هو إعلامي ومُعلق رياضي جزائري، قام بالتعليق على الكثير والكثير من المباريات الأوروبية والدولية، يتميز ببعض العبارات الخاصة به مثل: “الدفاع منظم كما ينبغي، حطها بالجول يا رياض، يا رباه، شوف شوف شوف شوف وعفوًا سيدي الحكم”، كل تلك العبارات وغيرها أصبحت راسخة في أذهان الجماهير العربية والمصرية التي تستمتع بسماع تعليقه على المباراة.
يعتبر من أكثر الأشخاص المتفاعلين بأدق التفاصيل الخاصة ببلاده “الجزائر”، من خلال الحسابات الشخصية الخاصة به على مواقع التواصل الاجتمعي، فهو دائم الحِرص في كل مباراة على إلقاء كلماته الهادئة على الجماهير المستمعة للقاء، فهو أحد أشهر المُعلقين على مستوى العالم العربي، وظهرت كثيرًا مشاعره أثناء تعليقه على مباريات تخص منتخب بلاده “المنتخب الجزائري”، أبرزها في بطولة كأس الأمم الإفريقية التي أُقيمت بمصر الموسم الماضي 2019.
نتحدث اليوم مع المعلق الرياضي الجزائري حفيظ دراجي.
– في البداية نحب نعرف الجماهير كيف بدأت مهنة التعليق؟
كنت محظوظ جدًا مقارنة بجيلي؛ لأنني عندما تخرجت بدأت عملي في التليفزيون الجزائري عام 1988م، كنت محرر في البداية ثم معلق ثم مذيع وأنا عاشق لتلك المهنة وحاببها من صغري، وأنا في إبتدائي كنت بمسك القلم والمسطرة وأقلد المعلقين في جيل السبعينات حينها، كل البيوت في الجزائر كان بها شاشات تليفزيون، فكنت من هواة الإذاعة وأحب أسمع كل شيء يقولونه، تعودت من صغري على صوت الإذاعة والتعليق على المباريات وكبرت بهم، فأنا أهوى وأعشق هذه المهنة منذ الصغر.
– كم مباراة قُمت بالتعليق عليها وما هي الأقرب لك؟
علقت حتى الآن على 4000 مباراة في مشواري على مدار 32 عام، المباراة الأقرب لي لقاء نصف النهائي كأس الأمم الإفريقية في القاهرة أمام منتخب نيجيريا والهدف القاتل في اللحظات الأخيرة، لأنها سمحت للجزائر بالتأهل للمرة الثانية بعد 29 عام، لا أنسى أيضًا مباراة مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم في 2010، ليس بسبب المباراة ولكن بسبب كل الذي أحاط بها، تلك المبارتين التي لم أنساهم على الصعيد منتخب بلادي، أما في المباريات الأوروبية فهناك مباريات كثيرة تتعلق في ذهني وتبقى بمثابة محطات كروية كبيرة بالنسبة لي.
– ما هي أصعب مباراة حفيظ دراجي قام بالتعليق عليها؟
أصعب مباراة مرت عليا في مسيرة التعليق كان مباراة أم درمان، ليس من ناحية الفوز أو الخسارة، بل من ناحية صعوبة التعامل مع الفوز وصعوبة التعامل مع الخسارة بالإضافة لصعوبة التعامل مع كمية الشحن التي كانت موجودة آنذاك؛ لأن الإعلام مسؤولية، والمسؤولية كانت تقتضي مني أن أكون جاهز لإحتمالين؛ الأول الفوز والثاني الخسارة، لكي اقوم بواجبي المهني اتجاه الجمهور لتخفيف كمية الشحن التي كانت موجودة، لذلك بالنسبة لي كانت أصعب مباراة، من الصعب عليّ أيضًا المسؤولية المهنية والأخلاقية ضغط كبير على المعلق لأنه بيحب أن يفوز منتخب بلاده ويتأهل إلى نهائي كأس العالم، تلك الأسباب جعلتني في ضغط كبير ولن أنساها تلك المباراة.
– ما رأيك في المشكلة القائمة بين جماهير النادي الاهلي والمعلق الرياضي أحمد الطيب؟
أحترم وأتابع تعليق كل الناس، ولكن كل ما يمكنني قوله هو أنه يجب على المعلق مهما كان أن يحترم كل الأندية والمنتخبات، وأيضًا لابد أن تحترم الجماهير هي الأخرى المعلقين، وتحترم خيارات القناة في اختيارها للمعلقين على المباريات، وأنا لدي جميع المعطيات لكي أرد، ولكني أتصور أن الزميل أحمد الطيب لديه المهنية اللازمة التي تعطيه الأحقية لكي يقوم بالتعليق على المباريات، وهذا كل ما أقدر أقوله.
