قبل أيام فتحت باب الشقة لاتفاجأ بصناديق وُضعت أمام الباب – صناديق بها فاكهة وليمون وخضراوات متنوعة .
لا أعلم من أين أتت، ولكني فكرت لبعض الوقت .. ربما أحد أوصلها بالخطأ الى شقتي وقلت ساتركها كما هي، لعل صاحبها يدرك الخطأ ويأتي ليأخذها.
بعد شويه اتصل بي الحارس وقال لي يا مدام نجوى الصناديق اللي عندك وصلتك؟ استغربت وقلت له من تركها؟
قال : هذا منصور عامل النظافة الذي ينظف الشارع كل يوم من أتى بها
طلب مني أن اوصلها لكي قائلاً ” وصلها للست صاحبة السيارة السوداء اللي بتركن في موقف 3! ، حيث لا يعلم إسمي، أراها يومياً وأتعامل معه بإنسانية طبيعية بلا تصنع.
حقيقة لقد أصابني الموقف بالذهول ! لماذا ؟ هذا الرجل المسكين الذي يحمل في يده سلاحه البسيط (مكنسته) وراتبه الزهيد، كنت اقابله كل يوم في الصباح ولم أراه منذ أكثر من شهر. بسبب الحظر الشامل ثم الجزئي واليوم عزلاً احترازياً !
قال لي الحارس: والله يا مدام هو جه في الحر شايل الصناديق و”صعب علي” وطلب مني أوصلها لان حبث قال لي” الست دي كانت دائما تعطف علي وانا حابب ارد لها بعض الجميل”!
هل تتخيل موقف هذا الرجل الجميل، يأتي مشياً على قدميه في درجة حرارة تجاوزت ال 40 درجة ليهديني الخضار والفاكهة في وقت يصعب التسوق في الجمعيات وليس بالساهل الحصول على مواد غذائية!
لا أعلم من أين يأتي بها ولكنها كمية كبيرة! أتت لي المساعدة في عز الأزمة ، من شخص لم أكن اتوقعه أو يخطر في بالي بسبب الظروف التي يمر بها السواد الأعظم من المقيمين بالكويت!
حقاً الإنسانية لا تُشترى بل هي طبع ، لم يتوقف منصور عند عذا الخد بل أرسل هداياه حتى الآن ثلاث مرات، دون أن أراه . وكل مرة يتركها مع حارس العمارة، فأنا أشكره وسأبحث عنه لأُجدد شكري إلى عامل النظافة الإنسان.
نستفيد من هذه القصة الواقعية البسيطة كثيراً و اقول لكم لا تعتقدون ان المال يصنع البني آدم!
إن الاحترام الذي أحمله الآن لمنصور عامل النظافة الفقير اضعاف ما أشعر به تجاه أناس لديهم المال والجاه لكنهم يفتقدون أخلاق هذا العامل البسيط.
تحية لك يا منصور .. و إلى أن نلتقي بعد انقضاء الحظر الذي أظهر المعادن وكشف إنسانيتك.