أصدرت دار الإفتاء، منذ قليل، بيانها الأول لحصاد الدار خلال عام 2022، وقالت فيه إنه في إطار دَورها الريادي في الجانب الإفتائي والفقهي، وبيان ما الْتبس على المسلمين من أمور دينهم ودنياهم، وكل ما استجدَّ على ساحة الحياة المعاصرة، شهد عام 2022 جهودًا كبيرة لدار الإفتاء المصرية.
وأضافت أن تلك الجهود برهنت على حِرفية الدار باعتبارها بيت خبرة في مجال صناعة الفتوى، وإبراز تفاصيل العملية الذهنية التي تدور في عقل المفتي، ليصل في نهايتها إلى الحكم الشرعي الصحيح في مسألة مخصوصة أو واقعة معينة.
وتنوَّعت فتاوى الدار ما بين شفوية وهاتفية ومكتوبة وإلكترونية، وردت لمقرها الرئيسي أو الفروع المنتشرة حول الجمهورية، وعبر تطبيق الدار والبث المباشر وصفحات التواصل الاجتماعي في موضوعات مختلفة.
كذلك مثَّل تنوُّع فتاوى الدار خلال العام رصانةَ المنهج الذي أحدث علامة فارقة بين الفتاوى الشرعية المؤصلة والكلام المرسل على عواهنه، إضافة إلى التعمُّق والبُعد عن التعميم والسطحية، والجمع بين الأصالة والتجديد، والتصدي بقوة وحكمة للقضايا المثارة.
وقيامًا بالدَّور المنوط بدار الإفتاء المصرية في نشر الإسلام الوسطي المعتدل، جاءت فتاوى الدار خلال عام 2022 نموذجًا لما تصدره دار الإفتاء المصرية من فتاوى تمثل منهج الدار في الفتوى كما تعبِّر عن اختياراتها الشرعية في كثير من المسائل المطروحة على الساحة الإفتائية.
وصرَّح الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، بأن فتاوى دار الإفتاء خلال عام 2022 مثَّلت حتى شهر ديسمبر الجاري، أكثر من مليون وخمسمائة وثلاثة وستين ألف فتوى (1,563,250)، أجابت عنها إدارات الدار المتنوعة لجمهور المستفتين.
وأوضح أن الأولوية الإفتائية لدار الإفتاء المصرية خلال عام 2022، كانت مرتكزة حول حماية الأسرة وتنميتها وتفكيك فكر التطرف، وقد جاءت بنسبة (63%).
وتابع: “أما بالنسبة لقضايا الأسرة فهي تعدُّ اللبنة لاستقرار المجتمع؛ لذا خرجت الفتاوى المرتبطة بها على جانب كبير من التنوع والشمول لكل القضايا المستجدة التي تهمُّ جميع أفراد الأسرة المصرية، خاصة القضايا المتعلقة بمختلف شئون المرأة بدايةً من فتاوى العبادات”.
وأضاف مفتي الجمهورية، أنَّ عددًا من الفتاوى المرتبطة بالقضايا الاجتماعية المستجدة قد تصدَّت لمجموعة من الظواهر السلبية التي تدقُّ ناقوس الخطر حول ضرورة الاهتمام بتحسين أوضاع المرأة، مثل: العنف الأسري، أو حقوق المرأة العاملة، أو حقوق الزوجة وواجباتها… إلخ.
وأشار إلى أنَّ الدار ركَّزت أيضًا على فتاوى الزواج والطلاق، وإشكاليات كلٍّ منهما التي تواجه جميع أطراف الفتوى، من مفتٍ ومستفتٍ وموقع ناقل للفتوى ووسيط بين المفتي والمستفتي، كناقل فتوى الزواج أو الطلاق للمفتي في البثِّ المباشر للمؤسسة الإفتائية، أو الإعلامي والإذاعي الناقل للفتوى للمفتي عبر برنامج تلفزيوني أو إذاعي.
واستطرد: “هذا فضلًا عن الاهتمام بقضايا الطفل والشباب، والفتاوى الخاصة بالقضايا التكنولوجية، خاصة الألعاب الإلكترونية وتطبيقات الهواتف، ومواجهة بعض الظواهر السلبية الغريبة على المجتمع مثل الابتزاز الإلكتروني، وإساءة استعمال التكنولوجيا الحديثة”.
وفيما يتعلَّق بقضايا التطرف، أشار مفتي الجمهورية إلى أنها جاءت بنسبة (12%) من الفتاوى التي تناولتها الدار خلال العام 2022؛ فكان اهتمام دار الإفتاء مكثفًا في التصدي لمختلف التوجهات المتطرفة سواء المتشددة أو المتساهلة؛ وذلك إيمانًا منها بأنَّ الشباب يواجه تحديين في نفس درجة الخطورة وهما: الدعاة المتطرفون الذين يتحدثون باسم الدين ويشوهون سماحته وينحون بالشباب نحو الهدم وتدمير النفس والمجتمع؛ ومتطرفو اللادينية الذين ينبذون كل القيم الدينية وينفِّرون الشباب من الدين ويعدُّونه نوعًا من الجهل والرجعية. وفي النهاية، فإن كلا الخطابين يوجِّه خطابًا محبطًا ويائسًا ينعكس على الشباب.
وأشار إلى أن باقي نسب الفتاوى توزعت حول قضايا: العبادات بنسبة (9%)، ثم المعاملات المالية بنسبة (7%)، ثم الشئون والعادات بنسبة (3%)، ثم فتاوى المستجدات والنوازل بنسبة (3%)، وأخيرًا فتاوى الآداب والأخلاق بنسبة (2%).
كما أعلنت دار الإفتاء المصرية، في سياق مواكبتها للتطورات التكنولوجية لخدمة المسلمين شرقًا وغربًا، تحت مظلة الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال فعاليات مؤتمرها العالمي السابع “الفتوى وأهداف التنمية المستدامة” الذي عُقد في النصف الثاني من عام 2022، بدءَ التشغيل الكامل لتطبيق Fatwa Pro للناطقين باللغتين الإنجليزية والفرنسية.