ذَكَرَ الله قِصّةَ نبيّهِ سُليمانَ مَع الهدهدِ في سورةِ النًّمل فما هي؟.. ذَاتَ يومٍ جمعَ سُليمان عليهِ السَّلام الطُيور فِي مجْلسه نَظَرَ سُليمانُ إلى الطُيور ثُمَّ قال :
“مَالِيَ لا أَرى الهُدهُد أم كَانَ مِنَ الغَائِبين، لأُعذِبنَّهُ عذاباً شديداً أو لأذبحنَّه أو ليأتينّي بسلطان مبين”. أي يأتيني بعذرٍ واضحٍ على عَدَمِ حُضُوره.
وعِندَما قَدِمَ الهُدهُد أَسْرَعت الطُّيور تَقُول: ما خلَّفَك عنّا أيُّها الطير؟ فَقَد غَضِب مِنكَ نبيُّ الله سُليمان وتوعَّدَ بِقَتلِك
ذَهَبَ الهُدهُد إلى مَجلسِ سُليمانَ وقال لهُ : لَقدْ رأيتُ أمرًا لا تَعرِفُهُ أنت ولا جنودك وجِئتكَ بخبرٍ صَادِقٍ لقَد وَجدْتُ امرأةً تَقُودُ جيشاً كبيراً.
إِنَهم يُقِيمُونَ بِأرضٍ يُقالُ لها (مَأْرِب) في اليَمَنِ وهَذِه المَرأة تَملِكُ مِنْ متاعِ الدُّنيا وزِينتها ما يحتاجُ إليهِ الملكُ القوي ولها عرشٌ عَظيم مُرصَّع بالجَواهِر واللَآلِئ الثَّمينة.. في قَصرٍ عظيمٍ ولكنَّ هذه المَلِكة و قومَها يعبُدُون الشَّمس ويَسجُدُون لها وليس لله تعالى.
قال سُلَيمَانُ عليهِ السَّلام: نُريدُ أنْ نتأكد منْ كلامِكَ هذا لنعْرِف إن كنت صادِقًا أم كنت من الكاذبين ثُمَّ كتبَ سُليمان علَيه السَّلام رِسالة إلى مَلِكةِ (سَبَأ) يَدعُوها إلى الإيِمانِ بالله تَعَالى.
و قال للهُدهُد: اذْهبْ بهذا الكِتاب و ألقِهِ في القَصر دُونَ أنْ يَشعُرَ بِكَ أحدٌ. ثم انتظِر حتى تَرى ماذا تفعل هي وقومها.
عِندَما رَأت الملكةُ بلقِيس الرِّسَالَة ونَظرتْ فيها فجمعتْ حَاشِيتها وأَطْلَعَتهُم عَليها ثُم طَلَبتْ مِنهُمْ أنْ يُشِيرُوا عليها ويُرشِدُوها ماذا تفعل؟
قالَ لها قومُها : نَحنُ أهلُ قوة و شجاعَة و أنتِ مَلِكتُنا فسنَفعلُ ما تأمُريننا بهِ.
قالت بلقيس: أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوا و جعلوا أعزة أهلها أوله
قَرّرتْ بلقِيس أنْ تُرسِلَ إلى سُليمانَ بهديةٍ ثمينةٍ لترى ماذا يفعل سليمان؟
و لما وَصَلت إلى سُليمان هديةُ الملكة أعاد سليمان إليهم الهدية قائلًا لهم : هل تَظُنّون أنَّكم سوف تُغرُوننا بأموالكم ؟ فقد أعطانِيَ الله خيرًا مما أعطاكُم .
ثمَّ أَمَرَ من حَولَهُ بِإحضارِ عرشِ الـمَلِكة إليه. فقدْ عَلِمَ أنَّ المَلِكة ستأتي مع قومها بَعدَ أن ردَّ لهُم هديَّتَهم.
ان سُلَيمانْ عليهِ السَّلام أعطاهُ الله مُعْجِزة أنْ كانَت الـجِنُّ تَعمَلُ لَهُ فَقَامَ أحدُ الجنِّ وَ أَحضَرَ لِسليمانَ العَرشَ في ثَوانٍ مَعَ أَنَّ بلقِيسَ و قَومَهَا كانُوا فِي بلدٍ آخر و هَذَا مِن فَضْلِ الله عَلى نَبِيِّه سُليمان عليه السلام. أَمَرَ سُليمان بِتَغيير العَرشِ قليلًا فَلمَّا جاَءَت بلقيسُ مع قَومِها سَأَلها سُليمان .. أَهَكَذا عَرْشُك ؟
قالتْ بلقيس: كَأَنهُ هو فهو يُشبِهُه لكن كيفَ يُمكن أنْ يَكُون سُليمانُ قَد أَتَى بِهِ كُلَّ هذه المسافة فقالَ لهَا سُليمان : إنَّهُ هو عَرْشُكِ فما كان من السيدة بلقيس إلا أن أذْعَنت لسليمان عليه السلام وأسْلَمَت قالتْ:
(رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَـٰنَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ).
قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
فاجأها سليمان لتزداد يقينا بوحدانية الله تعالى وبعظم النعم التى أعطاها سبحانه له فقال : ( قِيلَ لَهَا ادخلي الصرح فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ) .
كان سليمان عليه السلام قد بنى هذا الصرح (قصر) وجعل بلاطه من زجاج نقى صاف كالبلور بحيث يرى الناظر ما يجرى تحته من ماء .
أى : قال سليمان لملكة سبأ بعد أن سألها : أهكذا عرشك قال لها : ادخلى هذا القصر فلما رأت هذا الصرح وما عليه من جمال وفخامة حسبته لجة أى : ظنته ماء غزيرا كالبحر .
( وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ) لئلا تبتل بالماء أذيال ثيابها .
وهنا قال سليمان مزيلا لما اعتراها من دهشة : ( إِنَّهُ ) أى : ما حسبته لجة ( صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ ) أى : قصر مملس من زجاج لا يحجب ما وراءه .
قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي أى : بسبب عبادتى لغيرك قبل هذا الوقت ( وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ ) طائعة مختارة وإسلامى إنما هو ( لِلَّهِ رَبِّ العالمين ) وليس لأحد سواه .
موضوعات متعلقة
قصص الحيوان في القرآن.. حكاية غراب بني آدم
قصص الحيوان في القرآن.. حكاية النملة مع نبي الله سليمان