شهدت محافظة الفيوم لليوم الثاني من أيام العيد الفطر المبارك، توافد الآلاف من أهالي الفيوم وضواحيها من صباح باكر أثناء شروق الشمس إلى مقابر باب الوداع، كما يطلقون عليها اهل الفيوم، والمسمى في ايام العيد باسم درب العيد، وتعتبر مقابر باب الوداع هى أكبر المقابر بمحافظة الفيوم، من جهة المساحة وعدد المدافن.
وتعد هذه الزيارة من الطقوس والعادات المقدسة التي يفعلها أهالي الفيوم بشكل كبير خاصة في الأعياد ، وتعد زيارة المقابر بالنسبة للمجتمع المصري عامه والفيوم خاصة هي نوع من الوفاء للموتى حتى لا يشعروهم أنهم يفرحون بالعيد وحدهم أو بعيدًا عنهم.
ويحرص المواطنون لحمل الهدايا المتنوعة من المأكولات مثل الفاكهة والكعك “الرحمة” وتوزيع النقود وقراءة القرآن فى المقابر ،وسقي الأشجار بالمياه، ورش المياه أمام باب المقابر، اعتقادًا منهم أن تلك العادات تنير القبور، بل وصل الحد الى عمل مأكولات ومشروبات خاصة كان يحبها المتوفي وتوزيعها على روحه .
كما تنتشر بعض أصحاب الألعاب بمحيط المقابر لاستقبال الزوار لنشر البهجة والسعادة في قلوب الأطفال، ومنها لعبة الزقازيق وهي على شكل السواقي، ولعبة النشار ببندقية ضغط هواء للتصويب على الصور، ولعبة الأحصنة الدائرية وهي عبارة عن لف بطريقة أفقية، والمراجيح الشعبية وعدة العاب أخرى بسعر موحد لكل الألعاب 2 جنيه فقط.
ورصدت كاميرا «أوان مصر» عربيات المشروبات الترفيهية وبيع المخبوزات وأصحاب براويز لبيع السلاسل والخواتم والغوايش المقلدة، إضافة إلى بعض الفقراء من أهل المدينة وبسبب ظروفهم المعيشية الصعبة ينتظرون الصدقات من الزوار لتوزيعها على هيئة أرغفة بها قطعة لحم مع بعض الأرز وبعض الجنيهات.
وشاهدنا أثناء الجولة جموع من الزوار والدموع تملئ عيونهم وذكريات الأشخاص الذين تم فقدانهم وتركوهم وأصبحوا أرامل ومن فقد والديه وأصبحوا أيتام لكن رأينا الحزن الكبير في عيون أمهات فقدوا أبنائهم والحسرة تملئ عيونهم وانكسار أجسامهم.
كما رصدنا الفرحة والسعادة بين جموع زوار المقابر من الأطفال وشراهم لبعض المقتنيات من سلاسل وطبل وتوجهوا إلى أماكن الملاهي الشعبية بداية المقابر للعب والمرح.
واعتاد الالاف من أهالي وأبناء محافظة الفيوم وخاصة كبار السن والسيدات منهم على الذهاب إلى المقابر،كمظهر من مظاهر الاحتفال بالعيد، حيث يقومون بتوزيع ما يُسمى بـ”الرحمة” على روح الميت، وهي مجموعة من الفواكه المتنوعة والكعك والمُعجنات وتقوم السيدات بتحضير القُرص وما يُسمى بـ”كحك الطلعة” الذي سُمى بهذا الاسم لأنهم يخرجونه رحمة على أرواح ذويهم.
كما يوزعون الفواكه بجانبه، وبجانب إحضار المقرئين لقراءة القُرآن على القبور بمقابل مادي، سواء كان المقابل نقودًا أو مما يوزعونه على أرواح الموتى اعتقادًا بأن المتوفى يستأنس بأرواح الأحياء، ويسعد بزيارتهم، في الأعياد والمناسبات.
وقال محمد برديسي احد الشباب القاطنين بمنطقة المقابر بانة بيتم الاتفاق مع شباب المنطقة ايام 3 عيد الفطر المبارك لمساعدة الزوار وتقسيم انفسنا الي مجموعات لفض اي مشاجرة بسبب كثافة الزوار ومنعا للاحتجاج مع بعضهم .
واضاف احمد احد الشباب ضمن مجموعة الشباب بنقوم بمساعدة كبار السن وتوزيع المياة المثلجه وتسير الطريق عند الازدحام وحراسة الفتيات من التحرش من بعض الرجال والشباب المرضي وملاحظة اي تصرفات غريبه من اي شخص في محاوله السرقة الزائرين وبيتم ضبطه واعطائة درس لان ينساه ابدا وتسليمه للشرطة.
وتحدث سيد من فريق الشباب الحمد الله انتهت جائحة كورونا التي منعت جميع اهل الفيوم لمدة عامين من زيارة المقابر ومدافن موتاهم وانتهت كورونا ورجعت الحياة لمنطقة المقابرخاصة في ايام العيد الفطر المبارك اضافة الي تقديم الاكل والحماية والكهرباء والمياة لاصحاب الملاهي الشعبية الموجودة اثناء العيد بدون اى مقابل يكفينا ان الروح والفرحه ترجع لنا منذ الاعوام الماضيه.
وقالت صفاء عبد الودود إنها تحرص خلال أيام العيد على زيارة قبر زوجها في مقابر مدينة الفيوم لقراءة الفاتحة وتوزيع الصدقات على الفقراء، وتهذيب ونظافة القبر والمحيط الخاص به ورش المياه عليه.
