كتبت:شيذان عامر
أعلنت الصومال عن التوصل لاتفاق بين الحكومة الفيدرالية ورؤساء المحافظات بشأن الإعداد لعقد انتخابات رئاسية وبرلمانية في البلاد.
جاء هذا الاتفاق في ختام الاجتماع التشاوري الذي عقد في العاصمة مقديشو بين قادة الدولة الفيدرالية برئاسة الرئيس محمد عبد الله فرماجو ورؤساء 5 محافظات.
وتضمّن الاتفاق تعيين لجنة انتخابية على المستوي الفيدرالي بالتعاون مع لجنة انتخابية لكل إقليم .
كما نص الاتفاق على أن تتولى مسؤولية الأمن في الانتخابات المقبلة الحكومة الفيدرالية وحكومات المحافظات والتعهّد بصيانة حرية التعبير بموجب الدستور المؤقت للبلاد وقانون الصحافة، وإعطاء وسائل الإعلام الفرصة لتقديم التقارير بحرية في مراكز الاقتراع وتجنب كل ما قد يعيق ممارسة المسؤولية الانتخابية.
حلقات مفرغة:
ومع هذا فإن سريان العملية الانتخابية يحمل الكثير من السيناريوهات المحتملة، التي قد تجعل الدولة التي تعاني من ويلات الإرهاب تدور في حلقة مفرغة قد لا تتمكن من إرضاء كافة الأطياف السياسية، ولاسيما المخاوف من عدم إجرائها في موعدها رغم وجود قانون انتخابي جديد يتوقع أن يؤسس إلى عدالة سياسية في بلد الكلمة الفصل فيه للقبائل.
وهناك قضايا محل خلافات عميقة في مواقف الأقاليم الخمس بالصومال والتي تتضمن كل من
_جوبالاند
_ وجنوب غرب الصومال
_وهيرشبيلي
_وجلمدغ
_بونت لاند
حيث يتركز التباين في الرؤى على ثلاث مسائل أساسية :
تتعلق هذه المسائل بدور اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والدوائر الانتخابية ودور الأحزاب السياسية.
الخلاف:
ويقتصر الخلاف بين الأحزاب السياسية في الأقاليم على كيفية إدارة المشهد برمته، وكذلك لغة التخاطب مع الحكومة الاتحادية من حيث الشدة والمرونة فبعضها يفضل مجاملة الرئيس محمد عبدالله فرماجو والحكومة الاتحادية اتقاء ردود أفعالهما.
توقيع فرماجو:
مهد توقيع فرماجو، قانون الانتخابات الجديد المسمى “صوت واحد لشخص واحد” بعد تمريره في البرلمان، الطريق لتنظيم أول انتخابات برلمانية عبر “الاقتراع الشعبي المباشر” منذ عقود، بدلا من نظام المحاصصة القبلية. ووفق القانون الجديد، فإن أعضاء البرلمان يجري انتخابهم عبر اقتراع شعبي مباشر، في حين ينتخب أعضاء البرلمان رئيس البلاد وفقا للدستور.
وبذلك يطوي نظام المحاصصة القبلية المعمول به حاليا، والقائم على توزيع مقاعد البرلمان على القبائل بنظام الكوتة وتختار كل قبيلة من يمثلها، ثم ينتخب البرلمان رئيس البلاد.
ورغم تمرير القانون وإقراره، وتصريحات المسؤولين الحكوميين بين الحين والآخر حول الإصرار على تطبيقه في السباق المرتقب، لكن المعطيات على الأرض، وفق مراقبين، تثير العديد من الشكوك والتساؤلات حول إمكانية التطبيق بالفعل.
ولكن حتى الآن لم يتم الشروع في إجراء تعداد سكاني ولا تسجيل للناخبين، ولا تقسيم للدوائر، كما أن الوضع الأمني غير مستقر حيث لا يزال البلد يئن تحت هجمات حركة الشباب المتطرفة.
السيناريوهات المطروحة:
وتلك الشكوك والتساؤلات، يصاحبها طرح سيناريوهات لسباق الانتخابات
_ الأول يتمحور حول القدرة على إجرائها في موعدها وفق القانون الجديد مع الشروع في الإعداد لها خلال الفترة المقبلة.
_ أما الثاني فهو التمديد للسلطة الحالية التشريعية والتنفيذية لمدة عامين أو أكثر لحين الإعداد، والاثنان ترفضهما وتخشاهما المعارضة.
_ويتعلق السيناريو الثالث بإجراء الانتخابات وفق نظام المحاصصة القبلية المعمول به منذ سنوات وقبل إقرار القانون الجديد، وهو مقترح مرفوض من الحكومة الاتحادية وكذلك من المجتمع الدولي، وأيضا من طيف واسع من المراقبين الصوماليين الذين يرونه لا يحقق العدالة كما أنه يهمش قبائل لصالح أخرى.
