كتبت – سماح عثمان
لم يعد الحصول على شهادات الخبرة بالأمر الصعب كما كان عليه في الماضي، وذلك بفضل مافيا تزوير الأختام التي احترفت تلك المهنة فأصبحت وسيلة تهديد مباشرة للدولة ليس فقط لاستخدام الأختام المزيفة في تزوير شهادات الخبرة فهذا أمر سهل مقارنة بتزوير أختام مصالح حكومية “محافظات ووزارات” حتى وصل الأمر إلى ختم شعار الجمهورية، وكل “ختم” بسعر مختلف علي حسب أهميه الجهة المحسوب عليها، ولكنها تظل عملية تزوير ممنهجة تضر بالأمن القومي وتستدعي تدخل الاجهزة الأمنية والتي تداهم اوكار المزورين من وقت لآخر.
“لم أعرف أن الأوراق مزيفة وهل يعقل أن يزور أحد ختم شعار الجمهورية”، بهذه العبارة وصف المهندس صبحي الجندي ولي أمر الطالبة مها والتي احتاجت لتأشيرة من المحافظ حتى تتمكن من دخول المدرسة “صغار سن”، مضيفًا :لجأت إلى شخص له علاقات متشعبة ولم أتردد في الذهاب إليه، وطلبت منه تأشيرة من المحافظ حتى أستطيع الحاق ابنتي وهي في عمر 4 أعوام وشهرين بحضانة المدرسة التجريبية، وبعد ثلاث أيام جاء ومعه تأشيرة المسئول وختم شعار الجمهورية يزيل التأشيرة وتقدمت بها إلى مدير الادارة والذي شك في الامر وبالبحث والتحري ثبت أن ختم الشعار مزور وتم احتواء الأمر دون تحويله إلى النيابة العامة وذلك لوجود حسن النية، وبالسؤال عن هذا الشخص تأكدت أنه يقوم باعطاء تأشيرات مزيفة من خلال عدد من الاختام التي حصل عليها من الورش الموجودة في منطقة “شق الثعبان” .
شق التعبان والعتبه “وجهتان لتزوير الأختام”
في ضوء المعلومات الأولية التي حصلنا عليها من أحد ضحايا الأختام المزورة، اقتحمنا أوكار تزوير الأختام حيث علمنا بوجود بعض الورش داخل مطابع بير السلم والتي تقوم بتلك المهمة بعيدًا عن عيون الاجهزة الامنية والرقابية.
“احمد.ج” عامل بواحدة من مطابع العتبه أكد: 100 ورشة وربما يزيد العدد عن ذلك بقليل مسئولة عن كل الأختام المزورة وغير المزورة علي مستوي الجمهورية، وكل الأشكال موجودة بدءًا من ختم الشركات الخاصة وحتى ختم شعار الجمهورية وكلاً علي حسب السعر، وفي الطبيعي لابد من وجود تفويض من قبل الشركة أو الوزارة للشخص الذي يأتي لعمل الختم لتقديمه إلى شرطة المصنفات ولكن أمام زيادة السعر يتم التنازل عن هذا الإجراء.
التسليم ديلفري وتزوير روشتات الأدوية المخدرة
وتابع العامل شهادته، قائلاً : الأسعار تبدأ من 70 و80 إلى 200 وأحيانًا 500 جنيه وبعض الأختام الأخرى تصل إلى 1000 جنيه ولايتم الدفع أو التسليم داخل الورشة بل يتم الاتفاق داخل المطبعة والتسليم “دليفري” لإبعاد أي شبهة جنائية عن صاحب المطبعة، وبالنسبة لأختام التي يزيد سعرها عن الألف جنيه تكون خاصة بالتأمين الصحي والتي تستخدم لبعض الروشتات لصرف أدوية مخدرة يتم ترويجها فيما بعد بأسعار مرتفعة.
ومن العتبه إلى منطقة “شق التعبان”، حيث يروي “محمد رضا”، شهادته حول تزوير الاختام، قائلاً : توجهت إلى منطقة شق التعبان لعمل ختم خاص بالشركة، ولم يكن معي تفويض بعمل هذا الختم لجهلي بكيفية سير الأمور وهناك التقيت بأشخاص يعرضون ختم شعار الجمهورية ولم أصدق ما رأيته عيني وعندما طلبت ختم خاص بالشركة وافقوا وبسعر 70 جنيه وعندما علموا أنني لا أملك تفويض من الشركة بعمل هذا الختم زاد السعر إلى 120 جنيه وحتى لا اعود فارغ اليد وافقت.
ختم احتياطي لتسليمه لشرطة المصنفات
“بـ 5 الاف جنيه أستطيع تمليكك فيلا علي النيل”، هذا هو عرض من أحد العاملين بتلك الورش المسئولة عن تزوير الاختام، وهو شاب ثلاثيني يدعي “رجب”، مستطردًا حديثه: ختم الشعار المصنوع في الورش هو نفسه المصنوع لدي الحكومة ولا اختلاف بين الإثنين في الفورمة أو الحجم والمصالح الحكومية تأتي في الأساس إلى ورش “شق التعبان” والعتبة لعمل تلك الأختام، وحتى يؤمن صاحب الورشة نفسه يقوم بعمل نسختين من الختم واحد للزبون والآخر لعمل تفويض نقوم بتسليمه إلى شرطة المصنفات حتى يؤمن صاحب الورشة نفسه من المساءلة القانونية.
وتابع رجب، يوميًا يأتي إلينا زبائن من كل المحافظات، بعضهم موظفين فقدوا ختم الشعار وخوفًا من المحاسبة القانونية يقوموا بعمل واحد جديد وآخرين يأتون للحصول على الأختام لأغراض غير مشروعة ولا يهم صاحب الورشة سبب قدوم الزبون بقدر ما يعنيه ما سيدفعه الزبون من أموال.
مستشار قانوني لــ”أوان مصر”: عقوبة تزوير الأختام تصل للمؤبد
أكد المستشار يوسف مبارك المحامي بالنقض،أن عقوبة تزوير الاختام تصل إلى مؤبد في بعض الحالات.
وقال مبارك في تصريح لــ”أوان مصر“،تنص المادة 206 من قانون العقوبات بالأشغال الشاقة أو السجن لكل من قلد أو زور شيئا من الأشياء الآتية سواء بنفسه أو بواسطة غيره وكذلك كل من استعمل هذه الأشياء أو أدخلها فى البلاد مع علمه بتقليدها أو بتزويرها.
وأضاف مبارك أن هذه الاشياء، أمر جمهورى أو قانون أو مرسوم أو قرار صادر من الحكومة، وختم الدولة أو إمضاء رئيس الجمهورية أو ختمه كذلك ختم أو تمغة مصلحة حكومية أو أوراق مرتبات الموظفين، وتزوير تمغات الذهب أو الفضة”.
كما نصت المادة 206 مكرر على: يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنين على الجرائم الواردة فى المادة السابقة إذا كان محلها أختاما أو تمغات أو علامات لإحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقا للأوضاع المقررة قانونا أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات إذا كانت الأختام أو التمغات أو العلامات التي وقعت خاصة بمؤسسة، شركة، جمعية، منظمة أو منشاة كانت الدولة تساهم في مالها بنصيب ما.