في ظل الأزمة الجزائرية المغربية، تسعى أطراف لتهدئة الأوضاع بين البلدين الشقيقين مثل محاولات مصر والسعودية، فيما تعمل أطراف أخرى على صبّ الزيت على النار.
إسرائيل كلمة السر
من جهة، هدد عضو اللجنة المركزية لحزب العمل الإسرائيلي مائير مصري، الجزائر ورئيسها عبدالمجيد تبون؛ في إطار الخلاف بين الأخيرة وجارتها المغرب وانتهى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وكتب مصري، وهو أستاذ للعلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، على حسابه في تويتر باللغة العربية: “لو تجرأ تبون على المغرب فسوف يصبح حسابه مع إسرائيل. وإسرائيل لا تمزح”. وكان مصري قد سبقها بتغريدة أخرى تقول: “إسرائيل مع المغرب ظالماً أو مظلوماً”.
التغريدات السابقة دفعت عدداً من المواطنين في الجزائر والمغرب إلى التراشق بالسباب والاتهامات، ورغم أن الأزمة بين البلدين لم تتجاوز قطع العلاقات جاءت تغريدة الأكاديمي الإسرائيلي وكأن ثمة حرباً بين البلدين!
أوضح المحلل السياسي الجزائري، الدكتور إسماعيل خلف الله أن الجزائر، في تصريحات خاصة لـ أوان مصر، تنتظر رد مقنع من الجانب المغربي، يتمثل في العدول عن موقفها المتحامل على الجزائر.
وأضاف أن هذا الموقف يتمثل في التغول والتجيش والاستقواء بنظام الكيان الصهيوني وربما بدول أخرى.
واكد أستاذ القانون الدولي، أن الجزائر الآن في انتظار رد مغربي مترجم لهذا العدول، وذلك من خلال أدلة على أرض الواقع، وليس مجرد تصريحات.
الشعب القبائلي
وقال خلف الله، أن الجزائر أمهلت وانتظرت دولة المغرب الشقيق، الوقت الكافي للتراجع والعدول عن موقفها المتحامل على الجزائر.
وأوضح خلف الله، في تصريحات خاصة لـ أوان مصر، أن موقف الجزائر بقطعها العلاقات مع الرباط، جاء بعد تقديم سفير المغرب في نيويورك عريضة، يدعي فيها بأن هناك شعب القبائلي وجمهورية للقبائل.
وأشار السياسي الجزائري، إلى أن بلاده كانت تنتظر رد مقنع من الجانب المغربي على هذا الأمر حتى وإن كان ردا شكليا، على حد وصفه.
ونوه إن إصرار دولة المغرب على موقفها، هو ما دفع بالجزائر إلى اتخاذ رد الفعل بقطع العلاقات مع الرباط، واصفا إياه بـ”الطبيعي”.
وأكد خلف الله، إن ذلك أتى كتعبير عن غضبها من الإساءة التي جاءت من دولة جارة وشقيقة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن قطع العلاقات لم يذهب إلى أبعد حدوده.
واستكمل حديثه، بأن الجزائر أبقت على المصالح القنصلية، والتعامل مع الجاليات بصورته الطبيعية للإبقاء على الأخوة والروابط بين الشعبين ثابتة ومتأصلة ومتواصلة.
أزمة الصحراء
من داخل البلدين أيضاً من يعمل على تأجيج الأوضاع، ففي المغرب جدد دبلوماسي رفيع المستوى تعليقات استشهدت بها الجزائر عندما قطعت علاقاتها مع الرباط الأسبوع الماضي، في خطوة قد تصعِّد من حدة الخلاف بين الدولتين.
قال عمر هلال، سفير المغرب لدى الأمم المتحدة في تصريحات نقلتها وكالة المغرب العربي للأنباء، إن هناك أوجه شبه بين النزاعات الدائرة في الأراضي الخاضعة لسيطرة المغرب في الصحراء الغربية وتلك الواقعة في منطقة القبائل الجزائرية.
ومن المرجح أن تدفع تصريحاته الجزائر للرد. وكانت أعلنت الأسبوع الماضي أنها قطعت العلاقات الدبلوماسية مع الرباط مع إبقاء القنصليات في البلدين مفتوحة.
والحدود بين المغرب والجزائر مغلقة منذ عام 1994 وأشارت الجزائر إلى أنها ستحول صادرات الغاز من خط أنابيب يمر عبر المغرب كان من المقرر تجديده هذا العام.
مكايدة سياسية
في السياق نفسه، اتهم عبداللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي، الجزائر بأنها تريد مغرباً فاشلاً للتحكم في المنطقة، مشيراً إلى أن نجاح المملكة يستفز الجزائريين.
وأوضح الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي، في لقاء مع صحيفة «هسبريس» المغربية، أن نجاح واستقرار المغرب وتخطيه أزمات مثل أزمة كوفيد 19، يستفز الجزائر، مضيفاً أن “نجاحات المغرب وبقاءه دون مشاكل يسبب الاستفزاز للجزائر”.
وجاءت تصريحات وهبي في حديث عن استعداد حزبه للاستحقاقات الانتخابية المقرر إجراؤها يوم الأربعاء 8 سبتمبر المقبل، بوصفها أول انتخابات في التاريخ السياسي للمغرب، تجرى في يوم واحد يجتمع فيها التشريعي بالجماعي، كما أنها ستجرى في ظل انتشار جائحة كورونا.
تحركات عاقلة
على النقيض ثمة تحركات مصرية – سعودية عاقلة لرأب الصدع بين البلدين، الأمر الذي تبلور في اتصال وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج الجزائري، رمطان لعمامرة مع نظيريه المصري والسعودي تناولا فيهما مستجدات الأوضاع العربية والدولية.
وفي تغريدتين له عبر موقع تويتر كتب لعمامرة: “تلقيت اتصالاً من أخي سامح شكري، وزير خارجية جمهورية مصر العربية الشقيقة، تباحثنا خلاله حول أهم مستجدات الأوضاع على الساحة المغاربية وسبل تعزيز العمل العربي المشترك”.
كما جاء في تغريدة أخرى لوزير الخارجية: “تلقيت اتصالاً من أخي صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود، استعرضنا خلاله العلاقات الثنائية الأخوية، كما تبادلنا وجهات النظر حول قضايا إقليمية ودولية تحظى باهتمامنا المشترك”.