كتب – محمود الديري
قالت الباحثة الآثرية الدكتورة نجوى إبراهيم ، في تصريحات خاصة لـ «آوان مصر» أن أهمية مقتنيات توت عنخ آمون التي وصلت مصر منذ أيام ، تٌعد من أبرز وأهم ممتلكات الدولة المصرية من الحضارة الفرعونية القديمة.
وفيما يخص مقتنيات الفرعون الصغير «توت عنخ آمون» أفادت الباحثة الآثرية ، أنه على سبيل المثال مقتنيات توت عنخ آمون لم تكن أمرًا بسيطًا ، وإن أردنا أن نتحدث عن الأمر نجد أنه شيئ صعب للغاية، من ناحية أن توت عنخ آمون كان صغيرًا جدًا وأنه كان الأول على مر التاريخ الذي يحكم مصر في هذا السن ويملك كل تلك المقتنيات.
توت عنخ آمون
وأشارت «إبراهيم» إنه من الصعب جدًا وصول ملك لمصر في هذه الحقبة الزمنية إلى كل تلك المقتنيات التي وجدوها بـ مقبرة واحدة للملك الصغير «توت عنخ آمون»، وأن قدماء المصريين من الملوك والحكام كانوا يظلون سنوات عدة لجمع تلك المقتنيات أو الحصول عليها.
وتابعت «الباحثة الآثرية»: مقتنيات توت عنخ آمون وجدت بالكامل داخل مقبرة واحدة، في أكتشاف من أهم الإكتشافات الأثرية على مر التاريخ، وهذا أن دل يدل على عظمة الملك، وبلاغة الإكتشاف.
الفرعون الصغير
وأشارت «نجوى إبراهيم» إلى أن مقتنيات توت عنخ آمون تعددت الآراء حولها فعلى سبيل المثال «قال باحثون»: أن تلك المقتنيات وضعها الوصي عليه مشيرة إلى أن القائم بالوصاية قد قتل الفرعون الصغير ، وأعد تلك المقتنيات بالكامل كـ نوع من التبرع ليخبئ جريمته بقتل توت عنخ آمون، فقام بجمع تلك المقتنيات ووضعها بـ غرفة الدفن الخاصة بالفرعون الصغير.
أما عن أهمية القطع الأثرية:
يشير الكرسي إلى رمز الإلاهة إيزيس ، وهي زوجة الملك إيزيس ، والعلامة الموجوة على المقعد تدل على أن الملك كان يقوم بتوحيد القطرين وهما «الشمال والجنوب».
أما عن شكل أرجل المقعد التي على شكل أسد أفادت الدراسات أنها توضح بإن جلوس الملك على هذا القعد تحديدًا بإنه سيولد جديدًا للعالم مرة أخرى.
وأضافت «إبراهيم» خلال تصريحاتها الخاصة لـ أوان مصر أن اعتقاد المصري القديم أن الإنسان لكي يبعث مرة أخرى في العالم الأخر فلا بد من تخليد أسمه، وذلك من خلال تصنيع تماثيل يقينًا منهم أن الجسد عندما يتحلل، تتعرف الروح على أشباهه من التماثيل فتتجسد بها مرة أخرى.
وقالت «نجوى أبراهيم» أن الحكام كانوا يحرصون أن يصنعوا دائمًا تماثيل عديدة تحمل أسمائهم، وكانوا يشبهوا أنفسهم في تماثيلهم في وضع يسمى «الأوزيلي» وهو يرتدي عباءة ويداه مكتفتاه على صدره، لإعتقادهم بإنهم يتشبهون بالإله أوزيل، فعندما تذهب إليهم أرواحهم يتعرف عليهم ، من ثم يكون في رعاية الملك ذاته وبعد الموت يكون في رعايته.
أما عن كرسي العرش فقد أوضحت «الباحثة الأثرية» ، قد يبدوا لنا جميعًا ، أنه شيئ عادي مجرد كرسي، ولكن أن تمعننا تلك التفاصيل التي تتواجد على الكرسي لوجدنا أنه كنز كبير وليس كما يبدوا لنا بتلك البساطة.
وقالت ان توت عنخ أمون لم يفعل أي شيئ من تلك الأشياء، وتوفى يبلغ من العمر 18 عامًا ، والقدماء المصريين كانوا عندما يتولون الحكم يبدئون منذ جلوسهم على كرسي العرش، تجهيز مقبرهم ومقتناياتهم، وكان في هذا الوقت صراعًا قائمًا بين توت عنخ أمون وبين نظيره، وأنه قد دبر له قتله ، ولكي يخبئ تلك الجريمة قام نظيره بـ تجهيز مقبرة لـ توت عنخ أمون.
وأردفت إبراهيم: أن مقبرة توت عنخ أمون وجدت بالصدفة وما يدعوا للدهشة أن مقبرة الفرعون الصغير وجدت كاملة ، وبداخلها كافة المقتنيات دون علم أحد بها، مضيفة إلى أن رغم صغره إلا أنه وجدت في مقبرته مالم يوجد في مقبرة رمسيس عند أكتشافها.
