كانت السياحة الروسية قد توقفت عن شواطئنا، منذ حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء في أكتوبر ٢٠١٥، وقد ماطلت موسكو في عودة سياحتها منذ ذلك التاريخ، وقد وصلت المماطلة إلى حد أن كثيرين من أصحاب الفنادق في منتجعاتنا فقدوا الأمل في عودة الروس، وبدأوا بالفعل في البحث عن أسواق سياحية بديلة!.
حين تماطل روسيا ست سنوات كاملة، ثم تقرر عودة سياحتها في يوم ٨ يوليو الجاري بالذات.. أي في اليوم نفسه الذي كان فيه العالم يتابع جلسة مجلس الأمن حول سد النهضة والذي أكدت فيه روسيا ومعها الصين دعمهما لأثيوبيا فى استكمال بناء السد والملء.. فلابد أن يكون التوقيت مقصودًا، ولابد أن يكون القصد من وراء هذا التوقيت هو تحقيق هدف محدد!.
إن بوتين يفهم جيدًا أنه مدين لمصر بالكثير، حين اسندت القاهرة لبلاده استثمارات ملف الضبعة النووى على سبيل المثال.. فهل تخيل ساعة إصدار قرار عودة سياحته أن هذه بتلك، وأن السياحة من جانبه في مقابل الضبعة من جانبنا، وينتهى الأمر عند هذا الحد؟!
هل تصور بوتين أن في إمكانه أن يكسب الإثيوبيين بموقفه في المجلس، وأن في مقدوره أن يكسب المصريين بقرار السياحة، وأن يكون هكذا قد فاز بالطرفين؟!
ما لم يعرفه بوتين أن النيل لدى المصريين لا يعادله شىء، وأن كل شىء يتأخر عند الضرورة ليتقدم النهر الخالد، وأن قرار عودة السياحة إذا كان قرارًا جيدًا في حدوده، فالموقف الروسى في مجلس الأمن يمحو في طريقه كل شىء روسى جيد معنا!.
لم نكن ننتظر من روسيا إعلان الحرب على إثيوبيا، ولا كنا نريد منها قطع علاقاتها معها أو حتى مقاطعتها.. ولا شىء من هذا كله.. ولكن كنا نتتظر منها الموضوعية والإنصاف، فإذا به تخذلنا وكأنها لا تعرفنا ولا نعرفها!.
الخلاصة:
حين أحست مصر بالخطر على حدودها الغربية كانت لغة الردع والتهديد باستخدام القوة هى فصل الخطاب فى تثبيت حقوقنا مع باقى اللاعبين فى الملف الليبى. نفس الأمر تكرر بصيغة أخرى فيما يتعلق بتأمين حدودنا البحرية الشمالية وحقول الغاز والعلاقة مع تركيا.. وغيرها من الدول.
وسيكون اللجوء لنفس السيناريو هو الحل فى أزمة سد النهضة، سواء وافقت روسيا أو رفضت، سواء أيدت أو اعترضت، سواء تدخلت أوغضت الطرف، مصر مستعدة وتستعد بكافة الخيارات والسيناريوهات ومهما كانت المآلات.