كتبت- ياسمين أحمد
كان الطب الأوروبي في القرون الوسطى منبثقا عن الممارسات الوثنية والشعبية، المتشبعة بالخرافات والدجل والإيمان بالقوى الخارقة، لطرد الأرواح الشريرة الذي طغى على المسيحية الوسيطة، فتم تكريس أساليب طب بدائية متخلفة، بعيدة تماما عن الممارسات الطبية.
كان الناس في أوروبا يقصدون الساحرات للتداوي بالأعشاب السامة والتعاويذ السحرية، بعد أن منع القساوسة والكهان بأمر من الكنيسة الكاثوليكية ممارسة الطب، واعتبروا طلب الاستشفاء من عمل الشيطان، ومخالفة لمشيئة الإله معتقدين أن التكفير عن ذنوبهم والتوبة في الأماكن المقدسة يساعدان في العلاج، وكانوا يعتبرون المرض درجته ونوعه دلالة على حجم الخطايا التي اقترفها المصاب.
حاربوا العلوم الطبيعية والتجريبية التي لا تتماشى مع تصورات الكنيسة ولا تخدم النظام الإقطاعي والاستبداد السياسي لملوكهم، عجزت الأديرة التي اتخذوها أماكن للعلاج عن مواجهة الأمراض والأوبئة التي حلت بأوروبا، ومع انعدام النظافة الشخصية واتباع أساليب علاجية قاتلة مثل النزيف والضرب حتى الموت، ليصبح شفاء المريض ضربة حظ لا غير، ولم تعرف أوروبا الطب وأصوله وإنشاء المستشفيات إلا بعدما انتقلت إليها معارف المسلمين عبر الأندلس، واكتشافهم العالم الإسلامي وعاداته ومؤسساته وعلومه عبر الحروب الصليبية.