باتت قضية سد النهضة قريبة من الدخول لمنعرج خطير، فبعد مفاوضات دامت لـ 10 أعوام، تستمر إثيوبيا في تعنتها، إزاء القضية، مما ينذر بتدخل بتصعيد الأمور إلى حدود أبعد من المفاوضات.
وهو ضرب سد النهضة عسكريا، الذي يعد الخيار الأخير لقاهرة، بعدما استنفزت كل السبل السياسية الودية، في حل تلك الأزمة التي تشكل خطرًا على حقوق مصر المشروعة من مياه النيل.
ونكشف لكم في هذا الملف الخاص، بـ «أوان مصر»، التحركات المصرية الأخيرة لحل أزمة السد الإثيوبي، خاصة مع تأكيد إثيوبيا، العزم في الملء الثاني للسد في موسم الامطار المرتقب هذا الشهر.
مما ينذر بوقوع الضرر على الجانبين المصري والسوداني، وهو ما حذر منه وزير الخارجية المصري سامح شكري، في وقت سابق.
ترامب يحذر إثيوبيا: مصر ستضرب سد النهضة
قبيل خروجه من البيت الأبيض، في أكتوبر الماضي، حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خطورة التعنت الإثيوبيي مع مصر، إزاء الأوضاع المتوترة بين البلدين، عقب بناء أديس أبابا سد (سد النهضة)، قائلا إن مصر قد تَعمد “إلى تفجير” السد.
جاء ذلك خلال اتصال تليفوني جمعه مع الرئيس السوداني برهام صالح، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، ضمن مباحثات توقيع معاهجة السلام بين البلدين.
فقد قال ترامب، ، “إنه وضع خطير جدا، لأن مصر لن تكون قادرة على العيش بهذه الطريقة”، في إشارة إلى الخطر الوجودي للدولة المصرية، بمنع مياه النيل عنها.
وأضاف الرئيس الأمريكي السابق،”سينتهي بهم الأمر إلى تفجير السد. قُلتها وأقولها بصوت عال وواضح: سيُفجرون هذا السد. وعليهم أن يفعلوا شيئا”.
واستكمل ترامب “كان ينبغي عليهم إيقافه قبل وقت طويل من بدايته”، معرباً عن أسفه لأن مصر كانت تشهد اضطرابا داخليا، عندما بدأ مشروع سد النهضة الإثيوبي، في أعقاب ثورة يناير 2011، وحكم جماعة الإخوان الإرهابية.
وقال اللواء محمد رشاد، وكيل المخابرات العامة الأسبق، في تصريحات خاصة لـ أوان مصر، أن الموقف الإثيوبي كان جلياً منذ البداية في مراواغته بشأن مفاوضات سد النهضة.
مبينا أنه كان لزاما على المسئولين في البداي، الضغط على إثيوبيا حتى تتراجع عن فكرة بناء السد، الذي بدأت الشروع فيه بعد الاضطربات السياسية في الداخل المصري بعد أحداث ثورة 25 يناير.
وأضاف رشاد، وهو أحد المواقف السلبية التي ساعدت إثيوبيا على استكمال جزء كبير من بناء السد، فلقد كانوا غير مدركين أن أديس أبابا تراوغ وتكسب فقط الوقت، لتبني السد.
وأكد أنه كان لزاما على المسئولين في ذلك الوقت الضغط على إثيوبيا، وليس التهاون معها في المفاوضات.
ويذكر أن جماعة الإخوان المسلمين قد وصلت للحكم، عقب ثورة يناير 2011، باستيلائها على مجلسي الشعب والشورى، والرئاسة، إلا أنها أهملت قضية بناء سد النهضة، لصالح قضايا داخلية.
ويعد الاجتماع الرئاسي للحوار الوطني حول سد النهضة من أبرز معالم الترهل في إدارة الأزمة خلال هذه الفترة، فقد ناقش الاجتماع الأزمة بمنتهى السطحية.
استنزاف كل السبل الدبلوماسية
وسعت القاهرة والخرطوم خلال 10 أعوام ماضية، منذ بدأ إثيوبيا الشروع في بناء السد، أن يضمنا حقوقهم المائية في نهر النيل، من خلال اتفاق ملزم للأطراف الثلاثة، لملء وتشغيل السد.
و أبرز تلك السبل إعلان المبادئ 2015، ومفاوضات واشنطن 2019، التي انسحبت منها إثيوبيا، بعد التوصل لصيغة أساسية لإبرام اتفاق ملزم، برفضها التوقيع على عليها.
وقال اللواء حمدي بخيت، في تصريحات خاصة بـ أوان مصر، الخبير الامني والعسكري، أن مصر استنزفت كل السبل السياسية السلمية والودية المتاحة، لحل أزمة سد النهضة.
وأشار بخيت، أن مصر قطعت شوطا مهما في الغلاقات الدولية والإقليمية، حتى لا تعطي فرصة لأي أطراف دولية وإقليمية، أو حتى إثيوبيا، للتشكيك في مصداقية مصر لحل أزمة سد النهضة، سياسيا، بإسلوب يرضي جميع الأطراف.
وأوضح اللواء المتقاعد، أن المفاوضات بين أطراف الصراع حول السد، تمت على جميع المستويات الدبوماسية، واصفا ذلك بأنه شئ مهم ومهم جدا، لتدعيم موقف مصر أمام العالم.
وفسر بخيت هذه المستويات، في 3 أشكال، المستوى الثلاثي، بعقد اجتماع بين وزراء الخارجية بمصر والسودان وإثيوبيا.
المستوي السداسي، بعقد اجتماعات بين وزراء الخارجية، رفقة وزراء الرس للدول الثلاث، والمستوي االتساعي، بمشاركة المخابرات العامة لوزراء الري والخارجية، في جولات تفاوضية.
وأكد الخبير السياسي والعسكري، على تعنت الجانب الإثيوبي إزاء مفاوضات سد النهضة، رغم كل تلك المجهودات المثمنة، فقال: لم تلتزم إثيوبيا في هذه المراحل بل واصلت تعنتها، واستكملت بناء السد وقيامها بالملء الأول، بتصرف أحادي، إضافة إلى التصريحات المستفزة من المسئولين الإثيوبييين.
وتابع بخيت: بذلك تكون مصر استنفزت و استخدمت كل السبل المتاحة، لحل أزمة سد النهضة، بإسلوب يليق بدولة كبرى، تحترم قيم المجتمع الدولي والإقليمي.
من جهته أوضح وكيل المخابرات العامة المصرية الأسبق، اللواء محمد رشاد في تصريحات خاصة لـ «أوان مصر» أن تحركات مصر الدولية، وأخرها توجيه خطاب من وزارة الخارجية إلى مجلس الأمن الدولي، يأتي بعد استنزاف القاهرة لكل الطرق الودية مع إثيوبيا، لحل أزمة سد النهضة بالوصول إلى اتفاق ملزم لملء وتشغيل السد.
وأضاف رشاد أن مصر تعمل على الحصول على تأييد دولي وإقليمي، لموقف مصر والسودان إزاء القضية، خاصة مع إصرار إثيوبيا على موقفها الذي إذا استمر فلن يكوم أمام القاهرة إلا أن تبحث عن حل للحصول على حصتها الكاملة من المياه، بأي شكل من الأشكال، في إشارة إلى الحل العسكري لضرب سد النهضة.