– ما هو الفرق بين الأندية الجزائرية وباقي الأندية العربية؟
من الصعب أن نحصر ما ينقص في كرة القدم الجزائرية؛ لأن المهارة موجودة عن اللاعبين الجزائرين، والتنظيم الموجود عند الاهلي والزمالك والترجي التونسي والرجاء والوداد المغربي، هو الذي ينقص الأندية الجزائرية، والاستمرار في العمل غير موجود، بالإضافة إلى اعتماد منتخب الجزائر على مدار ال20 سنة الماضية على محترفين متواجدين في أوروبا، جعل اللاعبين المحليين لديهم الإصرار والعزيمة من أجل بلوغ هدف الإلتحاق بالمنتخب الجزائري، الأمر الذي كسر من معنوياتهم شيئًا، وأصبح لدي كل اللاعبين الجزائرين المحليين رغبة في خوض تجربة الإحتراف الخارجي من أجل الإنضمام إلى منتخب الجزائر، وأعتقد أن كل الأندية الجزائرية لا تمتلك الثقافة الكروية الإفريقية اللي عند الاهلي والزمالك والترجي والرجاء والوداد، وغيرهم من الأندية التي تعودت على التألق قاريًا، المسألة مسألة ثقافة وتقاليد كروية لا تملكها أندية الجزائر، وأيضًا المسألة مسألة تمويل فلا توجد أموال؛ فمثلًا عندما نقارن الإمكانيات المادية لنادي وفاق سطيف الجزائري بنادي الاهلي أو الزمالك او الترجي، فحينها سنجد أنها لا توجد مقارنة من الأساس، فهذا هو الفرق بين جميع الأندية وأندية الجزائر.
– من الأندية العربية القادرة على التأهل لدور ربع النهائي بدوري أبطال إفريقيا الموسم الحالي؟
جميع الفرق العربية المتواجدة في بطولة دوري أبطال إفريقيا الموسم الحالي، لديهم فرصتهم للتأهل إلى دور ربع النهائي، وبعد انتهاء الجولة الرابعة أصبح لدى كل الفرق الفرصة للصعود إلى دور ربع النهائي، بالرغم من أن أغلبيتهم لم يتعبوا هذا الموسم بالشكل اللازم في مبارياتهم الأولى، ولكن يختلفوا عن بعضهم بأن يوجد منهم من لديه فرصة كبيرة، وآخر فرصته ضئيلة، ولكن تبقى الفرص قائمة، موسيماني بدايته كانت موفقة مع الاهلي، فهو صعد بهم لنصف نهائي ونهائي دوري أبطال إفريقيا الموسم الماضي، ولكن هذا الموسم الأمور صعبت عليه وعلى الفريق، خاصةً على مستوى دوري أبطال إفريقيا، حيث لم يجد نفس السهولة التي وجدها الموسم الماضي.
– ما رأيك في مسيرة موسيماني مع النادي الاهلي حتى الآن؟
كنت متوقع أن يحدث هذا لأن موسيماني يحتاج إلى بعض الوقت، ولكن الاهلي وجماهيره وإعلامه لا يعطون الوقت، من وجهة نظري النادي الاهلي هو حالة خاصة، يجب أن يكون له مدرب خاص واستثنائي ولا أقصد أن موسيماني ليس مدرب خاص ولكن الخصوصية تقتضي بأنه يكون مدرب ليس بالضرورة أن يكون الأفضل في العالم يعرف الإضافة إلى معرفته بشئون الكرة، يجب أن يدرك المدرب الذي يتولى مهمة تدريب الاهلي خصوصيات الكرة المصرية والفريق وجماهيره وإعلامه، كل ذلك له دخل لكي يستقر المدرب مع الفريق ويقدم الأداء المميز، لكن للأسف يبدو أن الأمور صعبة شوية مع موسيماني منذ بداية هذا الموسم.
– ما هي المعايير التي قائم عليها التعليق؟
مهنة التعليق هي مهنة حديثة بالنسبة لمجال الإعلام كمجمل، وزادت أهميتها بزيادة اهتمام الجماهير الكروية بالمعلق في حد ذاته، في الأول كان الاهتمام بالمباريات واللاعبين والمنتخبات، وفي الوقت الحالي أصبح أيضًا الاهتمام بالتعليق والمعلقين، التعليق بالنسبة لي هو فن، وهو موهبة من الدرجة الأولى تكبر مع الإنسان، أينعم مع الوقت ممكن يتعلم ويضيف أشياء ولكن في الأول وفي الآخر هو موهبة مثل الرقص والغناء والتمثيل وأشياء أخرى، والمعلق الذي لا يملك الموهبة لا يمكن أن يعلق، وبمرور الوقت يكتشف أنه توجد قواعد وأخلاقيات لابد أن يلتزم بها، التعليق بالنسبة لي ليس تهريج إنما أعتبره رسالة، فهو مُكمل للمُتعة التي تكون فوق دائرة الميدان الأخضر، التعليق يتطلب مواصفات كثيرة جدًا يجب أن تتوفر في الإنسان قبل المُعلق؛ لكي يصبح كلامه مسموع عند الجماهير، الأساس في مواصفات المعلق هي “الحيادية”؛ بالإضافة إلى اللغة، معرفة شئون الكرة والصوت الجميل.
