وجه المستشار بهاء الدين المري، والذي صدر الحكم برئاسته في جلسة معاقبة المتهم محمد عادل في قضية مقتل الطالبة نيرة أشرف ، طالبة جامعة المنصورة ، والتي جرت محاكمته كأسرع قضية في مصر ، في غضون أسبوع ، عدة كلمات للمتهم ، قبل النطق بالحكم عليه بإحالة أوراقه لمفتي الجمهورية جاءت كالتالي:
اعدام قاتل نيرة أشرف
قبلُ النطقِ بما انتهتْ إليهِ المداولةُ، تقدمُ المحكمةِ بكلمةٍ إلى المجتمعِ، تراها في هذا المقامِ واجبةً”.
وأضاف المستشار بهاء الدين المري : “دنيا مقبلةٍ بزخارفها، وإنسان متكالبٍ على مفاتنها. ماديةً سيطرتْ، فاستلبتْ العقولَ وصارَ الإنسانُ آلةً، يقينٌ غابَ، وباطلٌ بالزيفِ يحيا، وتفاهاتُ بالجهرِ تتواترُ، وبيت غابَ لسببٍ أوْ لآخرٍ، والمؤنساتُ الغاليات صرنَ في نظرِ الموتورينَ سلعةً، والقواريرُ فواخير، ونفس تدثرتْ برداءِ حبٍ زائفٍ مكذوبٍ. تأثرتْ بثقافةِ عصرٍ اختلطتْ فيهِ المفاهيمُ. الرغبةُ صارتْ حباً، والقتلُ لأجلهِ انتصاراً، والانتقامُ شجاعةً، والجرأةُ على قيمِ المجتمعِ وفحشِ القولِ والعلاقاتِ المحرمةِ، تسمى حريةٌ مكفولةٌ”.
قضية نيرة أشرف
وتابع المستشار بهاء الدين المري: “منْ هذا الرحمِ ولدَ جنينا مشوهاً، وقودُ الأمةِ صارَ حطبها. باتَ النشءُ ضحيةً قدوةً مشوهةً، وثقافاتٌ، مسموعةً ومرئيةً ومقروءةً، هذا هوَ حالها. ومنْ فرطِ شيوعهِ، واعتبارهُ منْ قبلُ كثيرينَ كشفاً لواقعٍ، زينْ لهمْ فرأوهُ حسناً، فكانَ جرمُ اليومِ لهُ نتاجاً. أفتذهبْ نفسنا عليهمْ حسراتٌ؟ إنَ هذا الخللِ، إنَ لمْ نأخذْ على أيدي الموتورينَ ومروجيهِ؛ استفحلَ ضررهُ، وعزَ اتقاءَ شرهٍ، واتسعَ الرتقُ على الراتقْ”.
كلمة مستشار جنايات المنصورة في واقعة نيرة أشرف
ومضى المستشار بهاء الدين المري قائلاً: “ولكلِ ما تقدمَ، تطلقَ المحكمةُ صيحةً، يا كلّ فئاتِ المجتمعِ لا بد منْ وقفةٍ. يا كلّ منْ يقدرُ على فعلِ شيءٍ هلموا. اعقدوا محكمةَ صلحِ كبرى بينَ قوى الإنسانِ المتابينة، لننميَ فيهِ أجملُ ما فيهِ. أعيدوا النشءُ الملتوي إلى حظيرةِ الإنسانيةِ. علموهمْ أنَ الحبَ قرينَ السلامِ، قرينُ السكينةِ والأمانِ، لا يجتمعُ أبداً بالقتلِ وسفكِ الدماءِ. أنَ الحبَ ريحَ منْ الجنةِ، وليسَ وهجاً منْ الجحيمِ. لا تشوهوا القدوةُ في معناها فتنحلّ الأخلاقُ. عظموها تنهضُ الأمةُ. هكذا يكونُ التناولُ، بالتربيةِ، بالموعظةِ الحسنةِ، بالثقافةِ، بالفنونِ، بمنهجِ تكونِ الوسطيةِ وسيلتهُ، والتسامحُ صفتهُ، والرشدُ غايتهُ”.
ووجه القاضي في قضية الطالبة نيرة حديثه إلى أولياء الأمور قائلاً: “إلى الآباءِ والأمهاتِ نقول: لا تضيعوا منْ تعولونَ. صاحبوهمْ، ناقشوهمْ، غوصوا في تفكيرهمْ، لا تتركوهمْ لأوهامهمْ، اغرسوا فيهمْ القيمُ”.
وفي كلمته للمتهم محمد عادل قائلًا : “وإلى القاتلِ نقولُ: جئتُ بفعلٍ خسيسٍ هزَ أرضاً طيبةً أسرتْ لويسْ. أهرقتْ دماً طاهراً بطعناتِ غدرٍ جريئةٍ، ذبحتْ الإنسانيةُ كلها، يومٌ أنَ ذبحتْ ضحيةً بريئةً، إنَ مثلكَ كمثلِ نبتَ سامٌ في أرضِ طيبةَ. كلما عاجلهُ القطعَ قبلَ أنْ يمتدَ، كانَ خيراً للناسِ وللأرضِ التي نبتَ فيها”.
الحكم على قاتل نيرة أشرف
وفي ختام كلمته قال القاضي: “نعودُ إلى الدعوى:
بعدٌ مطالعةِ الأوراقِ، وسماعَ المرافعةِ الشفويةِ والمداولةِ، فقدْ اطمأنَ وجدانُ المحكمةِ تمامَ الاطمئنانِ، وبالإجماعِ، إلى أعمالِ نصِ الفقرةِ الثانيةِ منْ المادةِ 381 منْ قانونِ الإجراءاتِ الجنائيةِ. لذلكَ: قررتْ المحكمةُ، إرسالُ أوراقِ القضيةِ إلى فضيلةِ مفتي الجمهوريةِ، لأخذِ الرأيِ في إنزالِ عقوبةِ الإعدامِ بالمتهمِ، وحددتْ للنطقِ بالحكمِ جلسةَ يومِ الأربعاءِ الموافقِ السادسِ منْ شهرِ يوليو 2022”..