كتب- محمد عكاشة
تواجه إثيوبيا ورئيس وزراءها أبي أحمد هجمات دولية شرسة من المجتمع و الإعلام الدولي، إزاء الوضع الإنساني الصعب في إقليم تغراي، الذي تجري فيه حرب وطيس بين الجيشين الإثيوبي والأريتري من جهة وجبهة تحرير تجراي من جهة أخري، تصل إلى 8 أشهر.
وتسبب اجتياح القوات الإثيوبية والإيريترية للإقليم، العديد من الجرائم ضد الإنسانية، فقد وثقت الأمم المتحدة أكثر من 516 حالة اغتصاب سجلتها خمس عيادات طبية في منطقة تيغراي، حتي مارس الماضي.
جرائم تحدث في إثيوبيا
أعلنت الأمم المتحدة، مارس الماضي، أن قانطي إقليم تجراي عانوا من جرائم اغتصاب كثيرة، تم توثيق 516 منها فقط، وهناك الكثير لم يسجل، وقالت وفاء سعيد، نائبة منسق مساعدات الأمم المتحدة في إثيوبيا، أن هناك نساء كثر تعرضن تعرضن للاغتصاب من عناصر مسلحة, موضحة أنهن روين قصصا عن اغتصاب جماعي واغتصاب أمام العائلات، بل وصل الأمر إلى إجبار رجال على اغتصاب نساء من عائلاتهم تحت التهديد بالعنف.
واستكملت المسؤولة الأممية أنه “بالنظر لحقيقة أن معظم المرافق الصحية لا تعمل إضافة إلى الوصمة المرتبطة بالاغتصاب، فمن المتوقع أن تكون الأعداد الفعلية أعلى من ذلك بكثير”.
وأضافت سعيد في إفادتها للدول الأعضاء في المنظمة الدولية في نيويورك أن “معظم النازحين فرّوا بلا أي شيء سوى الملابس التي يرتدونها. بشكل عام هم في حالة صدمة ويروون قصصا عن الرحلة الصعبة التي قطعوها بحثا عن الأمان. بعضهم تحدث عن المشي لأسبوعين وبعضهم الآخر لمسافة 500 كيلو متر”.
من جهة أخري، قد نشرت وكالة رويترز شهادات من مواطنين عن الانتهاكات الإثيوبية والإريترية داخل إقليم تغراي، إذ أوضحت أن هناك عديد الجنود اغتصبوا النساء جماعيا وعذبوهم، ونهبوا البيوت والمحاصيل، إضافة إلى قتل مدنيين عزل، وجرائم أخرى ينأء لها الجبين.
وقد وصف المبعوث الأمريكي جيفري فيلتمان لمنطقة القرن الأفريقي، في تقريره المقدم للرئاسة الأمريكية عن الوضع في إقليم تغراي، أن الجرائم التي ارتكبها النظام السوري في حلب والمدن السورية، تبدو كـ “لعب عيال”، مقارنة بالجرائم الموحشة للجيش الأثيوبي في تغراي، وفقا لمجلة فورين بوليسي الأمريكية.
وفي تقرير عن منظمة العفو الدولية، كشفت عن أن جنودا إريتريين، قتلوا مئات المدنيين في مدنية أكسوم الإثيوبية بين 28 و29 نوفمبر، كواحدة من عدة عمليات قتل جماعي، التي ترتكب بالكاد يوميا منذ اندلاع الحرب منذ أكثر من 8 أشهر، براوية 41 شاهدا.
الأهمية السياسية والاقتصادية ليتجراي:
يقع إقليم تيغراي شمال إثيوبيا وهو إقليم صغير، لكنه يتمتع بنفوذ سياسي واقتصادي كبير في تاريخ إثيوبيا. ويعد الإقليم الغني بالزراعة أحد الوجهات السياحية الهامة في البلاد. كما يضم مراكز تاريخية ودينية مصنفة على قائمة التراث العالمي وفي مقدمتها مدينة أكسوم مهد الكنيسة القبطية الإثيوبية.
أصل القصة:
يرجع الصراع بين جبهة تحرير تغراي والحكومة الإثيوبية إلى أكثر من عامين، فقد شاركت الجبهة في ائتلاف حكومي يدعى “الجبهة الديمقراطية الثورية”، قاد إثيوبيا منذ 1991 حتي 2018، ومع وصول أبي أحمد رئيس الوزراء الحالي، أدعى القيام باصلاحات اقتصادية وسياسية لإنقاذ البلاد، رأت فيها جبهة تحرير تجراي أنها تستهدف الحركة وقياداتها ورموزاها.
