كامل الاحترام والتقدير لشخص المهندس نجيب ساويرس، فهو نموذج لرجل الأعمال الوطنى الناجح والليبرالى المنفتح على كل الآراء. ولأنى أؤمن أن نقد المواقف لا يحمل أى انتقاص من الشخصية العامة، طالما لم يكن مشخصنا وليس عن هوى شخصى، واثق ان عقلية الليبرالى المتسامحة لدى المهندس نجيب ستتقبل هذا الرأى الذى لن يفسد للود قضية، إن وقعت عيناه على هذا المقال. مثلى مثل الكثيرين من جيلى، نؤمن بدور الفن فى تكوين وجدان الشعوب وبناء مرجعيتهم الأخلاقية، كما نؤمن بدوره فى تهذيب السلوك والحض على حسن الأخلاق. وكذلك نؤمن أن الفن الجيد فى كل المجالات الفنية، وعلى رأسها السينما والغناء، هذا الفن سواء كان تمثيلا او غناءا سيؤثر حتما فى سلوكيات وأخلاقيات شبابنا، فلو كان جيدا سيكون اثره جيدا، ولو العكس، سنجنى من ذلك انهيارا للقيم، وفسادا فى الخُلُق، وعدوانية فى السلوك، وجرائم بشعة نعايشها كل يوم على صفحات الحوادث والسوشيال ميديا. فحتما الفن مشارك فى تكوين سلوكيات البشر سلبا كان ام إيجابا، ولو كان هناك من يعتقد أن الفن مجرد شيئ ترفيهي ولا يؤثر فى سلوك ولا أخلاقيات، فإنه بذلك يعطى الفرصة للمتطرفين وأعداء الفن ليهاجموا كل فن جميل، ويبغضوا الناس فى كل مجالات الفنون، ولا اعتقد ان أحدا سيرضى بذلك. لم أكن اتوقع من المهندس نجيب ساويرس أن يتراشق مع الفنان هانى شاكر نقيب المهن الموسيقية ويغضب من قرار النقابة بإيقاف من رأت انه لا يمت للفن بصلة، وكان – فى نظرى- قرارا شجاعا من النقابة للحفاظ على الذوق العام ومنع ما يروج للفحش الفنى الذى يقدمه هؤلاء الموقوفون. كانت حجة المهندس نجيب أن الناس هى التى تقرر ما يقدمه هؤلاء وليس النقابة، وأن المنع يكون من الناس وليس بقرار نقابى، وأن هذا أكل عيشهم ومصدر رزقهم، وانه لايحب قطع الأرزاق. وهذا أمر مردود عليه ولا يصح أن يكون مقياسا، فهل لو طالب الناس بأن تعرض افلام البورنو فى وسائل الإعلام علانية، هل سنسمح بذلك ونقول أن ذوق الناس ورغبتهم هى الأساس فى السماح او المنع؟ أليس هذا ايضا مصدرا للرزق ويجب عدم قطعه بمقياس المهندس نجيب؟ هل ممكن ان يتقبل احد ذلك؟ ورغم ان المنتجات الإباحية معلومة الضرر للجميع، فاننى أرى الفن الهابط الذى يطالبنا بتقبله المهندس نجيب، أراه أشد خطرا على الشباب من المنتجات الإباحية، لأن هذه المواد الإباحية حتى من يقدمها يعلم انه يرتكب جريمة اخلاقية، ومن يشاهدها سوف يقلع عنها يوما، وإن شاهدها فإنه سيشاهدها خلسة وهو يعلم انه يرتكب أمرا مشيناً. أما اغانى هؤلاء وما يظنون أنه فن، فيشاهده الملايين عيانا بيانا وتتلوث به اسماعنا وتهدم به اذواقنا ويطاردنا ليل نهار، وربما لن يشعر محبوه من الشباب بأى تأنيب للضمير، بل ربما قلدوا مفرداته وتقاليع مطربيه واقتدوا بهم فى سلوكياتهم الغريبة، مما ينتج جيلا من الشباب بلا أى هوية تشكل وجدانه ومرجعيته الأخلاقية. د. حمدي سعد الخواجه إن الإبداع الذى لا يقدم قيمة فنية لا يستحق دفاعا ولا دعما من المهندس نجيب ولا من غيره، بل يجب أن يتدخل كل المعنيين ليحاصروه ويمنعوا انتشاره، وبالمقابل يدعموا الفن الجيد الذى يبهج الروح ويثرى الوجدان. ارجو ان يكون تصريح المهندس ساويرس لمجرد إثارة الجدل الذى اعتدنا عليه منه وليس قناعة شخصية، فهو قدوة لشباب كثيرين فى هذا الوطن، يستحقون أن نحافظ على ذوقهم الفنى الذى سينعكس بالطبع على سلوكهم وأخلاقهم. كما يجب الوضع فى الاعتبار أن الفن والابداع المصرى هو جزء من القوة الناعمة لمصر ولا يجب أن نسمح بفقدانها، فقد كان ولا يزال الفن المصرى له تأثيره ليس فى مصر فقط، بل فى كل الأقطار العربية من المحيط للخليج. حفظ الله مصر وفنها وأهلها.