«قلب ولدي عليا حجر»، مثل مصري قديم يُقال دائمًا على ألسنة الناس، لكن عندما نستنبطه ترى العمق الذي بداخله، بعض الأبناء هذه الأيام لم يتذكروا الإحسان ولا الشفقة ولا المحبة لأبناءهم، منهم من يقتل والديه ومنهم من يذله ومنهم من يضربه ويسبه، ونسوا قوله تعالى «واخفض لهما جناح الذل من الرحمة»، بل ظلوا يفعلون العكس ونسوا أحكام الدين وأصبح ذُل الوالدين وعقوقهم أساس الحياة.
يستلقي الرجل الستيني من برودة الشتاء، ومن الأمطار تحت أي شُرفة منزل، جعل من الشارع مأوى ومن الصخور متكئًا ينام عليه، لا يستطيع الحركة ولا التحدث بطريقة سليمة، وذلك بسبب ما فعلوه أبنائه به، بالإضافة إلى الكسور التي بجسده، عندما طردوه أبنائه استقبله الشارع، ظل هكذا إلى أن أمتدت إليه مؤسسة معانا لإنقاذ إنسان لتعطيه قبلة الحياة من جديد.
ويقول الرجل الستيني والدموع على خديه وهو مستلقي على الأرض، أنه عندما سقط من الدور الخامس واُصيب إصابات بالغة بالظهر والحوض، لم يجد أحد من أبنائه يحنوا عليه والجميع أغلقوا أبوابهم في وجهه اتخذ حينئذٍ الشارع مأوى له، وغطاء متهرئة يقيه من برودة الشتاء وظل هكذا قرابة الشهرين ولم يحاول أحد من أبنائه الوصول إليه.
يحكي حجازي حسن البالغ من العمر 62 عام ابن محافظة «قنا»، أنه عندما لجأ إلى الشارع لم يجد الراحة يومًا ما مع أن الشارع كان أحن عليه من أبنائه اللذين تركوه وهو في أشد الحاجة إليهم، وعندما لجأ لابنه الأكبر لم تتقبل زوجته الآمر وقام بطرده.
وتواصلت «مؤسسة معانا لإنقاذ إنسان» مع عم حجازي بعد أن وردت بلاغات من الأهالي للمؤسسة، وانقذوه من برودة الشتاء القارسة، واللجوء للشوارع، ونُقل إلى إحدى دور الرعاية واُجريت له الفحوصات الطبية اللازمة من قبل الفرف الطبية المتخصصة.