ويؤكد برلمانيون أن الحكومة تسعى إلى عقد انتخابات شعبية عبر الاقتراع المباشر بحيث لا يتم إقصاء أحد فيها وموقفها هذا قانوني ويتسق مع مسار قانون الانتخابات الذي صادق عليه الرئيس والبرلمان بمجلسيه (الشعب والشيوخ)، حيث أنه من غير القانوني تنظيم انتخابات غير مباشرة عبر المحاصصة القبلية، في ظل تمسك الحكومة ولجنة الانتخابات المستقلة بإجراء السباق عبر الاقتراع المباشر وفق القانون الجديد.
وهذا الأمر يقطع مع الرأي السائد بأن هناك محاصصة حزبية هذه المرة، فقد كانت الحكومة السابقة مجبرة على إجراء انتخابات غير مباشرة لغياب قانون انتخابات متفق عليه يحدد آلية الانتخابات في البلاد، عكس الحكومة الحالية التي أمامها قانون انتخابات يحدد مسار ونوعية الانتخابات المزمعة.
تخوفات المعارضة من أين تأتي؟:
التأكيدعلى سريان الانتخابات عبر الاقتراع المباشر لم يهدء من مخاوف أحزاب المعارضة من سعي الحكومة إلى التمديد لفترة ولاية ثانية،حيث ظلت المعارضة ترفضها بشدة نظرا لعدم توفر الوقت الكافي للإعداد، وعدم وجود الوضع الأمني المناسب لذلك، وفق تصريحات سابقة لقيادات بالمعارضة.
والصورة الأولية للمشهد السياسي في الصومال تظهر بوضوح مع رؤساء الولايات الإقليمية الثلاث جلمدغ وجنوب غرب الصومال وهيرشبيلي الذين لا يمانعون المشاركة في مؤتمر جديد يعقد في مقديشو للبحث من جديد في مصير الانتخابات ولا يهمهم سوى من يدخل في البرلمان المقبل لضمان استمرار حكمهم في المرحلة ما بعد الانتخابات.
ويعد موقف ولاية جنوب غرب الصومال تجاه هذه النقاط المذكورة سابقا من أكثر مواقف الولايات الإقليمية ليونة ومرونة، وأن رؤيتها أقرب إلى رؤية الحكومة الاتحادية، خصوصا في ما يتعلق بدور اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وأنها لا تمانع أن تتولى إدارة العملية الانتخابية لكنها ترفض، رغم توقيعها على اتفاقية طوسمريب 3، قطعيا أن تتعدد الدوائر الانتخابية وتدعو لإجراء انتخابات في دائرة واحدة.
وكذلك لا تفضل أن تجرى الانتخابات على أساس الأحزاب السياسية.
أما على النقيض من ذلك فترفض ولايتا بونت لاند وجوبالاند سياسات الحكومة الاتحادية تجاه الانتخابات، خاصة في ما يتعلق بدور اللجنة المستقلة للانتخابات والأحزاب السياسية.
معللين بتبريرات، قد لا تكون مقنعة، فهم يصرون على أن يكون النموذج الانتخابي شبيها لنموذج انتخابات عام 2016 وأن ينحصر التغيير فقط في عدد المندوبين القبليين الذين ينتخبون أعضاء البرلمان.
والموقف المتشدد لهذه الولاية مبني على عدة نقاط جوهرية تتمثل في:
تعزيز مكانتها وموقعها في المشهد السياسي الصومالي وإظهار نفسها طرفا قويا وقادرا على توجيه المشهد السياسي ورقما صعبا لا يمكن الاستهانة به في أي حال من الأحوال
وتحقيق قدر كبير من مصالحها لدى الحكومة الاتحادية ولاسيما في ما يتعلق بالدعم المالي، وعلاقاتها مع الخارج.
أما السبب الثالث رفضها تحقيق أي إنجاز للرئيس فرماجو الذي بات بأمسّ الحاجة إلى الانتصار في ما يخص تعزيز الديمقراطية وهو يراهن على وضع نظام جديد للانتخابات يعزز حظوظه في إعادة انتخابه لولاية ثانية.
وبينما لا ترغب ولاية هيرشبيلي بإثارة غضب الحكومة الاتحادية في هذا المسار، تتسم مواقف ولاية جلمدغ بالغموض لأن رئيسها أحمد قورقور يريد أن يمسك العصا من الوسط وأنه واثق من نفسه ولا تواجه إدارته أي خطر على الأقل في الوقت الحالي بعد أن شكل حكومة تضم جميع الأطراف السياسية
إقرأ أيضا: