عدد خبراء رسائل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة السودانية الخرطوم، السبت، والتي التقى خلالها قيادات البلد الشقيق، للتباحث حول قضايا سد النهضة ومجالات التعاون الثنائي، وحملت رسائل سياسية غاية في الأهمية.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير حسين هريدي، أن زيارة الرئيس السيسي للسودان استراتيجية وتبعث رسالة ليس فقط للشعب السوداني، وإنما لشعوب حوض النيل وشعوب القرن الإفريقي بأن السودان لا يقف بمفرده في مواجهة كل التحديات والتهديدات التي يواجهها الآن.
وأضاف هريدي – في اتصال هاتفي مع القناة “الأولى المصرية” – أن الزيارة تحمل أيضا دلالة استراتيجية هامة وهي الدعم الكامل والمساندة التامة من قبل مصر حكومة وشعبا وقيادة سياسية إلى السودان الشقيق.
ونوه إلى أن مجمل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في شتى المجالات كبير للغاية، مشيرا إلى أن مشروعات الربط الكهربائي والسكك الحديدية بين البلدين التى طرحها الرئيس السيسي اليوم، مشروعات طموحة وذات عائد كبير وإيجابي للشعبين.
ولفت إلى أن هذه الزيارة تدخل العلاقات المصرية-السودانية مرحلة جديدة على صعيد التنسيق والتعاون المشترك بين البلدين في التحركات الخارجية سواء على صعيد إفريقيا أو المحافل الدولية في التعامل مع التحديات المشتركة ك”الإرهاب وسد النهضة”.
دقلو: أشكر الرئيس السيسي على اهتمامه بقضيايا السودان
من جانبه، أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير محمد حجازي، أن زيارة الرئيس السيسي للسودان استراتيجية وفي توقيت شديد الحساسية والخطورة، على خلفية تعرض الأمن المائي في البلدين للخطر؛ الأمر الذى يستدعي التشاور بين القاهرة والخرطوم.
وأضاف حجازي، في اتصال هاتفي مع قناة “صدى البلد” مساء السبت، أن: “الأوضاع على الحدود السودانية الإثيوبية متوترة، وكذا الأوضاع في الصومال وتشاد؛ وهو أمر يستدعى تشاورا إقليميا”.
وفيما يتعلق بسد النهضة.. أكد حجازي أن موقف مصر بشأن السد الإثيوبي واضح أمام العالم، على خلفية دعوتها للرباعية الدولية” الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة” للقيام بدورها المأمول، وكذا الجانب الاثيوبي للامتثال للارادة المشتركة التى تتيح لهم التوصل إلى اتفاق يسمح لهم بالتنمية ولنا بالحياة.
وأوضح أن الرئيس السيسي اتفق مع عبدالفتاح البرهان، خلال المؤتمر الصحفي، على المبادرة السودانية لدعوة الرباعية لمشاركة أطراف التفاوض ، للتوصل إلى حل يقود لاتفاق قانوني ملزم وتحديد قواعد الملء والتشغيل حسبما تطلب مصر، مؤكدا في الوقت نفسه أن مصر تثق في الاتحاد الافريقي وقدرته على حل أزمة السد الإثيوبي.
ورأى أنه سيكون هناك ضغوط دولية وإقليمية ستمارس خلال الفترة من الآن وحتى يوليو القادم وإطلاق عملية مفاوضات في فترة زمنية محددة تقودها البلدان الثلاث، موضحا أن مفهوم إدارة النهر الدولي أنه يجب أن يتم بالتشارك، مشددا على أن مصر لن تقبل أي إجراء أحادي يقود للملء الثاني للسد.
الحكومة السودانية: توافق بين السيسي وحمدوك في قضية سد النهضة
وأكد أن الرئيس السيسي أوضح مرارا أن معركة التفاوض ستكون معركة مصر الأولى وسنسعى من خلالها للتوصل إلى حل يصل لاتفاق قانوني ملزم يتيح لإثيوبيا تحقيق أهدافها وأن يحفظ حقوق مصر والسودان الحياتية في مياه النيل.
وشدد على أن إثيوبيا تخلفت عن اتفاق واشنطن الذي كان قد اقترب نجاحه، مبينا أن هناك إدارة جديدة في الولايات المتحدة عليها أن تتحمل مسؤولياتها بشأن أزمة السد الإثيوبي.
ولفت إلى أن الممارسات الإثيوبية تعكس للمجتمع الدولي مدى المماطلة الإثيوبية، قائلا: “الفترة القادمة ستكون حاسمة ولا داعي الآن للوصول لنتائج أو استخلاصات حتى نستنفذ كل الأدوات المتاحة التي أتاحها لنا القانون الدولي وغيرها”.