وعن حياة الفرعون الصغير:
يرجع لـ عصر فراعنة الأسرة المصرية الثامنة عشر في تاريخ مصر القديم ، وكان فرعون مصر في 1334م الدولة الحديثة ، وكان عمره وقتها تسع سنوات، ويعنى اسمه باللغة المصرية القديمة “الصورة الحية للإله أمون”، كبير الآلهة المصرية القديمة.
عاش توت عنخ آمون في فترة انتقالية في تاريخ مصر القديمة حيث أتى بعد أخناتون الذي حاول توحيد آلهة مصر القديمة في شكل الإله الواحد، وتم في عهده العودة إلى عبادة آلهة مصر القديمة المتعددة.
ويُعد الفرعون الذهبي من أشهر الفراعنة، لأسباب لا تتعلق بانجازات حققها أو حروب انتصر فيها، وإنما لأسباب أخرى من أبرزها اكتشاف مقبرته وكنوزه بالكامل دون أي تلف، إضافة إلى اللغز الذي أحاط بظروف وفاته في سن مبكرة جداً الأمر الذي اعتبره الكثير أمراً غير طبيعياً، خاصة مع وجود آثار لكسور في عظمي الفخذ والجمجمة وزواج وزيره من أرملته وتنصيب نفسه فرعوناً.
ويعتقد معظم خبراء علم الآثار أن توت عنخ أمون كان إما أبن أمنحوتب الرابع المشهور باسم “أخناتون” أو أمنحوتب الثالث، ويعتقد أن فترة حكمه تراوحت من 8 ـ 10 سنوات، وتظهر المومياء الخاص به انه كان شاباً دون العشرين من العمر، وقد تم الاستنتاج مؤخراً باستعمال وسائل حديثة انه كان على الأرجح في التاسعة عشر من عمره عند وفاته.
أثناء حكم توت عنخ أمون بدأت ثورة من تل العمارنة ضد حركة الفرعون السابق له “أخناتون” الذي نقل العاصمة من طيبة إلي عاصمته الجديدة “أخت أتون” بالمنيا، وحاول توحيد آلهة مصر القديمة المتعددة بما فيها الإله أمون في شكل الإله الواحد آتون. وفي سنة 1331 ق.م. أي في السنة الثالثة لحكم توت عنخ أمون الذي كان عمره 11 سنة وبتأثير من الوزير “خپر خپرو رع آي” رُفع الحظر المفروض على عبادة الآلهة المتعددة ورجعت العاصمة إلى طيبة.
أسباب وفاته
لفترة طويلة كان سبب وفاة توت عنخ أمون مسألة مثيرة للجدل وكانت هناك الكثير من نظريات المؤامرة التي كانت ترجح فكرة انه لم يمت وإنما تم قتله في عملية اغتيال.
وفي 8 مارس 2005 ونتيجة لاستخدام التصوير الحاسوبي الشريحي الثلاثي الأبعاد three-dimensional CT scans على مومياء توت عنخ أمون صرح عالم الآثار المصري زاهي حواس انه لا توجد أية أدلة على أن الفرعون الذهبي قد تعرض إلى عملية اغتيال، وأضاف أن الفتحة الموجودة في جمجمته لا تعود لسبب تلقيه ضربة على الرأس كما كان يعتقد في السابق، وإنما تم إحداثها بعد الموت لغرض التحنيط، وعلل د. حواس الكسر في عظم الفخذ الأيسر الذي طالما تم ربطه بنظرية الاغتيال بأنه نتيجة كسر في عظم الفخذ تعرض له توت عنخ أمون قبل موته وربما يكون الالتهاب الناتج من هذا الكسر قد تسبب في وفاته.
كان التقرير النهائي لفريق علماء الآثار المصري أن سبب الوفاة هو تسمم الدم نتيجة الكسر في عظم الفخذ الذي تعرض له توت عنخ أمون والذي أدى إلى الگانگرين Gangrene، وهو عبارة موت الخلايا والأنسجة وتحللها نتيجة إفراز إنزيمات من العضلات الميتة بسبب عدم وصول الأكسجين إليها عن طريق الدم.
وصول مقتنيات توت عنخ آمون لـ مصر
وكانت قد وصلت إلى أرض الوطن 166 قطعة أثرية الخاصة بمعرض الملك توت عنخ آمون بعد عودته من محطته الثالثة بالعاصمة البريطانية لندن والذي أُقيم تحت عنوان “توت عنخ آمون.. كنوز الفرعون الذهبى” ، وذلك بعد جولته الخارجية التي بدأت عام 2018، زار خلالها مدينة لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة الفرنسية باريس و البريطانية لندن.
وقد حقق هذا المعرض نجاحاً باهرًا فى هذه الدول ولا سيما في فرنسا التي حطم فيها الرقم القياسي في تاريخ تنظيم المعارض الثقافية بها حيث زاره أكثر من مليون و400 ألف زائر خلال6 أشهر فى عام 2019.
اقرأ أيضًا:
باحثة أثرية لـ أوان مصر “صناعة الفخار» من أمهر وأقدم الحرف على مر التاريخ .. فيديو