كشفت الباحثة الأثرية نادية عبد الفتاح المتخصصة في الآثار الإسلامية عن الوجه الآخر لتراث شارع الجمالية العريق ، حيث عاش وترعرع فيه نخبة من الشخصيات التاريخية الشهيرة التى أثرت التاريخ و الفن و الحضارة المصرية، إلى جانب ضمه مجموعة من الآثار المعمارية الشاهدة على تاريخ المحروسة.
وقالت عبد الفتاح – في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت – إن من أبرز الشخصيات التاريخية التي نشأت في شارع الجمالية الزعيم سعد زغلول ( 1859 – 1927 م ) ، الذي ولد فى قرية إبيانة فى محافظة كفر الشيخ فى الدلتا، وسكن فى صباه ب(حوش عطى) بالجمالية، وهو قائد ثورة 1919 وأحد الزعماء المصريين التاريخيين الذين طالبوا باستقلال مصر، كما شغل منصب رئيس وزراء مصر ومنصب رئيس مجلس الأمة.
وأضافت أن عميد الأدب العربى طه حسين ( 1889 – 1973 م ) سكن كذلك في ربع السلحدار ب(حوش عطى) بالجمالية وهو أديب وناقد مصري، غيرالرواية العربية، ومبدع السيرة الذاتية في كتابه “الأيام” الذي نشر عام 1929 م، وهو يعتبر من أبرز الشخصيات في الحركة العربية الأدبية الحديثة.
وأشارت إلى مقام الشيخ محمد أمين البغدادى (شيخ العارفين) بقبة خانقاة بيبرس الجاشنكير بالجمالية، والذي دخل مصر قادماً من السليمانية عام 1914م، وسماه المصريون البغدادى، وذلك لأن العراق ومدنها كان المصريون يختصرونها فى كلمة ووصف (بغدادى).
وتابعت أنه عندما جاء مصر اتخذ من خانقاه الظاهر بيبرس الجاشنكير مقرا له، وكان يعطى دروسه ويلتقي مريدينه بها، وتوفى عام 1940م ودفن بالمقطم، وعند إنشاء طريق ومحور صلاح سالم أخطرت المحافظة الأهالى بنقل موتاهم من طريق الإنشاء إلى المقابر المخصصة لهم.
وأوضحت انه كان من بينهم قبر الشيخ محمد أمين البغدادى، فخاطب الأهالي الرئيس جمال عبد الناصر حينها والذي قرر أن يدفن الشيخ في المكان الذي كان يلقى فيه دروسه بخانقاة بيبرس الجاشنكير بالجمالية، كما وجه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بأن يخرج الشيخ محمد البغدادى من القصر فى تشريفة عسكرية إلى خانقاه بيبرس الجاشنكير.
وأكدت أن شارع الجمالية شهد مولد الخديو اسماعيل ( 1830 – 1895) حيث ولد بسرايا (المسافر خانة) بدرب المسمط المتفرع من شارع الجمالية وهو خامس حكام مصر من الأسرة العلوية، وذلك من 18 يناير 1863م إلى أن خلعته إنجلترا عن العرش فى 26 يونيو 1879 وخلال حكمه أعطى مصر دفعة قوية للتحديث.
وقالت إن الموسيقار الشيخ زكريا أحمد نشأ كذلك بدرب المسمط بحى الجمالية، وهو أحد عمالقة الموسيقى العربية، ولد سنة 1896، لأب حافظ للقران و أم من أصل تركى وهاوى لسماع التواشيح مما أكسب زكريا الحس الموسيقى، ودخل الكتاب ثم درس بالأزهر، وذاع صيته بين زملائه كقارئ ومنشد صاحب صوت حسن.
وأضافت أنه في عام 1919 بدأ زكريا رحلته كملحن بعد أن اكتملت لديه معرفة الموسيقى وتفاصيلها، حيث قدمه الشيخ على محمود والشيخ الحريرى لإحدى شركات الاسطوانات، وفي عام 1924 م، بدأ التلحين للمسرح الغنائي، ولحن لمعظم الفرق الشهيرة مثل فرق علي الكسار ونجيب الريحانى وزكي عكاشة ومنيرة المهدية وغيرها.
وتابعت أنه في عام 1931 بدأ التلحين لكوكب الشرق أم كلثوم، والكثير من أغانى أفلامها، كما لحن لها في الأربعينيات عددا من الأغانى الكلاسيكية الطويلة التي صارت علامات فارقة في تاريخها.
وكشفت عن نشأة الفنان و الممثل القدير عبد الوارث عسر ( 1894 – 1982) رائد فن التمثيل فى النصف الأول من القرن الـ20، بدرب الطبلاوى بالجمالية، وكان والده محاميا ناجحا، وتعلم تجويد القرآن في الكتاب منذ الصغر، وأتقن فن الإلقاء بعد ذلك وعلمه لكثير من النجوم في السينما المصرية، وكتب كتابا بعنوان “فن الإلقاء” لا يزال حتى اليوم من أهم كتب تعليم التمثيل.
وأكدت الأثرية نادية عبد الفتاح أن شارع الجمالية شهد مولد الاقتصادى الشهير طلعت حرب الذي ولد في 25 نوفمبر 1867 بمنطقة قصر الشوق في حي الجمالية وفي رحاب مسجد الحسين، وكان والده موظفاً بمصلحة السكك الحديدية الحكومية، وينتمي إلى عائلة حرب بناحية ميت أبو علي من قرى منيا القمح بمحافظة الشرقية.
وأوضحت ان طلعت حرب يعد من أعلام الاقتصاد في العصر الحديث في مصر فقام بتأسيس بنك مصر والذي ساهم في إنشاء العديد من الشركات التي تحمل اسم مصر مثل (شركة مصر للغزل والنسيج ومصر للطيران ومصر للتأمين ومصر للسياحة واستديو مصر وغيرها) .
وأشارت إلى أن الأديب العالمى المصرى نجيب محفوظ نشأ و تعلم فى فترة طفولته بمدرسة بين القصرين الابتدائية بسبيل و كتاب أحمد باشا رفعت بشارع المشهد الحسينى فى مواجهة الباب الغربى لمسجد الحسين بحى الجمالية.
وأوضحت أن نجيب محفوظ هو أول أديب عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب و كتب نجيب محفوظ منذ الثلاثينات، واستمر حتى 2004، وتدور أحداث جميع رواياته في مصر، وتظهر فيها سمة متكررة هي الحارة التي تعادل العالم، ويعد محفوظ أكثر أديب عربي نقلت أعماله إلى السينما والتلفزيون.
وكشفت عن وجه شارع الجمالية التراثى غير المادية
، فكل عام وتحديدا فى أول خميس بعد الاحتفال بمولد سيدنا الحسين، تقام الاحتفالات بمولد “سيدى المرزوقى” الذى يقع مسجده “المرزوقى الأحمدى” من العصر العثمانى بشارع الجمالية على ناصية شارع قصر الشوق، والذى ينسب إليه أنه كان أول خليفة للسيد أحمد البدوي.
موضوعات متعلقة:
باحثة أثرية لـ «أوان مصر» صناعة الفخار أمهر وأقدم حرفة في التاريخ «فيديو»