وفيما يتعلق بالتعاون بين البلدين، قال : “إن هناك تعاونا عسكريا وتنمويا و ربط كهربائي بين مصر والسودان ، كما أن العلاقات بين القاهرة والخرطوم “تاريخية و أزلية” وليست موجهة ضد إثيوبيا”.
بدوره، أكد العميد خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الخرطوم تعد أحد أهم خطوات تعزيز الشراكة الاسترتيجية بين البلدين وتأتي في لحظة تاريخية دقيقة تمر بها المنطقة بأكملها وعلى وجه الأخص السودان، كما تنقل التعاون المصري-السوداني إلى شكل جديد ومتطور من الشراكة الاستراتيجية الفعالة على مختلف الأصعدة.
البرهان: زيارة الرئيس السيسي دعم وسند حقيقي للسودان
وأوضح عكاشة، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط السبت، أن وجود مصر اليوم بجوار شقيقتها السودان هو تعزيز للأواصر التاريخية وتدعيم للعمل المشترك وتطوير للعلاقة الثنائية، وكذلك استعادة لقوة تحركات الدولتين معًا على صعيد الملفات السياسية والأمنية و الاقتصادية .
و نوه بأن زيارة الرئيس السيسي إلى الخرطوم حملت عدة رسائل هامة، أبرزها أن مصر والسودان معنيين بمعادلة استقرار الاقليم بشكل كبير ومتكامل، مشيرًا في هذا الصدد إلى الاجتماع السابع للجنة العسكرية المصرية السودانية المشتركة برئاسة رئيسي الأركان لكلا البلدين التي عقدت منذ أيام بالخرطوم.
وتابع أن تلك الاجتماعات تمثل نقلة نوعية وتتويجًا للإرادة السياسية للدولتين ليكون استقرار الاقليم على رأس أولويات العمل العسكري المشترك، سواء المتعلق بتأمين حدود مصر والسودان أو لمجابهة كل أشكال المهددات ومكافحة الارهاب، بجانب معادلة الأمن والاستقرار الهامة بالبحر الاحمر والتي ستعمل عليها البلدين في ضوء هذه الشراكة الجديدة، مشددًا على أن كل هذه الامور ستدفع العلاقات الثنائية إلى الأمام وستلبي طموح الدولتين لاسيما أن الفائدة المشتركة واضحة وتصب في صالح الشعبين خلال الفترة القادمة.
وفيما يتعلق بملف سد النهضة واعتزام اثيوبيا الملء الثاني، قال العميد خالد عكاشه إن هذا الملف بلا شك له أولوية قصوى لتلك الدولتين باعتباره قضية لها طابع وجودي لكلا الشعبين كما جاء على لسان قيادات الدولتين، مذكرا بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي تحدث في أكثر من مناسبة، وقبل زيارته إلى الخرطوم، عن أهمية الأمن المائي للمصريين وأنه قضية وجودية لايمكن المساس بها بأي شكل من الأشكال، مضيفًا أن الخرطوم وهي تستقبل رئيس جمهورية مصر العربية اليوم تؤكد على ذات المعنى.
السيسي: أمن السودان جزءاً لا يتجزأ من استقرار مصر
وذكر بانه وقبل أسابيع أعلنت السودان عن مبادرة، أيدتها مصر، حول تطوير آلية التفاوض، التي يرعاها الاتحاد الإفريقي من خلال تشكيل رباعية دولية تقودها وتسييرها جمهورية الكونجو الديمقراطية بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي وتشمل كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتوسط في المفاوضات، وذلك لكي تضع الأمور في نصابها ولنصل إلى محطة توافق قبل الملء الثاني لبحيرة سد النهضة.
وأكد العميد خالد عكاشة أن مصر والسودان ترفضان بشكل مطلق أي شكل من أشكال فرض الأمر الواقع من قبل اثيوبيا أو تجاهل الحقوق والمصالح المصرية والسودانية باعتبارهما دولتي المصب، معتبرًا أن هناك خريطة عمل مشتركة خلال الأشهر القادمة للدولتين (مصر والسودان) للحفاظ على مقدرات الشعبين في حقوقهم المائية وأمنهم المائي، وعدم السماح بأي اختلال في هذه المعادلة الامنية وهي معادلة تأمين المياه للمصريين والسودانيين ورفض التصرفات الأحادية التي لن تسمح بها القاهرة والخرطوم.
ورأى مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن مصر والسودان سيسلكان نهج التفاوض إلى النهاية إلا أنه وبالتأكيد لديهما سيناريوهات كثيرة لهذه المفاوضات ومن الممكن عودتهما إلى المجتمع الدولي لكي يتحمل مسئوليته إذا ما وصل الامر لتهديد السلم والأمن الاقليميين بأي صورة من الصور.