رصدت عدسة «أوان مصر» مأساة أصحاب مهنة الحناطير بمنطقة البارودية ، بمحافظة الفيوم، منشأ المهنة وتم توريثها من الأجداد إلى الأبناء حتى يومنا هذا.
لكن بعد التكنولوجيا الحديثة لوسائل النقل والمواصلات، من سيارات التاكسي والتوكتوك والميكروباص، أصبحت مهنه الحناطير في الانقراض وعدم قدرة تكاليف أكل الاحصنة بعدارتفاع أسعار العلف.
الحنطور في الفيوم
أما حاليا، فقد تعرض الحنطور للاغتيال بسبب التعنت الشديد، في عدم الاعتراف بتلك المهنة، ورفض استخراج رخص لها، ورغم تلك المعاناه مازال هو الركوبة المفضلة للسائحين، عند ميدان السواقي رغم أنه مُطارد كأنه مجرم حرب، وقد تسبب التضييق عليه إلى استغناء الكثير من أصحاب المهنة، وبيع حناطيرها في محافظة بني سويف والاقصر.
قمة مجدها فى القرنين الـ 18و 19
سائقى الحناطير فى الفيوم وهم يشكون حالهم ويترحمون على أيام زمان بعد تدهور صناعة «الحناطير» وقلة عددها، بعد أن كانت فى قمة مجدها فى القرنين الـ 18و 19 وحتى خمسينات القرن الماضي ، حيث كان الحنطور هو وسيلة المواصلات المستخدمة فى مجتمع الباشوات والهوانم وكان رمزاً لمحافظة الفيوم رغم أن موطنه الأصلى إيطاليا ونُقل عن طريق الجاليات الأجنبية وسرعان ما أتقنه الأجداد إتقان يصعب الفصل فيه عن الأصل
وقال عم حسن صاحب احد الحناطير وهو يبلغ من العمر 65 سنة من أقدم سائقي عربات الحنطور فقال:
«أنا أعمل بالمهنة من 55 سنة، وكان يُسمح لنا بالسير بجميع شوارع المدينة، وكانت كل عربة تحمل لوحة معدنيه برقم مثل التاكسى والعربجي، كان يضع على وسطه حزام يحمل الرخصة والتصريح».
كانت عربة الحنطور الأكثر إنتشارا للركاب
وأضاف قائلًا، :«وكل شىء قانوني وكانت عربة الحنطور الأكثر إنتشارا للركاب والبضائع وكثيراً ما قمنا بزفاف العرائس زفاف ملوكي تشارك فيه 15 عربة بالورود مثل أفراح الملوك خارج مصر الآن.
كما كان الناس يزفون أولادهم قبل الختان، الآن أصبحنا نُطارد ومحظورين من السير فى شوارع المدينة ويتم سحب العربة وتوقيع غرامة لاتقل عن الف جنيه.
فمن أين أحصل على هذا المبلغ ؟ والحيوان يأكل فى اليوم الواحد بـ 80 جنيه أضافة إلى مبيت الخيل والعربة بالإسطبل 150 جنيه شهريا.
يتعاملون معنا كعربجي
ويضيف محمد أحد الشباب من قائدي الحنطور، هم يتعاملون معنا كعربجي الكارو وهناك فارق بن المهنتين، فلابد ان نُعامل كمهنة تراثية وليس مطاريد الجبل.
لا نملك قوتنا اليومي ولا تكاليف إطعام الخيل
وحاليا لا نملك قوتنا اليومي ولا تكاليف إطعام الخيل، ولا نملك مهنة غيرها، ومش عارفين نصرف على أولادنا حتى، لم نتمكن من صرف معاش فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أو معاش من التضامن الاجتماعي، تركت الرجل وحاله يعبر عنه الفنان عبدالمنعم مدبولى «طب يازمان العبر» .
وهو يردد ساعات الف أزف عرايس .. وساعات أدور مع نور عرسان .. وياما كان بيجيلى مزاج ألسوع العشاق كرباج ولما أقول «شى» الزفة تمشى، ولما أقول «هس» كله سمع .. هس، يرحم زمان وليالي زمان .
وهذه الكلمات العبقرية التى غناها عبدالمنعم مدبولى فى فيلم «مولد يا دنيا» هى لسان حال سائقى الحناطير فى الفيوم وهم يشكون حالهم ويترحمون على أيام زمان .
وأكثر من 3000 سائق حنطور باعوا عرباتهم خلال الـ7 سنوات الماضية، بعد وقف الحال –حسبما يقول أحدهم ويدعى “أ.ع” 35 سنة– ويضيف أنه ما زال يقوم بعمله على الحنطور أملاً فى العودة مرة آخرى لأيام زمان، والتى كان يقوم فى اليوم بأكثر من 5 جولات بالسائحين فى كل جولة 50 جنيه.
الحنطور والسياحة في الفيوم
ولكن الآن أكثر يوم يخرج بالحنطور 2 مراتين فى كل مرة 10 أو 20 جنيهًا وجميع الركاب مصريين، وايام كثير وله مشوار واحد حتى بناخذ على النوته اكل الخيل لما ربنا يفرجها وانتهت زيارات السياح بمدينه الفيوم منذ سنين طويله ولا نعرف اسباب اختفاء السياح الاجانب من الفيوم .
تأثر المهنة بالوضع الاقتصادي
وتحدث “ابو عزيزة” أحد أصحاب الحناطير بالفيوم لـ«أوان مصر» أنه يعمل فى تلك المهنة منذ 10 سنوات، وكان الحال أفضل من الآن لكن منذ الثورة وعزوف السائحين عن مصر عامة والفيوم خاصة ، وكذلك التدهور الاقتصادى وغلاء الأسعار جعل المواطنين يقررون المشى على الاقدام قائلاً إنه لو ظل الحال كما هو فسيبيع الحنطور والحصان ويبحث له عن مصدر دخل آخر لأسرته وأبناؤه.
الحناطير هتنقرض
واستكمل “الأسطى عم حسن” حديثه قائلاً: “أنا مقدرش أقولك أكتر من كده واسأل باقى زمايلى واعرف منهم اللى بنشوفه كل يوم، ولكن إحنا حاليًا وبوضعنا ده مهددين بترك المهنة، وهى فى طريقها للانقراض بسبب كل الأسباب اللى شرحتها ويا رب يفتحها على بلدنا وترجع الحالة زى ما كانت زمان والناس كلها تسترزق وتاكل عيش”.
إعداد دراسة بأوضاعنا
وطالب سائقي الحناطير من الدكتور احمد الانصاري محافظ الفيوم ومديريه الشئون الاجتماعية والتضامن الاجتماعي إعداد دراسة بأوضاعنا سائقى وأصحاب الحنطور بالفيوم لتقديم يد العون لنا خلال الفترة المقبلة، وتسهيل عملهم وعمل رحلات وبرنامج سياحة داخلى لمساعدتهم فى حياتهم، حيث أنهم يعتبرون من عصب العمل السياحى الداخلى بالمحافظة.