فقد أجرى آبي أحمد تعديلات سياسية عميقة في الحكومة والجيش، شملت الخارجية ورئيس هيئة أركان الجيش، ومدير الأمن والمخابرات العامة والشرطة .
وظلت العلاقات متوترة بين جبهة تحرير تغراي والحكومة الإثيوبية، إلى حين اتخذ أبي أحمد بتأجيل الانتخابات داخل البلاد بسبب جائحة فيروس كورونا، حيث إن إثيوبيا تعتمد نظام حكم فيدرالي، لتقرر الجبهة عدم الالتزام بالقرار الذي وافق عليه المجلسين النيابين، وفقا للدستور، في الـ9 من سبتمبر الماضي، ومتهمة أحمد بتعمد تأخيرها.
ثم أجرى الإقليم انتخابات أسفرت عن رئيس حكومة للإقليم، في حادثة هي الأولى أن يجري أحد الأقاليم انتخابات منفصلة عن الانتخابات العامة التي تجرى كل 5 أعوام، فقد اختار برلمان إقليم تجراي، دبري صيون، رئيسا لحكومة الإقليم، لكن لم يعترف به أبي أحمد.
ليتأزم الوضع أكثر ويدخل الجانبان في حرب عسكرية، بدأت مع قرار لأبي أحمد لبدء العمليات العسكرية، وقال “صدرت أوامر لقوات دفاعنا تحت قيادة مركز القيادة للقيام بمهمتها لإنقاذ البلاد ، موضحا أن “الجبهة الشعبية لتحرير تجراي هاجمت معسكرا للدفاع الوطني وحاولت احتلال منطقة قوات درع شمال البلاد في منطقة دانشا بإقليم أمهرة”.
ليعمل أبي أحمد على تصفية الأقليم، مستعينا بالجيش الأريتري الذي دعاه إلى اجتياه الأقليم، فقد وصف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأعمال التي نُفذت بأنها تطهير عرقي.
وفي 17 إبريل الماضيـ اعترفت أريتريا رسمياً للمرة الأولى بمشاركة قواتها المسلحة في القتال الدائر في إقليم تيغراي وأعلنت بداء انسحاب قواتها، حيث إن رئيس الوزراء الأثيوبي كان دائما ينكر وجود هذه القوات داخل الإقليم، إلا أنه أقر بذلك مؤخرا، بعد أن زعم أن جبهة تحرير شعب تيغراي أطلقت صواريخ عدة على العاصمة الإريترية.
350 ألف يعانون المجاعة
رغم كل تلك الجرائم رفض الحاصل على جائزة نوبل للسلام، دعوة أمريكية لوقف إطلاق النار في الإقليم، مما دعا الولايات المتحدة الأمريكية على دراسة توقيع عقوبات على إثيوبيا، تشمل مسئولين رفيعي المستوى، إذ فرضت واشنطن قيودًا على تأشيرات مسؤولين إثيوبيين وإريتريين وفرضت الولايات المتحدة أيضا قيودًا على المساعدات الاقتصادية والأمنية، بينما أبقت على المساعدات الانسانية فقط.
أكدت دراسة حديثة أجرتها الأمم المتحدة في وثيقة أصدرتها عن تحليل غير منشور اطلعت عليه رويترز لجماعات الإغاثة بالأمم المتحدة التي افادت بإنه هناك نحو 350 ألف شخص في منطقة تيجراي الإثيوبية يعانون بشدة من وضع المجاعة في ظروف حالكة.
وخلص التقرير إلى أن الملايين في تيجراي يحتاجون إلى «غذاء عاجل ودعم زراعي ومعيشي للحيلولة دون الانزلاق أكثر نحو المجاعة».
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة «بلغ انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية مستويات تبعث على القلق» مضيفا أن هناك تقارير عن جوع شديد في أوساط النازحين كما أن هناك حاجة شديدة للغذاء في شمال غرب تيجراي بعد حرق أو نهب المحاصيل، ولم يحمّل المتحدث أحدا المسؤولية.
اقرأ أيضًا..
وزير الري: مفاوضات سد النهضة وصلت لـ مرحلة الجمود بسبب إثيوبيا