تلقت دار الافتاء المصرية تساءلات عن ما حكم العمليات التفجيرية التي تحدث في بعض البلدان والتي استهدفت مواطنين مدنيين غير محاربين للمسلمين، وقد نسبت هذه العمليات لبعض الجماعات المنتسبة للإسلام، وصرح بعض مؤيدي هذه العمليات بمشروعيتها؟وهل القائم بهذه العمليات يُعَدُّ شهيدًا؟
واجابت دار الإفتاء قائلة: لا شك أن هذه العمليات التفجيرية والانتحارية التي تستهدف الآمنين من المسلمين وغير المسلمين حرام شرعًا، ولا علاقة لها بالإسلام ولا بالأديان من قريب ولا من بعيد، بل هي من الكبائر التي توعد الشرع فاعلها بالعقاب؛ وذلك لأسباب كثيرة منها:
أولًا: أنها سفكٌ للدم الحرام وقتلٌ لنفوس الأبرياء التي حرم اللهُ قتلَها إلا بالحق، وقد عظَّم الشرع الشريف دم الإنسان أيًّا كان دينه، ورهَّب ترهيبًا شديدًا من إراقته أو المساس به بلا حق.
ثانيًا: أن فيها قتلًا للآمنين، وهو منافٍ للإيمان؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يفتِك المؤمن، الإيمان قيد الفَتك» رواه أبو داود والحاكم.
ثالثًا: إذا كان لا يجوز أثناء الحرب الفعلية قتل النساء غير المقاتلات والأطفال والشيوخ العجزة والأجراء العاملين في غير شئون القتال، ففي غيرها أولى، وقد نقل الإمام النووي الإجماع على ذلك.
رابعًا: إذا اعتبرنا أن العلة في القتال هي المحاربة فإن كل من لا يقاتل فعلًا لا يجوز إذايته وإتلاف ماله، فضلًا عن قتله؛ فقتله من الكبائر.
مخالفة المقاصد الشرعية
خامسًا: مخالفتها للمقاصد الشرعية؛ فالشرع الشريف أكَّد على وجوب المحافظة على خمسة أشياء أجمعت كلُّ الملل على وجوب المحافظة عليها، وهي: الأديان، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال.
أما بخصوص الانتحاري القائم بعملية التفجير الذي يقحم نفسه في الموت إقحامًا بتلغيم نفسه أو نحو ذلك فهو داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن قَتَلَ نفسَه بشيءٍ في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة» رواه أبو عوانة في “مستخرجه”، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًّا فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا» رواه مسلم، فبَعُد بذلك أن يكون شهيدًا.