بعد غياب دام 20 عام، منذ 2001، عقب أحداث الـ 11 من سبتمبر، تعود حركة طالبان إلى سدة الحكم في أفغانستان، لتثير ذعر العالم، فتلك الحركة الدينية المتطرفة، طالما كانت غطاء واقيا لتنظيم القاعدة الإرهابي، وفرت لعناصره ملاذا أمنا فانتشر كالنار في الهشيم.
83 مليار دولار وفساد الجيش الأفغاني
تقول جريدة نيويورك تايمز، أن ما فعلته أمريكا في السنوات العشرين الماضية، ما كان يجب أن يكون سقوط الجيش الأفغاني بهذا التواضع والانحلال.
وأكدت الصحيفة أن الوسط السياسي في أمريكا، على مدى عقدين من الحرب في أفغانستان، بالغ في تقدير نتائج 83 مليار دولار التي أنفقتها الولايات المتحدة منذ عام 2001 على تدريب قوات الأمن الأفغانية وتجهيزها، مستهينة بالاستراتيجية الوحشية والماكرة لحركة طالبان.
إلا أنها أوضحت أن البنتاغون أصدر تحذيرات رهيبة إلى بايدن حتى قبل توليه منصبه بشأن احتمال اجتياح طالبان للجيش الأفغاني، لكن التقديرات الاستخباراتية، التي تبين الآن أنها أخطأت الهدف بشكل كبير، قدرت أن ذلك قد يحدث خلال 18 شهرًا ، وليس أسابيع. .
وتشير الصحيقة الأمريكية، أن القيادة الأمريكية كانت تعرف أن معاناة القوات الأفغانية لم تُشف قط، من الفساد المستشري بين قادتها.
إضافة إلى فشل الحكومة في دفع رواتب العديد من الجنود الأفغان وضباط الشرطة لأشهر، مع كثرة الانشقاقات، وإرسال الجنود إلى الجبهة دون طعام وماء كافيين.
ناهيك عن الأسلحة التي قدمتها واشنطن في الأيام القليلة الماضية، إلى القوات الأفغانية التي انهارت، بشكل مفاجئ، حينما كانت تقاتل للدفاع عن الأراضي التي تتقلص باستمرار لصالح الحركة المتطرفة، حيث فقدت منطقة مزار الشريف، المحرك الاقتصادي للبلاد، السبت، مما أكد أن وصول طالبان لكابول مسائلة وقت لا أكثر.
المخاوف
مع وصول الحركة للقصر الرئاسي، تتصاعد المخاوف من توجهات الحركة، التي تسعى لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، خاصة فيما يتعلق بعقوبات الإعدام والرجم.
فقد قالت الحركة على لسان متحدث باسمها، لإذاعة بي بي سي البريطانية، أن العقوبات المتعلقة بالإعدام والرجم ستكون بيد المحاكم في أفغانستان.
وأكد أن قيادات الحركة أصدرت أوامرها للقوات بالبقاء عند مدخل كابل وعدم دخول المدينة بانتظار انتقال سلمي للسلطة
وأوضح في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي): “نسعى لتشكيل حكومة يشارك فيها جميع الأفغان”، مضيفاً “سنحترم حقوق المرأة، وسنسمح لها بالتعليم والعمل على أن ترتدي الحجاب” مبيناً أن العقوبات المتعلقة بالإعدام والرجم ستكون بيد المحاكم.
لحظة ختام حلقة جديدة من مسلسل أمريكا وتنظيم الإخوان، كما زرعوا الارهابيين في العراق وسوريا والصومال وليبيا، يتم اعادة زراعة طالبان في أفغانستان. pic.twitter.com/9LgYiOh8je
— Ѕ 🅰 Ⓜ E H🇪🇬 (@samehabouelkhie) August 16, 2021
فرار محلي ودولي
واجتاحت حالة من حالات الفوضى العارمة من آلاف المواطنين الأفغان، تجاه مطار كابول، مما تسبب في مقتل 5 أشخاص.
فقد نقلت وكالة رويترز، أن هناك قتلى وصلوا على الأقل إلى 5 أشخاص، جراء الفوضى في مطار كابول.
