كتبت – سماح عثمان
منذ أكثر من 10 سنوات وأصبحت سوريا حديث العالم ومثار للأطماع الدولية وأرضا للصراعات، ونتج عن ذلك تشريد ملايين السوريين حول العالم وبقى الصراع والحرب الداخلية قائمة حتى ازدادت الأطراف المتصارعة كل له مصالحه الخاصة، واختفى الرئيس السوري بشار الأسد فترات وظهر نادرا ليتحدث عن الأوضاع في الداخل السوري..وآخر ظهور له هو اليوم عبر حوار مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، إذ تحدث عن التدخل التركي والتحالف الأمريكي ودور روسيا .
ما هي اللحظة التي ترمز بالنسبة إليكم إلى نقطة تحوّل خلال هذا الصراع، خلال هذه الحرب؟
لقد مضى حتى الآن عشر سنوات تقريباً منذ بداية الحرب، ولذلك فإن هناك العديد من نقاط التحوّل التي يمكنني ذكرها، وليس نقطة واحدة.
كانت نقطة التحوّل الأولى في عام 2013، عندما بدأنا بتحرير العديد من المناطق، خصوصاً في وسط سوريا، من جبهة النصرة.
ثم في عام 2014، نقطة التحول كانت في الاتجاه الآخر، عندما ظهر داعش فجأة، وبدعم أمريكي، واحتل جزءاً مهماً جداً من سوريا والعراق في الوقت نفسه. وهنا بدأ الإرهابيون باحتلال مناطق أخرى، لأن داعش تمكن من تشتيت انتباه الجيش السوري عن تحقيق مهمته في تحرير الجزء الغربي من سوريا. نقطة التحوّل الأخرى كانت عندما جاء الروس إلى سوريا عام 2015، وبدأنا معاً بتحرير العديد من المناطق، في تلك المرحلة بعد قدوم الروس لدعم الجيش السوري، تمثلت نقطة التحوّل في تحرير الجزء الشرقي من حلب.
وهنا بدأ تحرير مناطق أخرى من سوريا ابتداءً من هذه النقطة، وقد كان ذلك مهماً بالنظر إلى أهمية حلب، ولأن تلك كانت بداية تحرير واسع النطاق الذي استمر لاحقاً وصولاً إلى دمشق، وإلى باقي مناطق حلب مؤخراً، ومن ثم مناطق أخرى في الجزء الشرقي من سوريا وفي الجزء الجنوبي.
إذاً، كانت هذه نقاط التحوّل الرئيسية، وإذا جمعتها معاً فستجد أن جميعها نقاط تحول استراتيجية، وجميعها غيرت مسار هذه الحرب.
أردوغان يدعم الإرهابيين في سوريا وليبيا
في السنوات الأخيرة، تحاول تركيا تعظيم نفوذها الدولي، ما رأيكم في هذا النوع من السلوك الذي تتبعه أنقرة، وأردوغان شخصياً، وهل يتوجب على المجتمع الدولي منح المزيد من الاهتمام بهذا النوع من العثمانية الجديدة؟
لنكن في غاية الوضوح والصراحة، لقد دعم أردوغان الإرهابيين في سوريا، وهو يدعم الإرهابيين في ليبيا، وقد كان المحرّض والمشعل الرئيسي للصراع الأخير الذي ما يزال مستمراً في ناغورني قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا. وبالتالي سأصف سلوكه بأنه خطير، لمختلف الأسباب. أولاً، لأنه يعكس سلوك الإخوان المسلمين؛ فالإخوان المسلمون منظمة إرهابية متطرفة؛ ثانياً، لأنه يشعل الحروب في مناطق مختلفة فقط لصرف أنظار جمهوره المحلي في تركيا عن التركيز على سلوكه داخل تركيا، خصوصاً بعد علاقته الفاضحة مع داعش في سوريا، والجميع يعرف أن داعش اعتاد بيع النفط السوري عبر تركيا وتحت مظلة القوات الجوية الأمريكية وبتورط الأتراك طبعاً في بيع النفط. وبالتالي، فإن هذا هدفه، وهذا خطير. وسواء كان المجتمع الدولي يعرف بهذا أو لا، وعبارة المجتمع الدولي تقتصر فعلياً على بضع دول، أي القوى العظمى والدول الغنية، ولنسمي هؤلاء المؤثرون في الساحة السياسية.
المجتمع الدولي متواطئ مع تركيا في دعم الإرهابيين
فغالبية هذا المجتمع الدولي متواطئة مع تركيا في دعم الإرهابيين، إنهم يعرفون ما تفعله تركيا، وهم سعداء بما تفعله تركيا، فتركيا ذراع تلك الدول في تنفيذ سياساتها وأحلامها في هذه المنطقة، وبالتالي لا نستطيع أن نراهن على المجتمع الدولي على الإطلاق. تستطيع المراهنة على القانون الدولي، لكنه غير موجود، فليس هناك مؤسسة لتطبيق القانون الدولي. ولذلك، علينا أن نعتمد على أنفسنا في سوريا وعلى دعم أصدقائنا.
