بدأت العشر الاواخر من رمضان، وهاهو ثلث الشهر الأخير قد بدأ، وهذا موسم المتسابقين، وفرصة المجتهدين، هذه العشر التي كان النبي ﷺ كان يعتكف فيها بالمسجد للعبادة.
في هذه العشر فضل عظيم؛ لأن أحد لياليها هي ليلة القدر التي قال الله تعالى فيها: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍالدخان:4، فأنزل الله فيها القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم نزل بعد ذلك مفصلاً، ومنجماً، ومفرقاً بحسب الوقائع والأحداث، وقال: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِالقدر:1، فهي ليلة ذات قدر، وشرف، ومنزلة، وذات خير، وبركة، وعظمة، وذات رحمة، ومغفرة، وعتق.
وقد قال ﷺ: إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم، وهذه الليلة العظيمة؛ العبادة فيها أفضل من العبادة في ألف شهر، وهو عُمر إنسان مُعمَّر، أكثر من ثلاث وثمانين سنة.
فضائل ليلة القدر
فمن فضائل هذه الأمة أن الله أعطاها في كل سنة، في كل رمضان، في هذه العشر يوماً فيه ليلة العبادة فيها تفوق العبادة في ثلاث وثمانين سنة، فعندك يا عبد الله في كل ليلة قدر من كل سنة تمر بك في عمرك عبادة إنسان مُعمَّر بهذه السنوات الطويلة؛ كأنك عبدت الله في ثلاث وثمانين سنة، كل سنة من السنوات.
قال الإمام النووي رحمه الله: ليلة القدر مختصة بهذه الأمة زادها الله شرفاً فلم تكن لمن قبلها، ما أدركها داع إلا وظفر، ولا سأل فيها سائل إلا أعطي، ولا استجار فيها مستجير إلا أجير.
كان السلف رحمهم الله يستحبون الإكثار من الدعاء تلك الليلة، وقال الشافعي رحمه الله: “أستحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها”.