قال مجدي شاكر كبير الأثريين، إن وكالة الجداوى الأثرية تقع وسط مدينة إسنا بالناحية الشمالية بالقرب من معبد الإله «خنوم» بإسنا وعلى مقربه من نهر النيل، وتبلغ مساحة وكالة الجداوى حوالى 2321 متر، خاصة وأن الوكالة الإسلامية كانت محطة للقوافل التجارية السودانية، والتبادل التجاري بإسنا بين مصر والسودان، وذلك لاتصالها بدرب الأربعين الذي يصل من دارفور وأسيوط، حيث كانت مصر تستورد من السودان أعشاب طبية، وجمال وخيول وحمير، وسن الفيل.
وأشار «شاكر» في تصريحات خاصة لـ أوان مصر، إلى أن «الجداوى» أنشأت في عام 1207 هجرية و1712 ميلادية والوكالة كانت تستخدم كمقر ومنزل للتجار والبيع والشراء للسلع والحاصلات في الطابق الأول حيث كانت إسنا تشتهر في ذلك الوقت بكونها مركزا للتبادل التجاري في صعيد ومن أشهر البضائع التي كانت تباع بالوكالة السلال والمصنوعات الخفيفة المصنوعة من سعف النخيل المصبوغ بألوان متعددة الأقمشة القطنية الخام الناعمة والشيلان المعروفة باسم الحلاية الذي كان يعد أكثر الملابس ضرورة عند سكان مصر في ذلك الوقت خاصة لمن يقومون بالسفر, فكان بالنسبة لهم الفراش والجبة والخيمة, وكانوا يطوقون به رقابهم وهو أعظم مكافأة يمكن أن يقدمها السيد لخادمه تعبيرا عن رضائه عنه وعرف عن إسنا قديما وجود العديد من مصانع الأواني الفخارية والمعاصر التي كان أشهر إنتاجها زيت الخس.
وكالة «الجداوى»
وأضاف كبير الأثريين أن السودان كانت تستورد من مصر، “الفركة” والسكر والشاي، وكانوا يفضلوا السكر الجماع، حيث كانوا يقومون بتكسيره إلى قطع صغيرة، بالإضافة إلى الزيوت، والدور العلوي للوكالة كان فندقا للتجار، والدور الأرضي وضعت به الدواب، وتحدث علماء الحملة الفرنسية في موسوعة وصف مصر, عن جودة بناء الوكالة التي تتكون من فناء كبير يحيط به رواق يوصل إلي جميع المحال التجارية, اعلاه رواق آخر مشابهة يؤدي إلي مساكن التجار والمسافرين.
وتابع الخبير الأثري: «أنشأها حسن بك الجداوي الذي كان مملوكا لعلي بك وهو احد أفراد حاشية محمد بك أبو الذهب ، وتولى إمارة إسنا بالاشتراك مع مراد بك، في عهد الحملة الفرنسية واطلق عليه لقب جداوي لانه كان يتولي إدارة جدة وتوفي عام1215 هجرية 1800م ».
وعن الوصف المعماري للوكالة، نوه مجدي شاكر أنها تطل على معبد إسنا بارتفاع 8 أمتار، تعلو واجهة باب الوكالة عتبة من الخشب منقوش عليها النص التأسيسي لها بالحفر الغائر، كتب على جانبها الأيمن “ وبشر نصر من الله وفتح قريب, وبشر المؤمنين يامحمد قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد, هو الأول والآخر سبحانه وتعالي احد صمد ياسيد سعد السعود يلوح في اركانها دار مبارك.
وكالة «الجداوى»
أما الجانب الأيسر ” دار السعود بدار الخير والنعم العظم السعد ربها والبشر لازمها طوبي لساكنها ناجي من الغم الله يحرسها من كيد حاسدها بجاه طه التهامي معدن الكرم عليه أذكي صلاة خالقنا مع السلامة من جاء بالحكم ربي يسر ولا تعسر ربي تمم بالخير تحريرا في 12 شهر ربيع ثاني 1207 ه “.
ويوجد بداخلها طابقان يحتوي كل طابق على مخازن وغرف للعمال والمغتربين ومحلات تجارية، يفتح كل منها على ممر عبارة عن رواق مسقوف بـ “البراطيم” وجذوع النخيل، كما يوجد بها بهو مسقوف على شكل “صحن” مغطى بـ “خشخيشة” على شكل مخروطي، وتتكون الوكالة من فناء كبير تحيط به المحلات التجارية، يعلو مدخلها “مكسلتان” من الأجر والطوب اللبن ترتفع حوالي 80سم , وتحتوي الوكالة علي أربعين حجرة وملحقات أخري تلتف في طابقين .