أعلن الرئيس التركي ، رجب طيب إردوغان ، فتح كنيسة آيا صوفيا في اسطنبول أمام المسلمين لأداء الصلاة، وذلك في أعقاب إبطال محكمة تركية وضعها الحالي كمتحف، وسط معارضة دولية كبيرة.
وقال إردوغان في بيان نشر عبر تويتر: “تقرر أن آيا صوفيا ستوضع تحت إدارة رئاسة الشؤون الدينية وستفتح للصلاة.
وكانت أعلى محكمة إدارية في تركيا، قد أصدرت قرارا ينزع صفة “المتحف” عن كاتدرائية “آيا صوفيا”، وهو ما يعبد الطريق أمام تحويل المنشاة التاريخية إلى مسجد مرة أخرى.
وألغت المحكمة التركية القرار الذي صدر سنة 1934 وقضى بتحويل الكاتدرائية السابقة إلى متحف في مدينة اسطنبول، وجرى اتخاذ القرار التركي، رغم تحذير من مسؤولين أميركيين وفرنسيين وروسيين ويونانيين، فضلا عن معارضة رجال كنائس.
غضب دولي: ما يحدث استفزاز صريح للعالم المتحضر
ويثير مصير آيا صوفيا قلق اليونان وروسيا اللتين تراقبان عن كثب الإرث البيزنطي في تركيا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وفرنسا اللتين حذّرتا أنقرة من تحويلها إلى مسجد، وهو ما يسعى إليه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان منذ سنوات.
واعترب وزارة الثقافة اليونانية أن قرار المحكمة التركية بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد يمثل “استفزازا صريحا” للعالم المتحضر.
وقالت لينا ميندوني في بيان لها، الذيجاء نتيجة الإرادة السياسية للرئيس رجب طيب أردوغان، استفزاز صريح للعالم المتحضر الذي يعترف بالقيمة الفريدة والطبيعةالمسكونية لهذا المعلم الأثري.
و عبرت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية عن أسفها لعدم إصغاء القضاء التركي إلى “مخاوف ملايين المسيحيين”، وسماحها بتحويل كنيسة آيا صوفيا السابقة في اسطنبول إلى مسجد.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية “إنترفاكس” عن المتحدث باسم الكنيسة فلاديمير ليغويدا قوله “نلاحظ أنه لم يتم الإصغاء إلى مخاوف ملايين المسيحيين”.
من ناحيتها، نبهت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، إلى أن آيا صوفيا أُدرجت ضمن التراث العالمي باعتبارها متحفا، وهذا الأمر له طابع إلزامي، وأعربت “يونسكو” عن قلقها للسلطات التركية، من خلال عدة رسائل، عبر السفير التركي لدى اليونيسكو.
المعارضة التركية: أردوغان يسعى لصرف النظر عن الإخفاقات الاقتصادية بهذا القرار
ويقول معارضون في تركيا إن الرئيس التركي الذي دافع عن هذه الخطوة، يسعى إلى استمالة المحافظين من خلال هذه الخطوة.
ويضيف المنتقدون أن أردوغان يسعى إلى صرف النظر عن الإخفاقات الاقتصادية في البلاد، وتصوير هذا القرار بشأن آيا صوفيا بمثابة إنجاز.
وكان أردوغان قد أثار مسألة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، قبل الانتخابات البلدية، في 2019، لكن العدالة والتنمية تلقى ضربات موجعة أفقدته بلدية اسطنبول، أكبر مدن البلاد.
تاريخ “آيا صوفيا” من الكاتدرائية إلى المسجد
في العام 532، أمر الإمبراطور جستنيان، ببناء كنيسة كبيرة، تكون فريدة في طرازها وخارجة عن المألوف، فكلف المهندسين آنذاك بتشييد “آيا صوفيا”، أحد أكثر المعالم التاريخية تميزًا وعراقة.
استغرق بناء الكنيسة 5 سنوات، وتم افتتاحها رسميًا عام 537م؛ لتصبح رمزًا مسيحيًا جديدًا، قبل أن تتحول إلى مسجد إبان الفتح العثماني للقسطنطينية.
بعد مئات السنين، تحول المسجد إلى متحفٍ في عهد مصطفى كمال أتاتورك، إلا أن الرئيس التركي الحالي، رجب طيب أردوغان أعاد فكرة تحويلها إلى مسجد مرة أخرى في مارس العام الماضي، إلى أن حقق ما أراد اليوم.
ووقع أردوغان، قرارًا رئاسيًا بشأن تحويل إدارة شؤون متحف “آيا صوفيا” إلى رئاسة الشؤون الدينية، وذلك بعد قرار المحكمة الإدارية العليا الذي يعمل على تحويل “آيا صوفيا” إلى مسجدٍ.
وذكرت وكالة الأناضول الرسمية التركية، أن الجريدة الرسمية التركية، نشرت الجمعة، قرارًا رئاسيًا بشأن افتتاح “آيا صوفيا” للعبادة وتحويل إدارتها إلى رئاسة الشؤون الدينية.
وذكرت أن الغرفة العاشرة في المحكمة الإدارية العليا، ألغت قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1934 بتحويل مسجد “آيا صوفيا” إلى متحفٍ.
وأشارت إلى انتقال إدارة “آيا صوفيا” إلى رئاسة الشؤون الدينية التركية بناء على المادة 35 من القانون رقم 633 المتعلقة بمهام رئاسة الشؤون الدينية.
وقال أردوغان، الجمعة، إن أول صلاة ستقام بمسجد “آيا صوفيا” ستكون يوم 24 يوليو، وصرح الرئيس التركي بأن “صوفيا” أصبح مسجدًا بعد 86 عامًا كمتحفٍ.
أول صلاة في آيا صوفيا
غزا السلطان العثماني، محمد الفاتح ابن السلطان مراد الثاني، في العام 1453، القسطنطينية، ولم يكن هناك حينها “جامع” ليصلوا فيه صلاة الجمعة، التي تلت الفتح، فلم يسعفه الوقت لتشييد جامعٍ جديدٍ في هذه المدة الزمنية الضئيلة، فأمر السلطان بتحويل “آيا صوفيا” إلى جامعٍ، ثم بعد ذلك اشتراها بالمال، وأمر كذلك بتغطية رسومات الموزاييك الموجودة بداخلها ولم يأمر بإزالتها، حفاظًا على مشاعر المسيحيين، وما زالت الرسومات موجودة بداخلها إلى الآن.
وبعد أن ظل “آيا صوفيا” مسجدًا على مدار 481 عامًا تقام فيه الصلوات، أمر مصطفى كمال أتاتورك الذي أنهى حكم الدولة العثمانية، وأعلن قيام جمهورية علمانية في تركيا بإغلاق المسجد وإعلان حظر إقامة الشعائر الدينية في مسجد “آيا صوفيا” عام 1931، ثم أعقبه بقرار تحويله إلى متحف عام 1935م يضم آثارًا إسلامية ومسيحية.
ومنذ العام 1935 أصبح متحفًا، وهو من أهم التحف المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط.
وظل “آيا صوفيا” مسجدًا حتى بداية القرن العشرين، وحول أتاتورك المبنى إلى متحف حتى الآن، حيث يخشى العلمانيون الأتراك أي تحركات لأسلمة المبنى أو إعادة استخدامه مسجدًا مرة أخرى، وذلك بعد أن كان “آيا صوفيا” كاتدرائية للمسيحيين على مدى 900 عام، ثم أحد أعظم مساجد المسلمين على مر 500 سنة.