بعدما ينفصل الشريكان بعد مشروع الزواج الفاشل ، أو العلاقة العاطفية المنتكسة ، يبدأ الانتقام والذي لا يقتصر علي الضحية وحدها بل وينال أسرتها ، ويهدد الأمن المجتمعي ككل في جريمة مستحدثة من ثمرات التقنية الرقمية السيئة .
خطورة الجريمة
وهيهات أن تكف منصات الإنترنت المظلمة عن ممارساتها الدنيئة، فقد أبت إلا وأن يكون لها العديد من الضحايا أغلبهم من الفتيات الصغار، عن طرق انتهاك خصوصيتهم وفضحهم علي رؤس الأشهاد ، فإذا كانت الخصوصية الجنسية مصونة بعدة طرائق قانونية بما يتناسب مع أهميتها ، إلا أن الانتقام الإباحي أو الاغتصاب السيبراني كما يسمونه أصبح ظاهرة تدعو للقلق حيث تعد هذه الجريمة من أخطر جرائم التقنيات الرقمية.
آثار الجريمة
أما الذي يثير العجب فإن هذه الجريمة أصبحت تحدث في الصعيد ، كما كانت تحدث جرائم تسميم البهائم في العصر البائد ، أو سرقة البط والأوز ، فترسل الصبية الساذجة صورها للشخص العابس، فيتلاعب هذا الخسيس بصورها ليظهرها بشكل غير لائق ، أو ربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتبارها أو شرفها، فيهددها بالفضيحة ويبتزها فتعجز المسكينة عن تحمل ضغوط هذا المنحط النجس، فتخبر ذويها فيقتلوه.
فيغضب أهله ذوي الكثرة و العزوة فيحرقوا منزل الفتاة ويقتلوا أخويها ثأرا ، وليس ذلك وحسب بل وتضطر الفتاة علي الهرب تاركه ورائها أبا عجوز، وجثتين ساخنتين في صحن الدار المحترق وفضيحة لا تنسي وجرح غائر لا يندمل ، كل ذلك بسبب ما يسمي بالاغتصاب السيبراني بمشاركة الصور الإباحية الخاصة على الإنترنت دون موافقة الشخص صاحب الصورة للانتقام منه ، وهو ما دفع المشرع الجنائي في العديد من الدول للتصدي لهذه الجريمة البشعة لما تحمله من خطورة بالغة ، فنجحت الكثير من الدول مثل فرنسا واستراليا في وضع قوانين تحدّ من هذه الجريمة وتحمي ضحاياها وتعاقب مُرتكبيها .
تصدي المشرع المصري للجريمة
وفي مصر تناول القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات جريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع ، فنص في المادة 25 من هذا القانون على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 شهور وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تتجاوز الـ100 ألف، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى أو انتهك حرمة الحياة الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته أو منح بيانات شخصية إلى موقع إلكترونى لترويج خدمة أو سلعة، أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات أخباراً أو صوراً وما فى حكمها تنتهك خصوصية أى شخص سواء أكانت هذه المعلومات صحيحة أو غير صحيحة ”
كما تنص المادة 26 من ذات القانون علي عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز 5 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تتجاوز 300 ألف علي كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه ”
الدعوة لتغليظ العقاب
وفي الحقيقة فقد أظهر الواقع خطورة هذه الجريمة ، مما يستدعي تجديد الدعوة للمشرع بتغليظ العقاب علي من يرتكب هذه الجريمة ، وخصوصاً إذا ما ترتب عليها انتحار الضحية في حالات استخدام هذه المحتويات فى الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والفضح والانتقام الأباحي و وكذلك الاعتداء علي النظام والآداب العامة وخدش الحياء .