وقال عم قرني، أحد زوار المقابر، إن هذه الملاهي من عصر المماليك تتواجد في الأعياد فقط، وهذا من ضمن التقاليد التي ورثها الأبناء من الأجداد وسوف تستمر لسنين وسنين.
وأضاف أنه في الأيام العادية تكون الزيارة يوم الأربعاء والجمعة من كل أسبوع، يوم الأربعاء لزيارة المقابر وترك الجريد الأخضر والنعناع على المقبرة، أما يوم الجمعة لتوزيع الصدقات وبعض الأطعمة، فمن يقوم بإحضار أرغفة عيش بها قطع لحمة وأرز، ومن يقوم بتوزيع الفول النابت أو رغيف به قطعة من السمك على الفقراء الذين يقفون بالصفوف بداية المقابر لأخذ الصدقات.
وقالت إحدى سيدات الفقراء: “عندي خمسة أولاد ومعاشي لا يتعدى الثلاثمائة جنيه فقط في الشهر أكل أولادي منين ويوجد الكثير منا ما يعادل المائتين منتظرين الصدقات والأكل لملء بطون أولادنا من الجوع”.
ومن جهة أخرى، قال أحد علماء الدين إن أيام الأعياد لدى المسلمين هى أيام فرحة وابتهاج وفق ما نص عليه الشرع وليست أيام للحزن والتعاسة، موضحاً أن زيارة القبور يوم العيد لا أصل لها في الإسلام.
وأوضح أن بعض الناس تقول لما أروح اعيد على الميت، كيف يحدث ذلك والميت في عالم البرزخ، هذه الأقاويل أسطورة من الأساطير لا أصل لها في الدين الإسلامي”، مشدداً على أن ما يحدث على المقابر أيام العيد هى “بدعة منكرة”.
أوضحت دار الإفتاء المصرية، عبر موقعها الرسمي، أنَّ زيارة المقابر في يوم العيد، مندوب إليها في جميع الأوقات؛ لأن الأمر بها جاء مطلقًا، فشمل ذلك جميع الأوقات، وتزيد أفضلية زيارتها في الأيام المباركة التي يلتمس فيها مزيد العطاء من الله تعالى، ومنها أيام العيدين.
واستشهدت دار الإفتاء بما رواه أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة” رواه الإمامان أحمد ومسلم، وأصحاب السنن، وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “نهيتكم عن زيارة القبور، ثم بدا لي أنها ترق القلوب، وتدمع العين، فزوروها، ولا تقولوا هجرا” أخرجه الإمام أحمد في “المسند” واللفظ له، والطبراني في “المعجم الكبير”.
وتابعت دار الإفتاء: “فالأمر بزيارة القبور بعد النهي عنها جاء مطلقا غير مقيد بوقت دون وقت، ولا حال دون حال، بل جاء مبينا ما في زيارتها من نفع يعود على زائرها، وهو مما ينبغي أن يحرص عليه المسلم دائما؛ فإن في تذكر الاخرة رقة للقلب وارتداعا للنفس عن المعاصي والآثام”.
وقد نجحت أجهزة الأمن بالفيوم بقيادة اللواء ثروت المحلاوي مدير الأمن، في فرض كامل سيطرتها الأمنية على مقابر باب الوداع، الواقعة وسط الكتلة السكنية بمدينة الفيوم، والتي كانت مرتعا للخارجين على القانون وأرباب السوابق، ويمارسون بداخلها كافة أشكال الجريمة وتجارة وتعاطي المخدرات بجميع أنواعها.
وقد شن ضباط مباحث قسم أول برئاسة المقدم أحمد طرفاية رئيس المباحث، حملة مفاجئةاستهدفت تمشيط المقابر من الداخل وضبط العناصر الاجرامية والهاربين من الاحكام القضائية، وأسفرت جهود الحملة عن ضبط عدد من القضايا المتنوعة، منها 2 قضية مخدرات، وضبط 6 هاربين من احكام قضائية و3 عناصر من المسجلين خطر.
وعقب انتهاء الحملة تم تعيين خدمات ثابتة ومتحركة بجميع مداخل المقابر، لرصد اي تحركات مريبة وسرعة التعامل معها فورا، ومن جانبه قام مجلس مدينة الفيوم بإعادة تأهيل أعمدة الإنارة، بطول المقابر ومداخلها وتركيب اعمدة جديدة لانارة الشوارع الجانبية، وطلاء الحوائط بالوان “فسفورية” عاكسة للضوء لتصبح المقابر تحت السيطرة الامنية الكاملة.
وفرض السيطرة الامنية عليها لحماية المواطنين، خصوصا ان هناك العديد من المدارس لمختلف مراحل التعليم تقع في نطاق هذة المقابر، المقامة علي مساحة 137 فدان وتتوسط عدد من الاحياء السكنية، منها المطافي، ودرب الطباخين، والمشتل، والباردوية.
وقال الدكتور محمد التوني، المتحدث الرسمي باسم محافظة الفيوم، إن الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الإقليم، طلب إعداد دراسة وافية عن مشاكل مقابر باب الوداع، الواقعة وسط الكتلة السكانية بمدينة الفيوم؛ تمهيدا لاتخاذ القرار المناسب حيالها.
وأوضح التوني، أن طلب نقل المقابر خارج الكتلة السكانية ليس بالقرار السهل، ويحتاج إلى دراسة وافية وقرار سيادي، مشيرا إلى أن تلك المقابر مقامة منذ عشرات السنين، ولا يمكن اتخاذ قرار بنقلها بين يوم وليلة.