– هل يوجد لاعب عربي على الساحة الآن، قادر على منافسة محمد صلاح ورياض محرز؟
في الوقت الحالي لا يوجد منافس لـ محمد صلاح ورياض محرز، على المستوى الذي يظهران به من اللاعبين العرب، ولكن يمكننا القول بأنه يوجد بعض اللاعبين الذين يتألقوا في أنديتهم أمثال أشرف حكيمي الذي يتميز مع نادي إنتر ميلان ولكنه مدافع، وأيضًا يوسف النُصيري مهاجم نادي إشبيلية الذي يتميز في الدوري الإسباني، فهو لاعب لديه القدرات والإمكانيات التي تجعله يقدر على التألق بالإضافة إلى تألق صلاح ومحرز، النصيري وحكيمي يتألقون ولكن ليس بإستمرار، وأعتقد أن صلاح ومحرز فوق كل الجميع حتى الآن.
– هل ترى إن الإعلام والمُعلقين لهم دور في نبذ التعصب أو نشر الروح الرياضية؟
التعليق له دور كبير جدًا على الجماهير؛ فهو له دور في إشعال نار الفتنة وإطفاؤها، ويمكنه أن يهدد النفوس وأيضًا أن يهدأ النفوس، التعليق رسالة وليس مجرد تهريج، فهو رسالة قوية ومهمة جدًا للّاعبين وللرياضيين وللجماهير وللمشاهدين عمومًا، فمن هنا تأتي أهمية المعلق الذي يتحدث لمدة 90 دقيقة لكي يوجه رسالة، فهو يخاطب جماهير وليس جمهور واحد لكي يوجه رسالة، فهو يحلل ويتفنن في استعمال لغة سليمة تحمل أيضًا رسالة، المعلق لديه دور كبير وقوي جدًا في نبذ العنف والتعصب وإشعال نار الفتنة.
– هل سبق ورفضت التعليق على مباراة معينة أو طلبت التعليق على لقاء معين؟
لم يسبق لي ورفضت التعليق على مباراة معينة؛ فالتعليق بالنسبة لي مثل الحرب والمحارب لا يقدر على رفض خوض المعركة، التعليق عشقي وحبي وبيتي ورزقي، فأنا لم ولن أرفض التعليق في يوم ما على أي مباراة، وأيضًا لم أطلب في عمري أن أعلق على مباراة معينة، ولن أفعل ذلك مطلقًا، أنا ملتزم بالخيارات التي تفرضها عليّ القنوات التي أشتغل فيها؛ لأن ذلك أيضًا من أخلاقيات الإعلامي والمعلق أيًا كانت الظروف.
– إذا لم يكن حفيظ دراجي مُعلقًا.. ماذا كان يحب أن يكون؟
لو لم أكن معلق، لكنت معلقًا وإعلاميًا لأن مهنتي ليست بالدرجة الأولى معلق، فهي هواية بالنسبة لي وكبرت عليها، أتقن مهنة التعليق نسبيًا ولكني إعلامي من الدرجة الأولى، ولدي 3 كُتب بإسمي، وأكتب الصحف والمواقع وأشتغلت أيضًا في الإذاعة، بالنسبة لي أحب كوني إعلامي قبل أن أكون معلق؛ لأن التعليق بالنسبة لي كان مجرد هواية ومع الوقت وجدت نفسي فيه الحمدلله.
– مَن مِن المُعلقين الصغار ترى أنه سيكون خليفتك؟
لا يمكن لأي شخص أن يكون خليفة الآخر، ولا المدربين ولا اللاعبين ولا المغنيين ولا الممثلين؛ لأن كلًا منّا لديه خصوصياته ومميزاته، وإن شاء الله نرى مع الوقت معلقين أفضل مني.
– وأخيرًا.. وجه نصيحة للشباب من أجل نبذ التعصب؟
أحب أن أقول لجماهير كرة القدم أن التعصب يكون لدينك ولأهلك ولوطنك، هذا المطلوب، أما التعصب لأي نادي أو لأي لاعب، خاصةً النوادي الأجنبية مثل البارسا وريال مدريد، جماهيرهم أكثر جمهور متعصب، جماهير البارسا والريال متعصبين لأنديتهم أكثر من منتخب بلادهم، وهذا الأمر يصبح خطير مع الوقت، وهو شيء غير مُحبذ وأنا لا أشجعه تمامًا، أينعم أنا أشجع الناس على أنها تستمتع وتتابع كرة القدم أينما كانت، ولكن التعصب لنادي أو لمنتخب أجنبي هذا من الممنوعات بالنسبة لنا ولأولادنا الذين يجب أن يكبروا على التعصب لوطنهم ولدينهم ولشرفهم فقط.