كان النبي صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام يطوف حول الكعبة، فأخذ أبو جهل يسبه سباً شنيعاً جداً، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل شيئاً، لكن امرأة شَهِدت المنظر فما استطاعت أن تصبر فخرجت من مكة، وإذ حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم راجع من رحلة صيد، وكان يحب الصيد ومن قوته رضي الله عنه أنه كان يصطاد الأسود، وكان على الكفر حتى ذلك الوقت، عندما دخل حمزة مكة رأته هذه المرأة فقالت له : لو رأيت ما فعل أبو الحكم بابن أخيك، وقصت عليه ما حدث، فقال له : ألم يرد عليه أحد؟
فقالت : لا والله ما رد عليه أحد.
فغضب حمزة غضباً شديداً وانطلق فوراً إلى دار الندوة وذهب إلى أبي جهل وقال له : (أتسبّ محمداً وأنا على دينه، خذها وأنا ابن الأكرمين) وضربه ضربة شج رأسه وأخرج الدم منه وقال : (من يردها علي منكم).
فقام بنو مخزوم – عصبة أبي جهل – يردون عليه، فأمرهم أبو جهل وقال : اتركوه، أنا المخطيء فقد سَبَبتُ ابن أخيه.
فهنا انتقم حمزة للنبي صلى الله عليه وسلم، لكنه قال كلمة وما يدري كيف قالها ولا كان يقصدها (أتسبه وأنا على دينه) فهو ليس على دين محمد، لكن هذه الكلمة خرجت من لسانه لا إرادياً.
يقول حمزة : فرجعت إلى البيت أتأمل في هذه الكلمة التي قلتها، واحترت حيرة شديدة، فأنا لست على دين محمد لكني قلت للناس أني على دينه، ولا أعرف ما أصنع، فهل أبقى على دين محمد أم أخبر الناس بالحقيقة وأتراجع عن كلمتي وهو شيءٌ معيبٌ عند العرب، فظللت مهموماً طوال الليل، ثم أخذت أدعو الله عز وجل وأقول: اللهم إن كان خيراً فاجعل تصديقه في قلبي, وإن كان غير ذلك فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجاً.
فوقع تصديقه في قلبي – بكلمة خرجت من لسانه وجرته إلى الإيمان – فذهب وشهد الشهادتين عند النبي صلى الله عليه وسلم وفرح به النبي صلى الله عليه وسلم فرحاً شديداً.