ظهرت تقارير تفيد بأن بعض الإرهابيين من المجموعات التي كانت تقاتل سابقاً في سوريا يتم نقلها حالياً إلى منطقة الصراع بين أرمينيا وأذربيجان،هل تستطيعون تأكيد ذلك؟ هل لديكم أية معلومات حول انتقال المقاتلين من سوريا؟
نستطيع أن نؤكد هذا حتماً، ليس لأننا نمتلك الأدلة، بل لأنك في بعض الأحيان إذا لم تكن تمتلك الأدلة فإن لديك مؤشر أو مؤشرات. تركيا استخدمت هؤلاء الإرهابيين القادمين من مختلف الدول في سوريا، واستخدموا الطريقة نفسها في ليبيا، لقد استخدموا الإرهابيين السوريين في ليبيا، ربما إضافة إلى جنسيات أخرى. وبالتالي من البديهي والمحتمل جداً أنهم يستخدمون تلك الطريقة في ناغورني قره باغ، لأنه كما قلت سابقاً فإنهم هم الطرف الذي بدأ هذا الصراع وشجعوا عليه، وبالتالي، أرادوا تحقيق شيء ما، وسيستخدمون الطريقة نفسها. وعليه نستطيع القول بالتأكيد إنهم يستخدمون إرهابيين سوريين ومن جنسيات أخرى في ناغورني قره باغ.
لقد تعهد ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا لكنه فشل في فعل ذلك. والآن تم ترشيحه لجائزة نوبل للسلام. هل تعتقد أنه إذا تمكن من إعادة القوات الأمريكية إلى وطنها سيُمنح جائزة نوبل للسلام
لم أكن أعرف هذا، إذا أردت أن تتحدث عن الترشيح للسلام، فإن السلام لا يتعلق فقط بسحب القوات. إنها خطوة، وهي خطوة جيدة، وخطوة ضرورية، لكن السلام يتعلق بالسياسة، وبالسلوك. إنه يعني إنهاء احتلال الأرض، والتوقف عن إسقاط الحكومات لمجرد أنها ليست معك، والتوقف عن إحداث الفوضى في مناطق مختلفة من العالم. السلام هو أن تلتزم بالقانون الدولي وأن تدعم ميثاق الأمم المتحدة، الخ. هذا هو السلام، وعندها تستحق جائزة نوبل للسلام. أوباما حصل على هذه الجائزة، وكان قد انتخب للتو، ولم يكن قد فعل شيئاً. ربما الإنجاز الوحيد الذي كان قد حققه هو الانتقال من بيته إلى البيت الأبيض، فحصل على جائزة نوبل. وبالتالي قد يمنحونها لترامب لفعله شيئاً مماثلاً ربما. لا أعلم ماهية ذلك الشيء، لكنه بالتأكيد ليس السلام.
الاغتيالات تمثل طريقة تفكير أمريكية
لقد اعترف ترامب مؤخراً أنه كان يعتزم تصفيتكم شخصياً، وأن وزير الدفاع ماتيس أقنعه بأن لا يفعل ذلك. فهل علمتم بذلك حينذاك، وهل تم اتخاذ أي إجراء لمنعه؟
الاغتيال يُمثل طريقة عمل أمريكية، فهذا ما يفعلونه دائماً، على مدى عقود، وفي كل مكان، في مناطق مختلفة من العالم، وبالتالي فهو ليس أمراً جديداً. ولذلك، ينبغي أن تتذكر دائماً أن هذا النوع من الخطط موجود دائماً ولأسباب مختلفة، وعلينا أن نتوقع ذلك في وضعنا في سوريا، مع وجود هذا الصراع مع الأمريكيين، هم يحتلون أرضنا ويدعمون الإرهابيين، وبالتالي هذا أمر متوقع. حتى لو لم يكن لدينا أية معلومات، ينبغي أن يكون ذلك بديهياً. كيف يمكن منع وقوع ذلك؟ المسألة لا تتعلق بالحادث نفسه ولا بالخطة الموضوعة بخصوص هذا الشخص أو هذا الرئيس، بل تتعلق بالسلوك، لا شيء سيردع الولايات المتحدة عن ارتكاب هذا النوع من الأعمال الشريرة ما لم يكن هناك توازن دولي بحيث لا تستطيع الولايات المتحدة أن تنجو بجريمتها، وإلا فإنها ستستمر في ارتكاب هذا النوع من الأفعال في مختلف المناطق، ولا شيء سيوقفها.
تقولون إن وجود الجيشين الأمريكي والتركي في سوريا غير شرعي. ماذا ستفعلون لإنهاء هذا الوجود؟
إنه احتلال، وفي هذه الحالة، علينا أن نقوم بأمرين: الأول هو إزالة الذريعة التي يستخدمونها لهذا الاحتلال، وهي الإرهابيين – في هذه الحالة داعش – معظم العالم الآن بات يعرف أن داعش صنعه الأمريكيون، ويدعمه الأمريكيون، ويكلفونه بمهام، مثله مثل أي قوة أمريكية. ينبغي إزالة هذه الذريعة، وعليه، فإن القضاء على الإرهابيين في سوريا هو الأولوية الأولى بالنسبة لنا.
بعد ذلك، إذا لم يغادر الأمريكيون والأتراك فإن الأمر الطبيعي الذي ينبغي أن يحدث هو المقاومة الشعبية،هذه هي الوسيلة الوحيدة،فهم لن يغادروا عن طريق النقاش. أو عن طريق القانون الدولي طالما أنه غير موجود. وبالتالي، ليس لديك أي وسيلة أخرى غير المقاومة، وهذا ما حدث في العراق.