منذ عقود طويلة مضت كانت الطرابيش تمثل الوجهة الاجتماعية وكلما كان “الطربوش”، أنيق ونظيف كان ذلك دليلاً على مكانت الشخص الاجتماعية، وأتى يوم من الأيام كان من العيب أن يخرج الرجل بدون “طربوش”، وقد عرفت “مصر”، صناعة الطرابيش في عهد “محمد علي باشا”، وكان إرتداء الطربوش عادة عثمانية.
عُمر المحل 207 سنة
وتوجه “أون مصر”، لـ حفيد أول صانع “طرابيش”، في مصر “عماد”، حفيد “أحمد محمد أحمد الطرابيشي”، وحكي لـ “أوان مصر”، أن جده “أحمد”، هو أول من صنع “الطرابيش” وأول من أدخل العمامة في مصر وأن عمر المحل بلغ الـ 207 سنة ويعود لأيام ما قبل ثورة 1952.
وأضاف إن جده كان يلقب بـ “صانع طربوش الملك”، لأنه أول من صنع “طربوش” الملك فؤاد والملك فاروق والسلطان حسين كامل، وهو ايضاً، من صنع عمامة كبار المقرئين والوزراء، مثل الشيخ الشعراوي، شيخ الأزهر، ووزير الاوقاف الحالي وعبد الباسط عبد الصمد،والمراغي، والدكتور عبد الحليم محمود، ومصطفى إسماعيل، واسامة الأزهري.
وأردف إلى أنه المورد الرئيس والوحيد لـ كافة الاعمال التلفزيونية التي تحتاج لطرابيش، ومن أبرز الأعمال التي صنع فيها “الطرابيش”، مسلسل “موسى”، ومسلسل “ليالي الحلمية”، ومسلسل “الجماعة”، وغيرها من الأعمال الفنية، مضيفاً إلا أنه ترك مهنته الرئيسية “المحاسبة”، وعمل بمهنتة “صناعة الطرابيش”، الذي ورثها عن أجداده.
أسماء الطرابيش.. ومراحل تصنيعها
وقال للطرابيش أسماء عديدة ولكل أسم حكاية، طربوش الملك فاروق وسمي بذلك لإرتداء الملك فاروق له، وطربوش السلطان وسمى بذلك لإرتداء السلطان حسين كامل له، وعمامة الشعراوي، وعمامة الأزهر وتكون مختلفة عن الجميع وأن ما يميزها “الشال الأبيض”، الذي تُلف عليه، وطربوش “الأفندي”، وكان ذلك مخصص للأفندية قديماً.
وعلق على أكبر “طربوش” في التاريخ “إن أحد الصنايعية جاء لصناعة “طربوش”، فقام العامل بأخذ المقاسات بالخطأ فـ تمت صناعته بهذا الحجم”، مشيراً ‘لا أن “الطربوش في الماضي كان جزء من الزي ولكن اليوم أصبح “أنتيكة”، للمناسبات .
وتحدث عن صناعة “الطرابيش”، يتكون “الطربوش”، من زعف النخيل، ويأتي مجهو من “رشيد”، وبعدها مرحلة “الجوخ” وهي مادة من الصوف تستورد من الصين أو الهند، ويتم بعدها “كي الزعف”، على “إصطنبة”، وهي التي تأخذ شكل “الطربوش”، وهي مصنوعة من النحاس، ثم بعدها توضع البطانة من الداخل وتلصق بـ مادة لاصقة من “النشا”، وبعدها يقوم الصنايعي بتركيب “الزر الحريري”.
وأردف إلى أنه أتى إليه شخص يريد صناعة عمامة “باب الفاتيكان”، أيام الحروب الصليبية كان يرتدي مثلها واستغرقت مني 6 ساعات، مؤكداً على أن صناعة “الطرابيش”، دخلت مع دخول “العثمانيين مصر، من “أيام محمد علي”، وقبل ذلك كنا لا نعرف الطرابيش فدخلت مصر مع دخول العثمانيين.
واستكمل “عماد” خديثه لـ “أوان مصر”، أنه يصدر الطرابيش لعدة دول منها المغرب، وسوريا، وتونس، ولكن هذه الأيام منذ دخول كورونا، أثرت على التصدير الخارجي وأقصرت فقط على العمل المحلي.
صانع “الطربوش” لا يملكه
بالرغم من تقدير “عماد”، للمهنة إلا أنه لا يمتلك “طربوشاً”، ويقول أنه يعيش مع الطرابيش لحظة بلحظة جميع مراحله ويقدر كثيراً، من يعتزون به ويحتاجونه ولكنه لم يكن يوماً يحتاج إليه، فكلا يختار مظهره على طبيعة عمله، وأن مهنته صناعة “الطرابيش”، وليس إرتداءه.
لن ينقرض “الطربوش”
من المنطي أن أي مكان عمل عندما يصبح عبئاً على صاحبه ومصدر لخسارته المادية، أول قرار يأخذه هو غلقه، فمهما تحمل وقاوم سوف يأتي وقت يأخذ قرار بغلقه، وبالتالي فإن استمرار عمل الورشة كل هذه المدة يعني أن العائد المادي ما يزال مجزيا، وعلى الرغم من أن ثمن الطربوش الواحد يتراوح من 10 إلى 80 جنيها وهذا شئ ضئيل ولكننا لا نريد أن هذه المنهة تنقرض ابداً، لأن شيوخ الأزهر، وكثيرا من المُقرئين يزالون يحافظون على هيئتهم التقليدية بـ “الطربوش”، والعمامة، حيث تصنع تلك الورش العمامة أيضا.
واشارإلى أنه لا يتعدى عدد الورش التي تحافظ على تلك المهنة في القاهرة خمس ورش موزعة بين شوارع ومناطق الحسين والغورية والمعز والأثرية، وتوجد ثلاث ورش أخرى موزعة على ثلاث محافظات، بينها أسيوط، والإسكندرية وكفر الشيخ، مضيفاً أنه يعلم أبناءه المهنة لكي لا تنقرض.
اقرأ أيضا: