بقلم: علاء السمان
مر يوم أمس على مصرنا الحبيبة بسلام، بعد عواصف وأمطار اجتاحت البلاد واقتلعت الأشجار وأصابت الكثير منا بالهلع.
تحكم الطقس بعون الله في مجريات الأمور، ويتوقع أن يتكرر المشهد مجدداً بعض الشيء، خلت الشوارع لتصبح الطبيعة سبباً في الحجر المنزلي للكثير من أهالينا، نسأل الله الستر وأن يحفظ البلاد والعباد وأن يقينا شر هذه العواصف وما فيها وأن ينعم علينا بخير ما فيها.
لقد تحركت الدوائر الحكومية والعديد من التكتلات الشعبية بطريقة إيجابية تحسب لها ، لتعكس التلاحم بين أبناء الشعب المصري الأصيل.
وفي مواجهة للطواريء التي تصاحب الطقس، أصدرت الحكومة تعليماتها بتعطيل القطاعين العام والخاص بما فيها الدراسة، واليوم أصدر وزير التعليم العالي قراراً بتعطيل الجامعات والمعاهد تحسباً لتطور الأوضاع المناخية.
التحرك الحكومي السريع لمواجهة تداعيات الأعاصير أمر محمود، إلا أن تحرك الوزارات المعنية لمواجهة كارثة فيروس “كورونا” المستجد التي هزت الدول واقتصاداتها وأسواق المال الإقليمية والعالمية لتخسر تريليونات الدولارات خلا وقت قصير لم يصل بعد إلى القدر المأمول.
نعم نحن أمام كارثة، فترة عصيبة، ويجب أن تكون الإجراءات الوقائية للبلاد ولأبنائنا وسبل المواجهة مسبقة وليست لاحقة، وعل وقف الدراسة واحد من الإجراءات الاساسية المفترض اتباعها على غرار الكثير من دول العالم!
عند انتقال فيروس “كورونا” من إيران إلى دول الخليج مثل السعودية، والكويت والبحرين وعمان، والعراق عبر أشخاص قادمين من طهران ثم اتساع النطاق لنقل العدوى من دول أخرى، اتخدت حكومات تلك الدول سلسلة إجراءات احترازية صارمة للمساعدة في حصر الفيروس و محاربته، تشمل منع التجمعات وتعطيل الدراسة بالمدارس والجامعات وإغلاق القاعات والحدائق وحظر الطيران وأخيراً وقف صلاة الجمعة وصلاوات الجماعة .. وغيرها من الخطوات الاحترازية.
وفي الوقت الذي نشاهد فيه بعض الدول العربية والعديد من الأقطار الأوروبية تمدد تعطيل المدارس، تطبيقاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية، نجد الوزارات المعنية في مصر سواءً التعليم العالي أو وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تعيش في كوكب آخر!
لم يحرك مسؤولو تلك الجهات ساكناً حتى الآن، بل اكتفوا بالتنويه إلى أن الأمور تسير حتى الآن بشكل منتظم!
ماذا تنتظر التربية والتعليم العالي لتتخذ مثل هذا الإجراء الاحترازي المهم، هل لديها خطط كافية لمواجهة انتشار الفيروس بين أبنائنا؟ قطعاً أشك في ذلك، فالأمر مُعرض للتفاقم، وخروجه عن السيطرة أمر وارد، وحال توغله بالمدارس ستكون الأسر والعائلات عُرضة للعدوى، وهنا سيحدث ما لا يُحمد عقباه.
الأمر بحاجة إلى قرار جريء، لا إلى تنظير وتصريحات رنانة قد تكون عواقبها وخيمة وفي حال انتشار العدوى، سيتحمل الوزير المسؤولية والفاتورة الأدبية كاملة لعدم رفع توصيات واضحة للقيادة السياسية في شأن المخاطر التي تكتنف استمرار الدراسة، كفانا استخفافاً بأرواح البشر!
خرج علينا الوزير الدكتور طارق شوفي ذات مرة داعياً إلى تفادي التجمعات وأن يحافظ الطلبة على مسافة متر بالتمام والكمال بين الطالب وزميله خشية وقوع إصابات، وهذا أقصى ما لديه من إجراءات احترازية!
فهل هكذا تُدار الأزمات يا دكتور؟
للوهلة الأولى اعتبرت تصريح الأخ الوزير في شأن المتر والمترين وسبل تعامل الطلبة مع زملائهم أشبه بالمزحة، في زمن ينتقل فيه الفيروس عن طريق لمس الأسطح والمخالطة، والاحتكاك عن قرب وغيرها.
يُحسب للوزارة نجاحها في توفيرها سبل انتقال العدوى بسهولة ودون عناء، فالمدارس وفصول التدريس التي تستقبل يومياً بين 40 و60 تلميذا في بعض المناطق كفيلة بنشر الوباء خلال أيام معدودة في ربوع المحروسة!
ورغم ظهور المزيد من الإصابات في مصر سواء من خلال المركب النيلي أو بعض المدارس، أو حتى لمسافرين منها، لم يصدر عن الوزارة تنويه بإمكانية تعطيل الدراسة، علماً أن حالات مختلفة تم رصدها مؤخراً بإحدى المدارس.
فهل السادة المسؤولون يعلمون ما لا نعلمه حول صعوبة انتقال الفيروس أو وجود مناعة فولاذية تلازم أبناءنا طلبة المدارس، أو أن الفيروس لا يقترب من شريحة الدارسين نهائياً؟!
مُجدداً ، إلى الوزارات المعنية… واجهوا الأزمة ولا تغمسوا رؤوسكم في الرمال كالنعام، أوقفوا الدراسة موقتاً، الفيروس لن يفرق بين هذا وذاك، وإذا تفشى سيكون من الصعب وضع حدود لاتشاره، خصوصاً وأن فترة حضانته تصل إلى 14 يوماً، أي أنها لا تظهر بين يوم وليلة ما يجعل استمرار المخالطة سبباً في زيادة العدوى .. اللهم بلغت.