كتبت – آية علي القناوي
رحل الفنان الكبير سمير الإسكندراني عن عمر ناهز 82 عاماً، بعد ان ترك لجمهوره والشعب المصري بصمتين لا تقل إحدهما أهميه عن الأخرى بل بالأحرى ترك وجهاً أخر لا يعلم عنه الكثير من متابعيه فقد سافر إلى ألمانيا فى منحة دراسية وتم تجنيده عميلا للموساد الذي أخطر به السلطات المصرية على الفور، والثانية كان فنان قدم العديد من الأغاني المصرية التي تركت ذكراها ولحنها إلي يومنا هذا وكذلك الكتب الفنية القيمة.
نشأة «الإسكندراني» وتأثيرها عليه:
ولد الإسكندراني في 8 فبراير 1938 في حي الغوريه، وكان والده تاجر أثاث وله صداقات مع فنانين وشعراء كبار مما كان له تأثير على حياته الفنية، بينما درس الفنون في ايطاليا عن طريق منحه دراسيه وكان يعمل أثناء دراسته على التوسع فى دائرة المعارف والأصدقاء من مختلف الجنسيات.
سفر الفنان ومشواره الدراسي:
التقى الفنان آنذاك بأكثر من شخص ومنهم صديق يدعى “سليم” بحمل اجواز سفر أمريكي، وكان يصطحبه مع فى التنزه والسهرات اللييلة التى كان يتعدى سعرها ال 200 أو 300جنيها فى حين أن منحة الجامعة البريطانية لهم كانت 50 جنيها ، حيث بدأ زملاءه من تحذيره من ذلك الشخص بسبب تصرفاته المريبة التى كانت على مرأى ومسمع الجميع.
بداية تواصل«الإسكندراني» باليهود:
حيث تغلغل الشك والأفكار الحائرة برأس سمير ، مقرراً أن يعلم ماوراء ذلك الصديق الأمريكى ، وكان سمير قد تحايل عليه بفكرة انه من أصل يهودي قائلا: “جدي كان يهودي بس أسلم عشان يتزوج جدتي وانا اميل لليهوديه ولجذوري لليهوديه”، وأعترف الأخر على الفور ان أصوله يهوديه ، وكانت الصدمة الكبرى لدى سليم التى أثارت فضوله كي يعرف عنه المزيد ويتوخى حذره.
أطمأن سليم اليهودي للفنان وفى عمكهرهم الثامن عشر قرر أن يأخذه مع فى عالم العمل الخاص به، وكانت الحقيقة تزداد يوما بعد يوم أمام سمير، وخاصة بعد أن عرص عليه العمل فى منظمة البحر الابيض لمكافحة الشيوعية التى كان هدفها استرداد أموال اليهود اللي اخدتها مصر.
عمل الفنان رسميا مع الموساد
قرر الفنان أن يتعامل معهم بحيلة كي يصل لما يدور بذهنهم حول مصر ، وكان رده على حكم الرئيس السابق جمال عبد الناصر أنه حكم ديكتاتوري ، فكان رداً ذكيا منه بفراسه وحكمة كي يكسب ثقتهم، وعلى الفور التحق بالعمل معهم ووصل لمرتبة عليا فى الجيش الإسرائيلى.
وطنية وبسالة «الإسكندراني» أمام جاسوسية الموساد:
طلب الجيش الإسرائيلي من الفنان أن يسافر مصر ويرسل لهم كتابات بالحبر السري تتعلق بالحياة العسكرية داخل مصر والمعلومات الأمنية ، وعلى الفور وافق سمير وأخطر السلطات المصرية بضرورة مقابلة الرئيس.
حيث تأكدت السلطات المصرية بعمل تحريات خاصة عن الفنان ، كانوقد علمو بدراسته وعمله فى ايطاليا ، فقد سمحو له بمقابلة الرئيس.
