رغم ان فيروس كورونا قد اصبح وباءا عالميًا يجتاح ويصيب كل البلدان من دون تمييز، ويسبب خسائر فادحة يصعب تقديرها وصلت إلى الترليونات، وخصوصًا للصين والولايات المتحدة والدول الأقوى،
إلا أن واشنطن استخدمت هذا الوباء لتصفية حسابها مع بكين من خلال إطلاق اسم “فيروس ووهان” و”الفيروس الصيني” عليه، ومن خلال تحميل الصين المسؤولية أمام العالم عنه كما ظهر في إدانة الإجراءات الصينية “القاسية” بعزل إجباري لعشرات الملايين من الصينيين، إلى جانب تصريح روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الأميركي، حول أن الصين كانت بطيئة في مكافحة الفيروس، ما كلف العالم شهرين كان يمكن أن يستعد خلالهما لمنع انتشار المرض.
في بادئ الامر انقسمت دول العالم بين فريقين، الأول أعطى الأولوية لحياة البشر مثل الصين، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، وإيران، والنرويج، وإيطاليا بعد أن تداركت الاستخفاف الذي دفعت ثمه، أما الثاني، فأعطى الأولوية للاقتصاد، مثل فرنسا وبريطانيا وأميركا وإسرائيل.
كما شهد العالم تناولًا متناقضًا مع هذا الوباء، بين من هوّن واستخف بالأمر في البداية، ثم هوّل به لتبرير التقاعس والتقصير، وعدم جاهزية النظام الصحي وإجراءات الوقاية في دول غنية وقوية، وتعدّ الأولى في العالم كما لا يمكن تجاهل محاولات شركات، وخاصة التي لها علاقة بصناعة الأدوية، الترويج لأدوية قديمة وأخرى جديدة.
ولم يخلُ الأمر من قيام رجال الدين بتصوير أن ما يحدث عقاب للصين أو لهذه الدولة أو تلك لعدم إيمانها بالله، مع أن الوباء اخترق كل البلدان، واستهدف المؤمنين والملحدين و أصحاب الديانات السماوية الثلاثة .
لقد سقطت البلدان المتقدمة في الاختبار لأنها إما لم تبنِ جهازًا للتأمين الصحي، أو لم تبنِ نظامًا صحيًا يناسب انتشار الأوبئة، وتعاملت باستهتار، لدرجة أن وزير الصحة الفرنسي قال بأن الفيروس لن يصل إلى فرنسا، في حين فضّلت إيطاليا الحفاظ على المواسم السياحية والرياضية على حياة البشر، لدرجة انهيار النظام الصحي. لم تستعد البلدان المتقدمة لمكافحة وباء كان من المتوقع حدوثه، ولم تستعد لمساعدة الدول النامية، رغم أن هناك فيروسًا يظهر كل بضعة أعوام، وفضلت أن تغض النظر عن هذه الأولوية، وتدفع للاعب كرة القدم أو لعارضة الأزياء أو لممثل السينما ملايين الدولارات ولا تدفع للعلماء إلا الفتات، و هي الآن تدفع الثمن من ضحاياها .
يواصل النظام العالمي الجديد انهياره ونأمل أن يكون ان يكون هناك استعداد أفضل لمواجهة التحديات و الحفاظ على البشرية من الانهيار ، لابد من وجود تعاون عالمي. فهذا الفيروس ينتشر ويهدد الجميع دون تمييز، وسيعاود الهجوم مرة أخرى، ويمكن أن تظهر منه أجيال جديدة وفيروسات جديدة أكثر فتكًا بالبشر إذا لم يتعاونوا لهزيمته ومنعه من مواصلة الانتشار ستكون نهاية العالم.