14 فبراير موعد معروف عند جميع الفئات العمرية، فهذا اليوم مخصص للحب، حيث يحتفل العالم بهذا العيد في كل عام، رغم أن الحب لا يحتاج للتقيد بتاريخ ما للاحتفال فإن العالم تعارف على 14 فبراير الذي يرجع أصله لروايات تاريخية مختلفة، لعل أشهرها دينية على غرار رواية القديس الإيطالي سان فالنتين الذي أعدم في هذا التاريخ بسبب عقده زواجات سرا.
لكن المصريين جعلوا هذا العيد عيدين، فالمصريون يحتفلون بهذا العيد مرتين، الأولى في الرابع من نوفمبر، والثانية في 14 فبراير. بحسب تساؤل طرحته فرانس24.
وفي هذا السياق تقول الدكتورة سهير لطفي الرئيسة السابقة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن الشعب المصري بتكوينه الثقافي والتراثي، هو شعب عاطفي دائم البحث عن سبل للاحتفال بالحب بجميع مظاهره، فليس من الغريب أبدا أن يحتفل سنويا بعيد الحب مرتين.
وذكرت لطفي، إن مصر تحتفل بعيد المرأة في تاريخين مختلفين: يوم المرأة العالمي في الثامن من مارس ويوم المرأة المصرية في السادس عشر من الشهر نفسه”.
عيد الحب المصري
وتشير العديد من المصادر، بشأن اختيار المصريين لتاريخ الرابع من نوفمبر ، إلى رواية الكاتب والصحافي مصطفى أمين (1914-1997). فقد ذكر موقع صحيفة الأهرام المصرية، أن السبب يعود إلى مقال لمصطفى أمين نشر في العام 1974 ويتناول قصة واقعية عاش أطوارها.
ويقول المدير التنفيذي في مكتب دراسات الشرق الأوسط بباريس، أحمد يوسف، إن المعلومات حول اختيار هذا التاريخ بعينه متضاربة، لكن لا شك أن مصطفى أمين هو من اختار التاريخ، وهو غالبا ما يختار تواريخ مرتبطة بحياته الشخصية مثل اختياره لتاريخ عيد الأم المصري، الذي أعتقد أنه تاريخ وفاة والدته”.
وتعود سهير لطفي لتقول “لا أذكر تحديدا الأسباب وراء اختيار هذا التاريخ، ولكني أعتقد أن مصطفى أمين، هو وراءها، بحكم بصماته المتروكة دائما في أعياد المصريين، ومنها عيد الأم، ومن هنا أبلغ تحياتي للكاتب” الراحل.
وتعود مسألة تخصيص المصريين ليوم 4 نوفمبر للاحتفال بعيد الحب إلى فقرة بعنوان “فكرة” نشرها مصطفى أمين في العام 1974 في جريدة “أخبار اليوم” التي أنشأها هو وأخوه علي أمين.
و”فكرة” أمين هي أن يكون يوم الرابع من نوفمبر من كل عام هو يوم للاحتفال بعيد الحب في مصر ولكن الحب بمعناه الواسع الشامل بدءا من حب الله والأسرة والجيران والأصدقاء والناس جميعا، فكتب: “نريد أن نحتفل لأول مرة يوم السبت 4 نوفمبر بعيد الحب، حب الله وحب الوطن وحب الأسرة وحب الجيران وحب الأصدقاء وحب الناس جميعا (…) هذا الحب سوف يعيد إلينا كل فضائلنا ويبعث كل قيمنا، يوم كانت النخوة طابعنا والمروءة ميزتنا والشهامة صفتنا”.
سر الجنازة
وتؤكد ابنته صفية مصطفى أمين في حوار نشرته صحيفة “أخبار اليوم” العام 2017 أن هذه “الفكرة” مستلهمة من قصة نشر والدها تفاصيلها في مقال بنفس العدد من “أخبار اليوم” العام 1974 حيث روى الكاتب أنه شاهد، في هذا التاريخ أي الرابع من نوفمبر ، جنازة في حي السيدة زينب بوسط القاهرة، فتعجب من وجود ثلاثة رجال فقط يسيرون في الجنازة، إذ من المعروف عن المصريين أنهم يشاركون عادة في الجنازات بأعداد وفيرة حتى ولو كان الميت لا يعرفه أحد.
فاختار أمين “فكرة” هذا التاريخ واقترح أن يكون عيدا للحب بهدف نشر السلام والمودة بين أفراد المجتمع، وليكون أيضا نافذة أمل للجميع للتخلص من همومهم.
وتعليقا على احتفال المصريين بتاريخين مختلفين لعيد الحب، يذكر الكاتب أحمد يوسف أن “المصريين يحتفلون بالتاريخين ويفرقون بين العيدين”.
ويوضح أن “أحدهما لعيد الفالنتاين وهو احتفال مقتصر على العشاق والآخر عيد الحب المصري وهو احتفال للحب بين العائلة وزملاء العمل”. وتتوافق النقطة الأخيرة مع “الفكرة” الواسعة للحب التي نشرها مصطفى أمين والتي تشمل العائلة والأصدقاء.
وأضاف الكاتب أنه “في السنوات الخمس الأخيرة، تحول عيد الفالنتاين إلى احتفال بنكهة غربية مقتصر على الطبقات الثرية من المجتمع التي تحتفل به في الفنادق الفخمة والحفلات الصاخبة وخلافه”.
أما سهير لطفي فتشير إلى أنه على الرغم من تبني “الفكرة” وانتشارها إلا أن «مظاهر الاحتفال بعيد الحب في مصر في فبراير أقوى من نظيرتها بشهر نوفمبر وذلك يرجع لدور الإعلام، فهو الذي يكوّن الرأي العام المصري”.