صلاة التراويح في رمضان تُعد من أبرز السنن المستحبة في شهر المبارك حيث يحرص عليها الكثيرون في هذا الشهر الكريم، ففضل صلاة التراويح ثابت في السنة النبوية، ويمكن أن يؤديها الفرد في صلاة جماعة أو بمفرده، إلا أن من اعتاد على صلاة التراويح في المسجد يتذوق حلاوة لا يشعر بها إلا من جربها ولا يمكن أن يُجيز لنفسه أن يؤديها في بيته، مهما كلفه الأمر من عناء ومشقة.
وعادة في يدور لغطا على مواقع التواصل الإجتماعى حول استحباب صلاة التراويح في البيت أم في المسجد، وهو ما يجعلنى أعود للوراء بالذاكرة قليلا حيث أيام غلق المساجد عام 2020 كإجراء وقائى للحد من إنتشار فيروس كورونا – كوفيد 19 – وهو ما أصاب الأمة العربية والإسلامية بالحزن الشديد حتى وصل الأمر لغلق بيت الله الحرام، وهو من المرات القليلة التي حدثت على مر التاريخ.
صلاة التراويح تذكرنى وباقعة عظيمة قام بها خالى المرحوم الحاج كمال عبد الحميد، ففي بداية أزمة كورونا 2020 صدر قرار غلق المساجد، لمواجهة تفشي الفيرس، وظل قرار الغلق حتى قدوم رمضان 2020، وفجأة “الحاج كمال” الذى كان قلبه معلقا بالمساجد يقوم بتحويل شقة الدور الأرضى الموجودة بالعقار إلى مصلى صغير له ولأبناءه، ما جعل الجيران يطلبون منه الإنضمام لمشاركته في ذلك المصلى الصغير لإقامة الصلاة – بعيدا عن أعين الناس –
ومع ضيق المكان بسبب كثرة الأعداد، قرر”الحاج كمال عبد الحميد” الخروج للصلاة في الهواء الطلق أسفل منزله، وقام بفرش الحصير حول البيت، وفعلا أصبحت صلاة العشاء والتراويح والتهجد تقام أسفل منزله الذى تحول لمسجد، وحينما كنت أحذره من ذلك الفعل، وأقول له: “خد بالك الأمن بيقبض على المخالفين”، يرد وهو يضحك بلسان صعيدي مبين: “آآآآآه منكم يا صحفيين” – على أساس إنى بروج إشاعات – ويتابع وهو يضحك: “متخفش على خالك، أنا عامل وحدات استطلاع مراقبين الوضع”.
وظل الوضع على هذا الحال – الحمد لله – بدون ما يتم اكتشاف الأمر حتى قدوم عيد الفطر، وقتها سيدات المنطقة وفتياتها طلبوا من “الحاج كمال” يشاركوا فى صلاة العيد، وقتها قرر يفتح لهم شقق البيت لصلاة النساء، والرجال في الشارع – في الهواء الطلق – وبعيدا عن صحة موقف “الحاج كمال” من عدمه، فقد استطاع أن يدخل الفرحة والسرور لكل أهالى المنطقة، وأيضا هذا الموقف يؤكد أن هذا الرجل “كان هناك أمر ما بينه وبين ربه”، لأنه كان أخر رمضان له فى حياته وبفضل الله تحول فيه بيته لمسجد!! أسأل الله أن يكون رمضان هذا شفيعا له يوم القيامة.
رحم الله ضحكات لا تُنسى وملامح لا تغيب عن البال وحديثاً اشتقنا لسماعه، رحم الله كل روح غالية تحت الثرى، رحم الله أرواحا لا تعوّض ولا تولد مرة أخرى.