أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، أن حقوق الطفل فى الإسلام متنوعة ومحمية بعقوبات شرعية رادعة، وتمثل هذه الحقوق مقصدا مقدسا من مقاصد الإسلام، ومبررا من مبررات الشرائع الإلهية، ومنها تقديم الأم المسيحية أو اليهودية فى حضانة طفلها على الأب المسلم فى حالة الانفصال أو الطلاق
وأوضح الإمام الأكبر فى الكلمة الرئيسية له باليوم الثانى من مؤتمر قمة قادة الأديان تحت عنوان “تعزيز كرامة الطفل فى العالم الرقمى”، والذى تقام فعالياته بالمقر الرئيسى للأكاديمية البابوية للعلوم بالفاتيكان، أن دوافع تحمله مشقة السفر للمشاركة فى هذا المؤتمر، هى المخاوف المرعبة تجاه الأطفال الذين باتوا يعانون الاضطراب الشديد خصوصا ممن هم دون الـ18، وهو ما ينذر بفجوة عميقة بينهم وبين الإباء والأمهات والقائمين على الأسر، سواء فى التفكير والتوقعات، موضحا أنه لاحظ ميل الأطفال إلى العزلة واللامبالاة والكسل والخمول، وبوادر عنف وعداء محتمل، وغير ذلك مما ينذر بأمراض نفسية واجتماعية تتربص بأطفالنا، بسبب استحواذ الهواتف الذكية عليهم.
وأشار الإمام الأكبر إلى أن تلك المخاطر كانت دائمًا ما تشغل حيزًا كبيرًا من تفكيره، وتفكير قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، خصوصا عند إعدادهم وثيقة الأخوة الإنسانية وكان هذا بمثابة الدافع للتنبيه بهذه المشكلة فى المبادئ الأساسية الواردة بهذه الوثيقة التاريخية.
وقال الطيب إن هذه المؤتمرات التى تناقش مستقبل الطفولة المحفوف بالمخاطر لا تعد ترفا أو مجرد كلمات تلقى فى اجتماع، بل هى دعوة جدية للجميع بضرورة الإسراع بالتصدى والمواجهة، والبحث الجاد عن مخرج من هذه الأخطار المحدقة بأطفال اليوم، وذلك بعد ما بات واضحًا لممثلى الأديان ولكل ذى قلب وضمير أنَّ هذا التطور “الرقمى” قد سَرق من هذه الكيانات البشريَّة الضعيفة، براءتها وأحلامها، وأوشكت أن تتحول إلى “أرقاء” فى أيدى الذين لا يؤمنون إلا بالأرض و بالمادة وحدها.
ويشارك فى فعاليات هذا المؤتمر أكثر من 80 شخصية عالمية من قادة الأديان، ومتخصصون فى الاقتصاد وعلم النفس والاجتماع وممثلون عن منظمات محاربة جرائم العنف ضد الأطفال، وتقام فعالياته فى 14 و15 نوفمبر، بالمقر الرئيسى للأكاديمية البابوية للعلوم بالفاتيكان، تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، بالتعاون بين الأكاديمية البابوية للعلوم الاجتماعية وتحالف الأديان من أجل مجتمعات أكثر أمانا، و”تحالف كرامة الطفل”، وذلك بمناسبة الذكرى الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل.
وتعد هذه النسخة الثانية من أعمال قمة قادة الأديان من أجل تعزيز كرامة الطفل فى العالم الرقمى، حيث أقيمت النسخة الأولى فى عام 2017 بالعاصمة الإيطالية، والتى انتهت ب “إعلان روما” الأخير، والذى دعا السياسيين وقادة الأديان والمنظمات المهتمة بشئون الأطفال، للتعاون فى بناء وعى عالمى من أجل حماية الأطفال من الاستغلال عبر الإنترنت، ونتج عنه ملتقى “تحالف الأديان من أجل أمن المجتمعات”، والذى أقيم فى نوفمبر من العام الماضى، بالعاصمة الإماراتية أبو ظبى، بحضور فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، وعدد كبير من قادة الأديان حول العالم.