ووصف سمير مقابلته لـ عبد الناصر” فى 2018 فى حلقة برنامج المواجهه مع ريهام السهلى قائلاً : “اترميت في حضنه وقولتله يا ابويا سايبني كل دا انا عاوز اقابلك من فترة و جيت اوطي علي ايده ابوسها سحب ابده وطبطب عليا…مضيفاً أنا كنت مهووس بالرئيس كان بالنسبالي معشوق على حد وصفه.
تعاون المخابرات المصرية مع الفنان
وتفاجأ الفنان من رد الرئيس بعد أن روى له تفاصيل رحلته فى ايطاليا ومقابلته لسليم اليهودي ، فكان الرد يقتصر على حيلة كبيرة من الرئيس حيث طلب منه إكمال مهمته ولكن لصالح المخابرات المصرية، لافتا ً أن الرئيس علمه بعض الحيل و المعلومات المخابراتيهالتي لم يعلمني مثلها الموساد الاسرائيلي اثناء تدريبهم لي.
استكمل سمير مهمته مع المخابرات المصرية حتى قررت أن تقوم بضربتها الأخيرة لإسرائيل، وعودة سمير للبلاد مرة أخرى بينما حاولت قوات الموساد الإسرائيلي الانتقام من سمير فأرسلو فرقه لإغتيال شقيقته فى النمسا ، لكن المخابرات المصرية فاجأتهم بوجوده فى مقر شقيقته وإنقاذها وإعادتها اعادت إلى قالقاهرة قبل وصولهم.
كان الإسكندراني على الناحية الفنية متعمق لدرجة كبيرة جداً حيث كانت نشأته وسط مجموعة من أكبر الشعراء والملحنين منهم “زكريا أحمد، بيرم التونسي، أحمد رامي”.
كما درس في كلية الفنون الجميلة وبدأ تعلم اللغة الإيطالية بها، واستمر في تعلمها بعدما ألغيت اللغة الإيطالية من الكلية في مدرسة لتعليم الأجانب والمصريين، ومن ثم دعاه المستشار الإيطالي في مصر لبعثة دراسية إلى إيطاليا، وقد ذهب لاستكمال دراسته بمدينة بيروجيا الإيطالية عام 1958، حيث كان عمره عشرون عامًا و درس وعمل بالرسم والموسيقى وغنى في فناء الجامعة.
وقد كان للفنان مجموعة من الكتب والرويات التى تتحدث عن ما واجهه فى حياته وعن مشواره الفني والبطولى وعن الأغانى التي قدمها للجمهور، حيث كان كتاب “كنت صبيا فى السبعينيات” للناقد محمود عبد الشكور، الذى كان يسرد تفاصيل عن الأغنيات المصورة، التى كانت تقدم فى التليفزيون المصرى، ومنها أغنية “يا رب بلدى وحبايبى والمجتمع والناس” إحدى أغنيات سمير الإسكندرانى، التي كانت من كلمات عبد السلام أمين، ومن ألحان سيد مكاوى، التى كانت تنتمي لعصر الستينات، وكانت من أهم وأشهر الأغنيات التليفزيونية فى السبعينيات لما فيها من حس وطني وإنساني .
كما جاء في كتاب وصف أغنية مصورة وتجسيد للإسكندراني الإسكندرانى شابا دون لحية، مرتديا قميصا وبنطلونا فى منتهى البساطة، مع مشاهد لمياه متدفقة ـ أو لكنائس، أو لمساجد.
وفي سياق منفصل جاء كتاب جروبي” ليوسف حسن يوسف، يعرض عن الفنان وجه أخر حيث يدلنا عن تفاصيل واقعة الموساد عام 1960 فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر حين سقطت شبكة جواسيس تعمل لصالح الموساد الإسرائيلى، وهو ما عرف وقتها بعملية سمير الإسكندرانى، الذى أوقع بعشرة جواسيس من العيار الثقيل، كان أحدهم (جورج استاماتيو) أحد عمال جروبى.