة لفترة طويلة.
الديون:
شهدت ديون الشركات في دول العالم ارتفاعاً بسبب الوباء، ويقدر بنك التسويات الدولية أن الشركات غير المالية اقترضت صافي 3.36 تريليون دولار في النصف الأول من عام 2020.
التفاوتات:
تفتقر الدول الفقيرة إلى الموارد اللازمة لحماية الوظائف والشركات أو الاستثمار في اللقاحات بالطريقة التي فعلها نظرائها الأكثر ثراءً، وستحتاج إلى ربط الأحزمة عاجلاً أو المخاطرة بأزمات عملة وهروب لرؤس الأموال، ويحذر صندوق النقد الدولي من أن الوباء قد يؤدي إلى ظهور جيل جديد من الفقر واضطرابات تتعلق بالديون.
تغير شكل العمل والوظائف:
أثار الوباء مخاوف جديدة بشأن التواصل بين البشر وخاصة في الصناعات التي يكون فيها التباعد الاجتماعي صعبًا مثل البيع بالتجزئة أو الضيافة أو التخزين، وكان من أحد الحلول لتلك المشكلة هو الاستعانة بالروبوتات، ولكن عندما تصبح العودة إلى العمل آمنة، فإن بعض الوظائف لن يكون لها وجود، كما أنه كلما طالت مدة بقاء الأشخاص عاطلين عن العمل، كلما زادت إمكانية ضمور مهاراتهم، وقد أظهرت إحدى الدراسات أن ثلثي الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في مايو جاء بواسطة أشخاص يعملون من المنزل، وأخطرت عدة شركات موظفيها بالعمل عن بعد خلال عام 2021، كما أشارت بعضها إلى ستواصل مرونة العمل عن بعد إلى الأبد، وعندما أغلقت المصانع الصينية في بداية الوباء، تسبب ذلك في صدمة عبر سلاسل التوريد في كل الدول، وجعل الشركات والحكومات تعيد النظر في اعتمادها على الصين.
السياحة العالمية:
تراجعت السياحة العالمية بنسبة 72% خلال العام المنتهي في أكتوبر، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، وتتوقع شركة “ماكينزي” أن ربع رحلات العمل قد تختفي إلى الأبد مع التحول نحو عقد الاجتماعات عبر الإنترنت، وغير واضح كيف سيكون مستقبل السفر الجوي، إذ قد يضطر المسافرون إلى حمل شهادات صحية إلزامية.
التحول نحو الطاقة الخضراء والاقتصاد الأخضر:
عندما شهد عام 2020، بقاء الطائرات دون تحليق، والأفراد في منازلهم بسبب الوباء، شعرت كبرى شركات النفط مثل “بريتش بتروليوم” بتهديد حقيقي من العالم الذي أصبح جادًا بشأن المناخ، وأعلنت الحكومات من كاليفورنيا إلى المملكة المتحدة خططًا لحظر بيع السيارات الجديدة العاملة بالبنزين والديزل بحلول عام 2035، كما تم انتخاب “جو بايدن” رئيسًا للولايات المتحدة والذي وعد بإعادة انضمام البلاد إلى اتفاقية باريس.