من جهة أخرى، أعلنت سلطات مطار كابول، إلغاء الرحلات التجارية من العاصمة الأفغانية بسبب فوضى المطار
إذ واصل آلاف الأفغان اجتياح مدرج مطار كابول، على أمل الهروب من البلد بعد سيطرة حركة طالبان عليها، في حالة من الفوضى العارمة التي اجتاحت المنطقة.
وكانت القوات الأمريكية، حاولت منذ صباح اليوم، إطلاق أعيرة نارية في الهواء، لتفرقة التجمعات، ومحاولة منها لإخماد الفوضى الناشئة بالمنطقة.
وبحسب فرانس برس قال أحد الشهود «أشعر بخوف شديد هنا، إنهم يطلقون النار بكثافة في الهواء، رأيت فتاة تقضي سحقا».
من حهة أخرى، طالبت أكثر من 60 دولة في بيان مشترك بالسماح للأفغان والأجانب الراغبين في مغادرة أفغانستان بالخروج منها.
لتعلن ألمانيا بعدها الدفع بطائرتين عسكريتين لإجلاء مواطنيها من أفغانستان. كما صرح وزير الخارجية السويدي أنه تم إجلاء جميع موظفي سفارته من كابول.
بينما أكدت وزيرة الجيوش الفرنسية إجلاء أولى دفعات الفرنسيين من كابول بحلول مساء الاثنين، لتقرر فنلندا إغلاق سفارتها في العاصمة كابول وإجلاء موظفيها,
كما توقع وزير الدفاع البريطاني أن يشهد العالم تدفقات كبيرة من المهاجرين بسبب الوضع في أفغانستان.
ليؤكد اليوم، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، أن الإخلاء الآمن لجميع العاملين بالسفارة الأمريكية في كابول اكتمل.
#الجزيرة القطرية لن تنقل لكم مشاهد الرعب والفزع ومحاولات هروب الأفغان من حكم طالبان. pic.twitter.com/6rHAtv2qTw
— Ѕ 🅰 Ⓜ E H🇪🇬 (@samehabouelkhie) August 16, 2021
منطقة توتر تحت عيون أمريكا
كشف وكيل المخابرات العامة الأسبق، اللواء محمد رشاد، المخطط الأمريكي، الذي تسعى له واشنطن بوصول حركة طالبان لسدة الحكم في أفغانستان.
وأوضح رشاد في تصريحات خاصة لـ أوان مصر، أن الوضع في أفغانستان ليس بعيدا عن أعين الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا أن المحادثات بين طالبان وواشنطن، ممتدة منذ فترة طويلة.
وأضاف رشاد، أن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، الذي بدأ منذ قرابة الشهر، هو انسحاب متفق عليه وليس مفأجاة، حسب تقديره.
وأشار أنه من المعروف أن السياسة الأمريكية الخارجية، لا تترك شئ للصدفة، وأنها دائما ما تصيغ وتقيم حسابتها قبل اتخاذها أي موقف.
وأكد وكيل المخابرات العامة الأسبق، لـ أوان مصر، أن حركة طالبان لديها من القوى التي تمكنها من السيطرة على أفغانستان وإدارتها.
توقع رشاد أن الولايات المتحدة، تسعى لخلق مناطق توتر جديدة في المنطقة بوصول حركة طالبان إلى سدة الحكم في البلد الأفغاني.
كما قال الباحث المتخصص في الجماعات المتطرفة، الدكتور احمد بان، أن وصول حركة طالبان لسدة الحكم في أفغانستان، يمهد لعودة القاعدة وتنظيم داعش.
وأوضح بان في تصريحات خاصة لـ أوان مصر، أن عودة طالبان ‘للسيطرة على أفغانستان، بعد غياب دام لـ 20 عام، عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، سيسمح بترميم هيكل القاعدة وداعش.
وأشار بان، إلى أن عودة الحركة ربما لن تمارس تهديد على المصالح الأمريكية من الداخل، إلا أنها ستوفر ملاذ آمن لمجموعات القاعدة المطاردة حول العالم، فضلا عن عناصر داعش، التي تنتظر فوضى أمنية وسياسية عارمة للحظات مناسبة للظهور مرة أخرى.
وأكد الباحث المتخصص في الجماعات المتطرفة، المشهد خادع، الرسائل التطمينية التي تبعث بها الحركة، لا تظمئن الخارج أو الداخل، والدليل تدافع المواطنين على مطار كابول للفرار من جحيم القاعدة وداعش.